الرباط_محمد أحمد
أكد مفكرون وباحثون شاركوا في ندوة دولية نظمتها حركة "التوحيد والإصلاح" الجناح الدعوي لحزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة المغربية، السبت في العاصمة الرباط، على ضرورة التجديد الفكري للحركة الإسلامية في البلدان المغاربية لمواكبة التطورات السياسية التي طرأت على المنطقة بعد ثورات الربيع العربي، والتي أوصلت الإسلاميين إلى الحكم في بعض البلدان.
ودعا المفكر المصري، فهمي هويدي، في مداخلة في الندوة المنظمة حول موضوع "أبعاد التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر: المشروع الرسالي لحركة التوحيد والإصلاح نموذجا"، الحركة الإسلامية إلى الانتقال من خطاب الدعوة والوعظ الديني إلى تقديم الخدمات للمجتمع، والانفتاح على باقي القوى السياسية، عوض الانغلاق على الذات، وأثنى الهويدي في مداخلته بعنوان "أبعاد التجديد الفكري عند الحركة الإسلامية"، على تجربة حركة التوحيد والإصلاح المغربية، التي اعتبرها سباقة إلى التمييز بين الدعوي والسياسي، مشيرا إلى أن الدول العربية والإسلامية تحتاج إلى حركة إسلامية لا تأخذ الإسلام كله دون مراعاة التخصصات
وشدد هويدي، على نجاعة سياسة التخصصات في عمل الحركات الإسلامية، والتي تعد حركة التوحيد والإصلاح من أبرز الحركات التي تشتغل بفلسفة التخصصات، كما أكد هويدي، أن مسألة التخصص والتمييز بين من يشتغلون بالدعوة والسياسة والثقافة والفن يسمح بتواصل راق وحضور قوي للحركات الإسلامية في مختلف المجالات، داعيا الحركات الإسلامية إلى عدم الاكتفاء بالاشتغال على الدعوة والانتقال لخدمة الناس والمجتمع، معتبرا أن المجتمع في حاجة إلى حركة إسلامية تفيدهم ولا تعظم، مؤكدا أن "الانتقال من الوعظ إلى الخدمة والقوى الناعمة التي تمثل خطة بعيدة المدى تستثمر في أجيال"
ومن جهته، قال المفكر التونسي الدكتور عبد المجيد النجار، إن الحركات الإسلامية في حاجة إلى اختيار جملة من المقاصد والتركيز عليها، مثل مقصد الحرية والشورى والأمن الاجتماعي، وأشار النجار في مداخلة بعنوان "أبعاد التجديد في الفكر الاسلامي المعاصر"، إلى أن النظرة المقاصدية عند بعض الحركات الاسلامية تحتاج إلى مراعاة الواقع الانساني المعقد والمتشابك، داعيا الحركات الاسلامية إلى اعتماد مقصد الشراكة في تدبير الشأن الوطني، كما طالب بضرورة التعامل مع القوى الخارجية بشكل حكيم في حدود لا يمس باستقلالية قرارها.
وكشف وزير الخارجية المغربي السابق الدكتور سعد الدين العثماني، ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب)، عن مسار حركة التوحيد والإصلاح منذ التأسيس والعمل في السرية إلى تشكيل حزب سياسي والوصول إلى قيادة الحكومة المغربية، وقال العثماني "في ثمانينيات القرن الماضي بدأ داخل الحركة النقاش في النظرة المقاصيدية وبدأت هذه القواعد تدخل في استعمالاتها اليومية تدريجيا، واحتلت كتابات العز بن عبد السلام والشاطبي مكانة متقدمة في الشواهد والنصوص الحجاجية عند الحركة"، وأضاف "وانتهت الأمورإلى جملة من القواعد والأفكار تحيل على التجديد في فكر الحركة أهمها أن الفقه في ميزان السياسية الشرعية مقاصدي بامتياز، وأن المجال الدعوي ينطبق عليه ما ينطبق على السياسة الشرعية"
وأوضح العثماني أن التجديد هو علاقة تفاعلية بين قراءتنا للوحي وقراءتنا للكون (الوحي المنظور)، حيث أنه لا مقاصدية بدون التجديد ولا تجديد بدون فكر مقاصدي، مشيرا إلى أنه جهد مستمر لتطوير هذا الانسجام بحيث بقدر ما تتطور إنتاجات العقل البشري بمفهومه العام من حيث المناهج والمقاربات والأفكار والمعلومات يتطور فهم الوحي، وأكد أن التجديد عند الحركة الإسلامية، ساهم في تطوير رؤيتها للحضارة المعاصرة والمرأة وحقوق الإنسان، حيث شكلت هذه المواضيع تحديا كبيرا لها بفعل ضغوط الاجتهاد الفكري الغربي ما أدى إلى إعادة النظر في المقولات السابقة للحركة الاسلامية حول هذه المواضيع، مؤكدا أن هذه الجدلية ستستمر وفقا لمقتضيات الحكمة البشرية.