الدار البيضاء - حاتم قسيمي
علم "المغرب اليوم" من مصادر خاصة داخل حزب "الاستقلال" المغربي المعارض أن هذا الأخير يتجه، برئاسة أمينه العام الحالي حميد شباط، نحو طرد الأمين العام السابق للحزب امحمد بوستة، والذي يعتبر من أحد القادة التاريخيين للحزب، وكان الأقرب إلى الملك الراحل الحسن الثاني.
وأكدت مصادر أنه تم التداول في كواليس اجتماع اللجنة التنفيذية الذي عقد أخيرًا، قرار الطرد في حق عضو مجلس الرئاسة لحزب "الاستقلال" امحمد بوستة، ردًا على دعمه وحضوره لندوة جمعية "بلا هوادة" المنبثقة من تيار "بلاهوادة" للدفاع عن الثوابت، المعارض للأمين العام حميد شباط من داخل الحزب.
واختار امحمد بوستة أن يتوارى عن الأنظار منذ سنوات عدّة، ليتابع من بعيد ما يختمر في الساحة السياسية المغربية من أحداث، ومع ذلك، ظل اسمه حاضرًا بقوة في الشأن الاستقلاليّ، ليس لأنه أحد أعضاء مجلس رئاسة حزب صاحب كتاب "النقد الذاتي" وحسب، بل لأن الاستقلاليين ما يزالون يعتبرونه مرجعًا لهم، باعتباره رفيقَ درب قائدِهم الأبرز، علال الفاسي.
وسيظهر اسم محمد بوستة، للمرة الأولى، ضمن تشكيلة حكومية في يوليوز 1958، يوم عين وكيلا في وزارة الشؤون الخارجية، وستتم ترقية بوستة في الحكومة، التي ترأسها الملك الحسن الثاني في العام 1961، إلى وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، ثم صار وزيرًا للعدل في الحكومة اللاحقة التي تولى فيها علال الفاسي مسؤولية وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الإسلامية، ثم وزيرًا للخارجية.
وفي غالبية المحاكمات السياسية التي عرفها المغرب قبل إعادة تطبيع العلاقات بين القصر والمعارضة، كان النقيب محمد بوستة يواجه من يعتبرهم خصوم الديمقراطية الذين كانوا يزرعون الأشواك في الطريق، وارتبط اسمه بالدفاع عن حرية التعبير في المحاكمات، كما كان مكتبه في الرباط يتطوع للدفاع عن معتقلي الحرية النقابية وعن المزارعين الذين كان الإقطاع يقضم أراضيهم بطرق غير مشروعة.
ومن شارع علال بن عبد الله في الرباط، كان نقيب المحامين محمد بوستة، الذي حافظ على مكتبه الذي تخرج منه محامون بارزون، وفي مقدمتهم عباس الفاسي الوزير الأول الحالي، يتجه إلى مكاتب جريدة "العلم" و"لوبنيون" في نهاية الشارع ذاته، ليتفقد أوضاع العاملين. وإذ يحسب لبوستة أنه أدخل دماء جديدة على قيادة الحزب، فإن اختياراته لم تكن تصب في اتجاه تشكيل فريق من الموالين، لذلك حين قرر الاعتزال واختير آخرون في رئاسة مجلس الحزب، بدا كأنه يكتفي بدور المراقب.
وربما كان يعول على دور أكبر لنجله الذي أصبح عضوًا في البرلمان، غير أنه لم يعين وزيرًا مثل أقارب آخرين، وتلك مسألة يعتقد أنها ترجع إلى معالم فترة كان بوستة قد ابتعد فيها عن الواجهة، وإن لم تبتعد الواجهة عن اهتماماته في القضايا الكبرى.
وكانت مرحلة توليه الخارجية من أصعب الظروف التي كان على المغرب خلالها أن يدير ملف الصحراء، من منطلق صراع أيديولوجي أملته اعتبارات الحرب الباردة، لكنه صارع على واجهات عدة، من بينها مجالات انفتاح المغرب الكبير على قضايا العالمين العربي والإسلامي.
ولدى الحديث عن سلسلة مفاوضات سياسية سرية مع الجزائر، ركزت على قضية الصحراء، يبرز اسم محمد بوستة كأحد المفاوضين الكبار.