بنغازي ـ فاطمة السعداوي
قضت المحكمة الليبية العليا الخميس، بحل البرلمان المنبثق من انتخابات 25 حزيران/ يونيو، رغم نيله الاعتراف من المجتمع الدولي، الأمر الذي من شأنه مفاقمة الأزمة في هذا البلد الذي تسوده الفوضى وأعمال العنف. ويعكس هذا القرار الذي فاجأ المراقبين حدة الفوضى السائدة في ليبيا حيث تسيطر ميليشيات "فجر ليبيا" على عاصمتها وتدور معارك عنيفة في بنغازي، ثاني كبرى مدن البلاد، فيما أعرب عدد من النواب رفضهم قرار المحكمة.
وأفادت وكالة الأنباء الليبية أنَّ "الدائرة الدستورية في المحكمة العليا تقبل الطعن في عدم دستورية الانتخابات" وأصدرت بالتالي حكمًا "يقضي بحل البرلمان"، ويأتي القرار بعد أن قدَّم نائب إسلامي طعنًا في دستورية قرارات البرلمان.
كما قبلت المحكمة أيضًا على نحو مفاجئ الطعن بشأن تعديل الدستور الذي أدّى إلى انتخابات 25 حزيران/ يونيو ما يلغي الاقتراع وكل النتائج الناجمة عنه، كما أنَّ قرار المحكمة العليا نهائي لا يقبل الطعن.
وخرج المئات من مسلحي جماعة "فجر ليبيا" في الشوارع معربين عن فرحتهم وسعادتهم بقرار المحكمة، حيث جالوا الطرقات بأبواق السيارات للتعبير عن الفرحة.
وعارض البرلمان ائتلاف ميليشيات "فجر ليبيا" التي تسيطر على طرابلس، في حين تسيطر جماعات إسلامية مسلحة على مدينة بنغازي التي كان يفترض أن يتخذ منها هذا البرلمان مقرًا له.
واضطر البرلمان الخاضع لهيمنة المناهضين للإسلاميين، إلى الاجتماع في طبرق، في أقصى الشرق بسبب انعدام الأمن في بنغازي التي تشهد أعمال عنف يومية، في محاولة للجيش الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لاسترجاع المدينة من المتطرفين.
وبناء على هذه الاعتبارات الجغرافية، قدَّم النائب الإسلامي عبد الرؤوف المناعي الذي يقاطع البرلمان على غرار نواب آخرين منتخبين، الطعن لأنَّ البرلمان لم يحترم الدستور المؤقت الذي ينص على اتخاذ مقر له في بنغازي شرق طرابلس.
واتهم المناعي ونواب إسلاميون آخرون، البرلمان بأنه تجاوز صلاحياته بالدعوة في آب /أغسطس إلى تدخل أجنبي في ليبيا لحماية المدنيين بعد أن سيطرت "فجر ليبيا" على العاصمة.
وأعرب المناعي في حديث مع قناة "النبأ" عن "الأمل في أن تحترم كل الإطراف قرار العدالة"، فيما يدعم معظم النواب الذين يقاطعون البرلمان "فجر ليبيا" الذي شكل حكومة موازية معروفة بنزعتها الإسلامية.
وتشكلت في ليبيا مطلع أيلول/ سبتمبر حكومتان وبرلمانان، ما سيزيد في تعقيد تنظيم انتخابات تشريعية جديدة، وكان رئيس الحكومة الموازية عمر الحاسي التي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي دعا إلى انتخابات تشريعية جديدة، قائلًا "إنّها ضرورية لوضع حد للفوضى".
وأحرج قرار المحكمة المجتمع الدولي الذي اعترف بالبرلمان والحكومة المنبثقة عنه ورفض أي علاقة مع الحكومة الموازية التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها، ويأتي القرار في حين تدور معارك طاحنة منذ عدة أيام في بنغازي التي تحاول القوات الحكومة استعادة السيطرة عليها ما أسفر عن سقوط أكثر من ثلاثين قتيلًا في ثلاثة أيام، وفق مصادر طبية.
وطلبت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الثلاثاء من لجنة في مجلس الأمن الدولي بإضافة مقاتلي "أنصار الشريعة" التي تسيطر على بنغازي على لائحة المنظمات "الإرهابية" للأمم المتحدة لعلاقاتهم بتنظيم "القاعدة".