غزة – محمد حبيب / وليد أبو سرحان
يُصادف السبت الذكرى السنوية الثالثة لصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الجندي المخطوف غلعاد شاليط المشهورة بصفقة "وفاء الأحرار" والتي تُعد أضخم عملية تبادل تمَّت بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، حيث أفرج الاحتلال بموجبها عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الإفراج عن الجندي غلعاد شاليط الذي اُسِرَ خمس سنوات لدى المقاومة الفلسطينية.
وعمَّت الأفراح حينها كل بيت فلسطيني في الداخل والخارج، حيث كانت المقاومة الفلسطينية تمكّنت من أسر الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط، من دبابته في موقع كرم أبو سالم العسكري شرق محافظة رفح جنوب قطاع غزة في الـ25 من يونيو/ حزيران 2006، بعد أن قتلت وجرحت عددًا من الجنود.
وتأتي هذه الذكرى على الشعب الفلسطيني في الوقت الذي تمكّنت فيه كتائب "القسام" من أسر الجندي شاؤول أرون الذي أسرته في الحرب الأخيرة على غزة، بينما كشف القيادي في حركة حماس والمبعد عن مدينة القدس النائب محمد عطون، في تصريحات إعلامية، عن قرب إتمام صفقة لتبادل الأسرى بين "حماس" وحكومة الاحتلال.
ومن جهة أخرى، أكد القيادي في "حماس" عضو المكتب السياسي للحركة محمد نزال، أنَّ المعركة التفاوضية بشأن تبادل الأسرى ستدشّن قريبًا، ولا معلومات مجانية حول عدد ووضع الأسرى من جنود الاحتلال المتواجدين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
وشنَّ جيش الاحتلال بعد ساعات على أسر الجندي غلعاد شاليط في 2006 حربًا مدمِّرة على قطاع غزة استهدفت فيها الجسور والمباني الحكومية والحيوية ومحطة توليد الطاقة الوحيدة في قطاع غزة، وأسفرت تلك الغارات التي استمرت عدة أيام عن استشهاد 277 شخصًا وإصابة المئات.
ولم ينجح الجيش، في العثور على الجندي، بل ولم يستطع الوصول إلى طرف معلومة تمكن أجهزة مخابراتها من العثور عليه في قطاع غزة التي تتكون مساحته من 360 متر مربع ومحاصر من ثلاث جهات ويفتقد لأي تضاريس يمكنها أن تساعد المقاومة في تحركاتها.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي خرقه المتواصل لبنود صفقة شاليط الذي تم برعاية وضمانات مصرية، والذي ضمن لهم الأمن وعدم عودتهم إلى السجن مرة أخرى, حيث لا يزال يعتقل 63 أسيرًا محررًا من الذين أطلق سراحهم ضمن الصفقة التي تمَّت في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2011 ، بينهم 3 من الأسيرات.
وأوضح الناطق الإعلامي لمركز أسرى فلسطين الباحث رياض الأشقر في بيان صحافي، أنَّ التضييق على محررين صفقة وفاء الأحرار لم يكن نتيجة حادثة اختفاء ومقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل قبل أربعة أشهر، إنما بدأ بعد إتمام الصفقة بشهرين فقط، بإعادة اعتقال بعضهم بحجة عدم حضورهم إلى مقار الإدارة المدنية أو خروجهم من مناطق سكناهم، واستدعاء آخرين للمقابلة، وحجزهم لأيام والتحقيق معهم، وإطلاق سراحهم.
وبدأ الاحتلال مسلسل الاعتقال الإداري الطويل بالأسير المحررأيمن إسماعيل الشراونة، من الخليل في نهاية كانون الثاني/ يناير من العام 2012، أي بعد ثلاثة أشهر من إتمام الصفقة.
وأفاد الأشقر بأنَّ العدد الأكبر من هؤلاء المحررين تم اختطافه بعد الحادثة الشهيرة في الخليل، حيث اختطف الاحتلال منهم 65 محررًا دفعة واحدة، وأطلق سراح اثنين وهما الأسير المحرر إبراهيم جابر من الخليل، اعتقل بتاريخ 5/8/2014 ، وأطلق سراحه في 12/8/2014، والأسير المحرر عثمان مصلح من سلفيت اعتقل بتاريخ 18/6/2014، و أفرج عنه في 17/8/2014، بعد أن تراجعت النيابة العسكرية الإسرائيلية عن طلبها بسحب رخصة الإفراج عنه ووافقت على إطلاق سراحه، بينما لا يزال 63 محررًا معتقلين لدى الاحتلال.
من جهتها, أكدت حركة حماس وعلى لسان أكثر من قياديي موعدًا جديدًا مع صفقة تبادل أسرى جديدة مع الاحتلال على غرار وفاء الأحرار 1، حيث قال القيادي في الحركة مشير المصري "إنَّ الشعب الفلسطيني على موعد مع صفقة "وفاء الأحرار 2" لتحرير الأسرى "مقابل الجنود الأسرى لدى المقاومة أثناء معركة العصف المأكول".
وأكد المصري أنَّ المفاوضات الغير المباشرة ستصنع صفقة جديدة لتحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى، مشددًا على أنَّ المقاومة ستبقى الوفية لدماء الشهداء وآهات الأسرى، مشيرًا إلى أنَّ حركته ستمضي بالمفاوضات الغير المباشرة مع الاحتلال، لنيل جميع مطالب الشعب الفلسطيني للعيش بحرية وكرامة، مبينًا أنَّ لدى حركته وفصائل المقاومة أوراق قوة ستجبر الاحتلال على الرضوخ للمطالب الفلسطينية.
كما أكّد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أنَّ الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي هم "سيوف الحق التي نقاتل بها, ولا زلنا سيوف الحق في عالم الحرية نبحث كيف نحرر الأسرى".
ومع مرور الذكرى السنوية الثالثة لصفقة وفاء الأحرار ينتظر الشعب الفلسطيني وبفارغ الصبر صفقة "وفاء الأحرار 2" والتي من الممكن أن تكون قريبة، خصوصًا بعد إعلان كتائب "القسام" عن أسرها الجندي "شاؤول آرون" في معركة العصف المأكول الأخيرة.
يُشار إلى أنَّ الاحتلال اغتال في عدوانه الأخير على غزة القائدين البارزين في الكتائب محمد أبو شمالة ورائد العطار المتهمين بالوقوف وراء عملية أسر الجندي غلعاد شاليط تخطيطا وتنفيذًا.
يُذكر أنَّ كتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس" أعلنت في العشرين من تموز/ يوليو الماضي أنَّها تمكّنت من أسر جندي إسرائيلي في الحرب الأخيرة على القطاع.
وأكد أبو عبيدة المتحدث باسم الكتائب في حينها، أنَّ الجندي شاؤول أرون أصبح في قبضة المقاومة أثناء المعارك مع جنود الاحتلال في حي التفاح شرق غزة، وتابع قائلًا" إنَّه يتحدّى العدو بأن ينفي خبر خطف الجندي وأنَّ الاحتلال لم يعلن فقدانه ضمن إخفائه لخسائره".