واشنطن ـ عادل سلامة
دعت منظَّمات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الاتصالات الخاصة، بعد أن تم الكشف عن أن أجهزة المخابرات الأميركيَّة والبريطانيَّة اخترقت وتجسَّست على أنظمة أكبر شركة في العالم لإنتاج شرائح الهاتف المحمول، وتمكَّنت من الوصول إلى مليارات من الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم بلا قيود".
وتمكنت وكالة الأمن القومي "NSA" الأميركية وهيئة الاتصالات الحكومية البريطانية "GCHQ"، من اختراق شركة "جيمالتو" الهولندية، أكبر شركة مصنعة لشرائح الهاتف المحمول في العالم، وسرقة مفاتيح أو أكواد التشفير التي سمحت لهم سرا بمراقبة المكالمات الصوتية والبيانات، وذلك وفقا للوثائق التي كشف عنها حديثا المبلغ عن الفساد والمتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن.
وأعطى اختراق أنظمة الهواتف المحمول أجهزة المخابرات البريطانية والأميركية القدرة سرا على مراقبة جزء كبير من الاتصالات الخلوية في العالم، والذي وصفه خبراء بأنه انتهاك للقوانين الدولية.
وقالت المديرة القانونية لمنظمة العفو في المملكة المتحدة راشيل لوغان: يبدو أن مزاعم الاختراق الجماعي للأنظمة الخلوية، تعد أحدث كشف مثير عن مدى تجاوز هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية للحدود، ويجب أن تتوقف هذه الأجهزة بالتظاهر بتنفيذ القانون، الذي لا يُطبق عليهم.
وقال محامي مؤسسة الحدود الإلكترونية مارك رومولد: إنه لا يوجد أدنى شك أن وكالات التجسس قد انتهكت القانون الهولندي وبصفة عامة تجاوزت القانون في العديد من الدول الأخرى، عندما استخدمت مفاتيح أو أكواد الاختراق للتجسس، وأضاف "لديهم المعادل العملي لمفاتيح منزلنا، مما له آثار خطيرة على الخصوصية، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن على الصعيد الدولي".
ومن المرجح أن يتسبب حجم الاختراق وانتشاره الدولي في إعادة فتح ملفات شائكة في السلك الدبلوماسي، بحيث واجهت إدارة أوباما انتقادات حادة من قبل ألمانيا والبرازيل وغيرها من الدول عقب التسريبات التي كشف عنها " سنودن"، وظلت تعمل بجهد في الآونة الأخيرة لإصلاح الأمر.
وأظهرت الوثائق السابقة التي كشفت عنها صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن "المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كانت هدفا لحملة تجسس وكالة الأمن القومي، وهو الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا، واتهم الرئيس البرازيلي ديلما يوسف، وكالة الأمن القومي الأميركية، باختراق القانون الدولي".
وقال ماثيو جرين (أستاذ باحث في معهد جامعة جونز هوبكنز لأمن المعلومات): إنه يعد اختراق كبير، والمشكلة أن هذه الانتهاكات لم تزل مستمرة.
وقالت مؤسسة الشبكة العالمية التي أسسها مخترع الويب تيم بيرنرز: هذا الاختراق يعد علامة أخرى مثيرة للقلق لأن هذه الوكالات تعتقد أنها فوق القانون.
وتنتج شركة "جيمالتو" (المستهدفة من قبل وكالات التجسس) قرابة 2 مليار شريحة محمول سنويا للعملاء، وتعمل في 85 بلدا حول العالم، وتوفر بطاقات لقرابة 450 من مزودي شبكات الإنترنت على مستوى العالم.
وتسمح مفاتيح التشفير المسروقة لوكالات الاستخبارات لمراقبة الاتصالات المتنقلة دون موافقة أو معرفة شركات الاتصالات والحكومات الأجنبية.
وقال كريس سوجيان (من الاتحاد الأميركي) للحريات المدنية لصحيفة "الجارديان"، إن الإختراق يسمح لهذه الوكالات للتجسس على السفارة في برلين، والاستماع إلى مكالمات أي شخص في المنطقة.
وقالت إيما كار مديرة "Big Brother Watch" إيما كار: إن هذه الإجراءات تقوض تماما السلطة الأخلاقية في المملكة المتحدة عندما نتحدث عن أهمية حرية استخدام شبكة الإنترنت، مضيفة أن "فشل التصدي لهذه الادعاءات بالشكل المناسب، يجعل من الثقة التي يفترض أن يضعها الجمهور في الحكومة ووكالات التجسس، أمرا مثيرا للسخرية".