الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
أستاذ الآثار في جامعة القاهرة محمد حمزة الحداد

القاهرة - رضوي عاشور

كشف باحثون أثريون، أن "أساليب التعذيب ليست حديثة عند المصريين، حيث تفننوا في تعذيب شعوبهم وقمعهم باستخدام وسائل للتعذيب، ولم يكن أحد ليتخيل وجودها في مصر القديمة، ولم يكتفِ ملوك الفراعنة بذلك لتأمين ملكهم، بل تخطوه إلى إحاطة أنفسهم بالجلادين، والآلاف من  رجال الشرطة، كما تباهوا بمشاهد التعذيب على حوائط مقابرهم وفى ساحات المعابد، وحتى على أوراق البردي، وكأنهم يريدون أن يشهد التاريخ على قوتهم وبطشهم".وأكدوا أن "الغريب في الأمر، أن المشهد قديمًا لم يختلف كثيرًا عن المشهد في مصر الحديثة، بينما يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، حيث مشاهد التعذيب، التي تم تثريبها من أقسام الشرطة، وغرف التعذيب في أمن الدولة، فتقسيمات الشرطة قديمًا لا تختلف عن تقسيماتها في عصرنا الحالي، وأن كان موجود، ولكن تحت مسميات أخرى، حيث قسمت إلى حرس ملكي، وشرطة، وكلاب بوليسية، واقتفاء الأثر، وشرطة خيالة، ومرشدين، وبحث جنائي، وشرطة حماية الجبانة، وحتى الشرطة النيلية".
في البداية، أكَّد أستاذ الآثار في جامعة القاهرة، محمد حمزة الحداد، أن "المصريين القدماء أول من حاكموا لصوص الآثار والمقابر القديمة، حسب إحدى البرديات التي اكتشفها سليم حسن، ووصفها في كتابه "موسوعة مصر القديمة"، والبردية التي ترجع إلى العام 1130 قبل الميلاد، تضمنت تحقيقًا رسميًّا، ومحاكمة 35 لصًّا قاموا بنبش القبور، والتوابيت، وسرقوا الأثاث، والحلى والذهب والفضة، والأشياء الثمينة التي كانت تدفن مع الملوك في مصر القديمة، وتعد تلك الواقعة أول سرقة لقبور الفراعنة يتم التحقيق فيها".وأضاف الحداد، "ولأن الفرعون مُقدَّس حيًّا وميتًا، ولا يصح لمثل هؤلاء اللصوص أن يدنسوا قبره أجبر رجال الشرطة المتهمين على الاعتراف عن طريق الضرب بالعصى، ولي الأيدي والأرجل في مشهد أقرب إلى التعليق في "الفلكه"، وبعد أن انتهى جلادوا الشرطة من انتزاع الاعترافات من المتهمين، قاموا برفع التحقيق إلى الفرعون، ليرى بشأنه ما يراه سواء بالحفظ أو بتنفيذ العقوبات".
وأكمل الحداد، أن "إحدى البرديات حكي قصة توقيف أحد اللصوص، ويدعى أمن بنفر، والذي استطاع بمعاونة أصدقائه سرقة إحدى المقابر الملكية، وكانوا يقتسمون الذهب والفضة والأشياء الثمينة، واعترف اللص بأنه سرق 140 كيلوغرامًا من الذهب في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الجوع حيث تمت السرقة بمشاركة ثمانية من اللصوص، ووضع في سجن دار العمدة في طيبة، ولكنه استطاع الخروج من محبسه بعد أن قدم نصيبه من الذهب والفضة كرشوة إلى كاتب المركز، فأطلق سراحه، ولحق برفاقه، وحكا لهم ما جرى، فعوضوه عما فقده، واستمر يزاول سرقة القبور الأشراف، والأهالي في منطقة وادي الملوك، واعترف المتهم بأن عددًا كبيرًا من أهل البلاد كانوا يسرقون المقابر وشركاء له في السرقات".وتلك لم تكن حالة الفساد الوحيدة لدي الشرطة قي مصر القديمة، حيث رصد عالم المصريات، بسام الشماع، بردية تشبه ملفات أمن الدولة، والتي تم تسريبها، حيث تصف أول حالة خيانة، والمعروفة تاريخيًّا باسم مؤامرة "الحريم"، وهي واقعة للخيانة، وكانت لقائد يدعى، بي بس، الذي حاك مؤامرة بالتعاون مع إحدى زوجات الملك و30 من النساء والرجال العاملين في القصر، وعلى رأسهم رئيس الخزانة، ومدير القطيع، وبعض القادة من الحرس الملكي، وستة من زوجاتهم للإطاحة بالملك، وقتله لتولى ابن تلك السيد العرش، وكان هذا في عصر الملك رمسيس الثالث، والذي عرف عصره الكثير من القلائل إلا أن تلك المؤامرات باءت بالفشل، وتم الحكم على رجال الشرطة بقطع أنوفهم وآذانهم، ولقسوت الحكم فضل أحد القادة الانتحار.
وتابع الشماع، أن "هناك بردية أخرى تم اكتشافها في مقبرة أحد الكهنة، في أخميم، ترجع إلى العصر البطلمي، وموجودة حاليًا في المتحف البريطاني، وتصف أول معتقل سياسي، الذي كان يدعى عنخ شيشونقي، وكان أحد كهنة الأسرة الـ26، من العام 664 إلى 525 قبل الميلاد، تلك الأسرة المعروف عنها إعادة أمجاد الأجداد، وبعث القومية الوطنية، وعلى الرغم من ذلك إلا أن ذلك لم يشفع لشـيشونقي، معرفته بالمؤامرة التي كانت تحاك ضد الملك، ولم يبلغ عنها، وعلى الرغم من أن الشرطة الملكية أو ما يعرف بالحرس الجمهوري، في أيامنا، استطاعوا توقيف المتآمرين، ونفذوا فيهم حكم الإعدام إلا أن الملك أمر بحبس الكاهن بتهمة التستر على الخونة.واستطرد، "داخل معتقله كتب الكاهن على قطع فخارية من بقايا الزجاجات المحطمة الموجودة لديه، لعدم توافر أوراق البردي المرتفعة الثمن، وفيها روى قصته، والتي ذكر فيها أن بعض العاملين في القصر اتفقوا ليضعوا الملح على الجرح، وعندما سألني صديقي طبيب الملك ماذا فعلت مع المتآمرين، رددت بأني رفضت لأن الملك فعل لأجلي الكثير، ولأن صديقي طبيبًا مهمًا في القصر، فقد سأله الملك واعترف عليَّ"، مضيفًا "بعد القبض عليًّ قال لي الملك، أكلت خبزي وسمعت شيء ضدي، ولم تقل لي، وأمر بأخذي إلى بيوت العقاب بصحبة عدد من الحراس، وفي يوم عيد اعتلاء العرش، تم الإفراج عن كل المعتقلين إلا أنا".
وعن وسائل العقاب عند المصري القديم، أوضح الشماع، "شهدت الأسرة السادسة بداية مناظر العقاب للخارجين عن القانون، حيث شهدت مقبرة  "ميري روكا" في سقارة، منظر على الجدار الأيسر، منحوت عليه مشهد لاثنين مربوطين في عمود بجوار عدد من المساجين والحرس، ويرفع العصى لترهيبهم، كما رصد المشهد مجموعة من الكتبة يدونون عدد الجلدات أو يدونون جرائم هؤلاء، والتي كان غالبها التهرب من دفع الضرائب، كما شهدت مقابر بني حسن في المنيا، مشهد آخر لمتهم يُعذَّب بطريقة تشبه تمامًا ما تم تداوله على مواقع الإنترنت لمتهمين يُعذَّبون داخل إحدى السجون المصرية أخيرًا، حيث صور المشهد سجين يركع واضعًا يده على كتفه، وهي هيئة تدل على الإذلال والمهانة عند المصري القديم، كما يمسكه الشرطي من عنقه، كما يتناول المشهد رجل آخر مُمدَّد على الأرض، ويمسكه أحدهم من قدميه، بينما يمسك شرطيان آخران بذراعيه، بينما تم وضع عصى تحت رقبته، حتى لا يحني رأسه متألمًا، وبجوار كل هؤلاء وقف شرطي بعصا لضرب المتهم على مؤخرة ظهره".
وأضاف الشماع، "حتى المرأة لم تسلم من العقاب عند المصري القديم، كما لم تسلم عند المصري الحديث، حيث رصدت مقابر "بكت الثالث" في بني حسن، في المنيا، مشهد ملون يعود إلى 1990 ق.م، لامرأة منحنية، ويضع الجلاد يده على رأسها حتى لا تتحرك، ويهم بضربها بالعصا، وهي تحمل رضيعًا، ولأن التعذيب هو سيد الاعتراف، تم تعذيب سيدة أخرى، اتهمت بسرقة مقابر، وأنكرت تهمتها، فتم ضربها بخشبة، وتعذيبها باستخدام مسمار لولبي يشبه الخازوق، وتحت التعذيب اعترفت أنها أخفت المسروقات في منزل زوج أختها، كما احتوت إحدى البرديات على قسم أحد المتهمين المتخوفين من التعذيب، حيث قال؛ "أقسم بآمون لو وجدتم أن لي علاقة بأي من اللصوص فلتجدع أنفي، وتقطع أذني، ولاضع على الخازوق".
وأكمل الشماع، "كان المصري القديم يعاقب بالحبس والجلد والنفي إلى "ثارو" في سيناء، وهي قلعة كبيرة قريبة من منطقة القنطرة، أو النفي إلى السودان، كما كان يحكم على بعض المتهمين بأن يعدم نفسه بيديه، كما شوهد على إحدى المعابد توثق لأول "كلابش" في التاريخ، قام من خلاله الجنود بتقييد يدا اثنان من الأسرى، والغريب أن شكله لا يختلف عن مثيله في أيامنا".

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

"معبد الأقصر" يتزين بلوحة فنية تعود إلى عام 1800…
فنان يحول منازل قرية مصرية مهجورة منذ عشرات السنوات…
بسّام الحجار يجسد منحوتات فخارية وحجرية شخصيات تاريخية عربية
مصري يفوز بجائزة أفضل كتاب في التاريخ الاجتماعي من…
الاحتفاء بعيد الموسيقى العالمي بحفل فني من طراز الزمن…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة