الدارالبيضاء ـ حاتم قسيمي
كشف السفير الروسي في الرباط فاليري فاربيوف أن الفرنسيين والأميركيين قلقون من التقارب المغربي الروسي، وأكد أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في لقاء ضم سفراء روسيا الاتحادية في العواصم العالمية، تم، أخيرًا، في العاصمة موسكو، أن المسؤولين المغاربة طمأنوا نظراءهم الفرنسيين والأميركيين بأن علاقتهم بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية ستستمر على الوضع الذي كانت عليه، وأنهم يريدون فقط أن يصلوا بالعلاقات التي تربطهم بروسيا إلى مستوى العلاقات التي تربطهم بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وأوضح السفير الروسي أنه تم التوقيع على شراكة استراتيجية بين بلاده والمغرب، لكن هذه الشراكة لم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب على أرض الواقع، مضيفًا أن الجانب المغربي يقترح تحويل الاتفاق إلى مشاريع تعاون ملموسة في المجالات الاقتصادية والتجارية، ولاسيما في مجالات النفط والغاز والتعاون العسكري، وهو ما يقلق الأوروبيين والأميركيين.
وأكد السفير الروسي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون محط اهتمام الدبلوماسية الروسية، مضيفًا أن منطقة الساحل والصحراء، وبفعل مواردها المعدنية المهمة، تشكل منطقة استقرار مجموعة من الحركات المتطرفة إلى جانب كونها تمثل قاعدة لتهريب المواد المخدرة والهجرة غير الشرعية، لافتًا إلى أن المغرب يلعب دورًا حيويًا في هذه المنطقة، ولذلك فإن الزيارة التي قام بها الملك المغربي محمد السادس للمنطقة في أيار/ مايو الماضي والتي استمرت حوالى شهر لم تكن من قبيل الصدفة.
وعن الوضع الداخلي للمغرب، نقل السفير الروسي إلى الرئيس بوتين وزملائه من سفراء روسيا الاتحادية عبر العالم أن المغرب فيه معارضة للحكومة وليس للملك، وهو الأمر ذاته الذي يعبر عنه الإسلاميون المعتدلون الذين يقودون الحكومة الحالية، متوقعًا في الوقت نفسه أن تشهد العلاقات المغربية الروسية تطورًا مهمًا في المستقبل بسبب نقاط التقارب بين البلدين، وهو ما ظهر في المنتدى المغربي الروسي، الذي عقد في موسكو في شهر حزيران/ يونيو الماضي، والذي شهد مشاركة خمسة وزراء مغاربة و120 رجل أعمال مغربي، وتوج بتوقيع مؤسستين مصرفيتين مغربيتين اتفاقًا مع مؤسسات مالية روسية هي "سبيربنك" و"ألفا بنك" و"في تي بي"، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ العلاقات الاقتصادية المغربية الروسية. وأكد السفير الروسي أن المنتدى المغربي الروسي كان مناسبة لاتخاذ مؤسسة مصرفية مغربية قرارًا بتخصيص مبلغ 300 مليون دولار من أجل استيراد القمح من روسيا. وأثنى السفير الروسي على المغرب، الذي اعتبره الأكثر ملاءمة في المنطقة من أجل تطوير علاقات ثنائية، على اعتبار أنه نقطة استقرار حقيقية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، موضحًا أن هذا الاستقرار يأتي بفضل سياسة بعد النظر التي يتمتع بها الملك محمد السادس، والتي تقوم على الحزم والمرونة في السياسة الداخلية، وهو ما مكّن البلاد من تجاوز موجة الربيع العربي بفضل الإصلاحات التي تم القيام بها، وهو الأمر الذي لا يتوافر في دول أخرى.