الرباط - علي عبد اللطيف
كشفت مختلف التصريحات، وخلفيات تلك التصريحات أن شيئًا ما غير عادي يجري تحت جسر التحقيق الذي أمر به العاهل المغربي محمد السادس في فاجعة طانطان إثر احتراق حافلة للنقل، ووفاة 35 شخصًا جلهم من الأطفال، من أجل كشف الحقيقة كاملة، وتحديد المسؤوليات عن الحادث في أفق ترتيب الجزاءات على المسؤولين.
أولى هذه التصريحات التي تؤشر على أنه هناك أمر ما لا يروق بعض الساسة أو الذين يريدون أن تظهر الحقيقة في موضوع احتراق الحافلة، هو الذي أدلى به وزير النقل المغربي محمد نجيب بوليف، الذي قال إن الحادث أكبر من حادثة سير عادية، مُلمحًا إلى أن حادثة سير عادية لا يمكن أن تحترق برهة ولا يمكن أن تحرق أجساد الكثير من الأطفال في رمشة عين دون أن تتاح لهم الفرصة في مغادرة كراسيهم التي التهبت حريقًا.
وبالإضافة إلى هذا التصريح، طالب رئيس كتلة العدالة والتنمية في مجلس النواب عبد الله بوانو بضرورة أن يكون الإشراف على التحقيق الذي أمر به العاهل المغربي مركزيًا، محذرًا من أن يتم التلاعب بالتحقيق على الصعيد المحلي.
ويؤشر هذا التصريح إلى أن بعض الساسة متخوفون جدًا من أن يتم إعلان نتائج التحقيق تخيب آمال المغاربة، فيما أكدت بعض مصادر "المغرب اليوم" بأنه تحوم بعض الشبهات حول استعمال المال من بعض الجهات على المستوى المحلي، لاسيما في العيون وطانطان من أجل التأثير على نتائج التحقيق الذي أمر به الملك.
ولمح المصدر إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الشاحنة التي اصطدمت بحافلة لنقل الركاب كانت تحتوي على صهريج صغير إضافي في أسفل الشاحنة وفوقه بعض التجهيزات والبضائع، ويبلغ علو هذا الصهريج حوالي 9 سنتمتر من العلو وحوالي مترين من العرض وطول الصهريج هو طول عربة الشاحنة التي تحمل البضائع، مؤكدًا هذا الوصف لهذا الصهريج كان محملًا بالبنزين القابل للاحتراق بسرعة كبيرة جدا، وهو ما يرجح أنه أدى إلى اشتعال الحافلة بسرعة البرق.
وعبر بوانو عن انزعاجه من البلاغ الذي أصدره وزير "الداخلية" محمد حصاد، مشددًا على ضرورة أن يكون التحقيق في الحادث "شفافًا"، ومطالبًا بعدم التشويش على التحقيق في أي بلاغ أو تصريح، في إشارة إلى بلاغ وزارة "الداخلية" التي أكدت أن الشاحنة ليست صهريجية.
وفي إشارة إلى بلاغ أحد فروع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جنوب المغرب الذي جاء ردًا على اتهامات وجهتها بعض الأصوات خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي بكون الشاحنة تعود في ملكيتها إلى عبد الوهاب بلفقيه عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، في حين رفض حزب الاتحاد توجيه الاتهامات لــ "بلفقيه" في غياب نتائج التحقيق.
بالإضافة إلى ذلك، شدد برلمانيان ينتميان إلى منطقة الصحراء على ضرورة أن يكون التحقيق مركزيًا وشفافًا، بحيث حذر البرلماني الكنتاوي من طمس نتائج التحقيق وتخوف من أن يكون مصير التحقيق في فاجعة طانطان مثل مصير لجنة تقصي الحقائق حول فيضانات الجنوب الذي أفشلته المعارضة لأنها دخلت في نزاع بيني أدى لحد الآن إلى تقديم رئيس اللجنة استقالته.
أما البرلماني محمد سالم البيهي طالب في جلسة البرلمان، بأن تأخذ شهادة بعض الناجين والسائق الثاني للحافلة، بعين الاعتبار، مطالبًا بالكشف عن اسم الشخص الذي يتعامل مع الشاحنة بالعيون، ولم يستبعد ذات البرلماني أن تكون الشاحنة "من أسطول تهريب المحروقات"، مطالبًا الدولة بحماية الطريق من مهربي المحروقات التي تعتبر كل ناقلة ترهب هذه المواد قنبلة موقوتة قابلة للانفجار على الطريق في أي وقت.
وفي الوقت الذي لا يزال التحقيق جاريًا، حمل الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض حميد شباط، مسؤولية فاجعة طانطان لوزير "التجهيز والنقل واللوجستيك" عزيز الرباح، لكن عاد بعد ذلك قائلًا لا يمكن تحميل المسؤولية لأي جهة في حادث طانطان إلى أن ينتهي التحقيق.
لكن وزير "التجهيز والنقل واللوجستيك" خرج عن صمته في الحادث ورد على شباط قائلًا "أن الكبار يتعاملون مع فاجعة طانطان بروح كبيرة، والصغار يتعاملون معها بصغر السلوك"، قبل أن يؤكد ذات الوزير بأن الحادث لا علاقة له بالطريق.