تونس ـ أزهار الجربوعي
يتجّه مهدي جمعة نحو تقديم تشكيلته الوزارية، مساء الأحد، إلى الرئيس المنصف المرزوقي، بعد أن جدّد الأخير تكليفه برئاسة الحكومة التونسية، إثر فشله في الإعلان عن تركيبة توافقية، مساء الأحد الماضي، رغم انتهاء المهلة القانونية لتكوين الحكومة، المحددة في 15 يومًا، وفق الدستور الموقت للدولة.
يأتي
ذلك فيما يتواصل الجدل في تونس بشأن آلية سحب الثقة من الحكومة المقبلة، بعد أن صادق نواب المجلس الوطني التأسيسي، بغالبية 116 نائبًا على سحب الثقة من وزراء مهدي جمعة، بنسبة (50 + 1)، الأمر الذي اعتبرته المعارضة انقلابًا على خارطة طريق الحوار الوطني، وتهديدًا للحكومة الجديدة من طرف حزب "النهضة" الإسلامي، صاحب الغالبية البرلمانية وحلفائه.
وأكّد رئيس الحكومة المكلف مهدي جمعة، أثناء إعادة تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة التونسية، الأحد، أنه تمّ التوصل، بالتنسيق مع الرباعي الراعي للحوار الوطني، إلى توافق أوسع بشأن تركيبية فريقه الحكومي.
وأعرب جمعة، إثر لقائه برئيس الجمهورية، عن أمله في أن يتم التوصل إلى توافق جديد، بشأن تنقيح الفصل 19 من التنظيم الموقت للسلط العمومية (الدستور الموقت)، بغية ضمان حصانة أكثر لوزرائه، حتى يتمّوا مهامهم في ظروف من الثقة والتهدئة، وفي اتجاه عدم سحب الثقة من أعضاء الحكومة، عبر الغالبية التي صادق عليها المجلس الوطني التأسيسي، في ساعة متأخرة من مساء السبت.
واعتبرت المعارضة مصادقة نواب المجلس الوطني التأسيسي على التعديل المتعلّق بالفصل 19 من الدستور الموقت، والذي كان يشترط موافقة غالبية ثلاثة أخماس أعضاء المجلس لسحب الثقة من الحكومة، "تهديدًا من حزب النهضة الإسلامي، صاحب الغالبية البرلمانية، لحكومة مهدي جمعة".
واتهمت المعارضة "النهضة" بـ"الإنقلاب على التوافقات"، على الرغم من أنَّ الحركة الإسلامية أكّدت أنها ملتزمة بخارطة طريق الحوار الوطني، التي تنص على تحصين وزراء حكومة مهدي جمعة ووزرائه، بغالبية الثلثين على الأقل.
من جانبه، أكّد رئيس كتلة حركة "النهضة" البرلمانيّة الصحبي عتيق أنّ "كتلته، وكتلة حزب التكتل برئاسة المولدي الرياحي، قدمتا مقترحًا لإلغاء آلية التصويت بـ50 + 1 على وزراء حكومة مهدي جمعة، لكنه رُفض، ولم يحظى بالغالبية المطلوبة"، معلنًا عن أنَّ "اجتماعًا لرؤساء الكتل سينعقد، الأحد، بغية تجاوز إشكال التصويت على حجب الثقة من وزراء مهدي جمعة، وتحديد موعد الجلسة العامة للمصادقة على الدستور".
من جهته، اعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي التصويت على حجب الثقة عن الوزراء بغالبية النصف زائد واحد، في الفصل 19، "خرقًا لخارطة طريق الرباعي، وتنكرًا من طرف الأحزاب التي تعهدت"، موضحًا أنّ "هذا التعديل يسمح للمجلس الوطني التأسيسي بإسقاط حكومة جمعة في أيّ وقت"، داعيًا الأحزاب الموقعة على خارطة الطريق إلى "الإلتزام ببنودها".
وفي السياق ذاته، يواصل ائتلاف "الجبهة الشعبية" اليساري المعارض تمسكه برفض الإبقاء على وزير الداخلية لطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية، معتبرًا أنّ مواصلة بن جدو "تأبيد للأزمة السياسية في البلاد"، كما دعت الجبهة إلى تعيين وزير جديد ومستقل.
ويتوقع مراقبون أنّ تقديم مهدي جمعة لتشكيلته الوزارية، مساء الأحد، مرتبط مع تجاوز عقبة وزارة الداخلية، فضلاً عن إلغاء التعديل الذي صادق عليه المجلس التأسيسي، في ساعة متأخرة من مساء السبت، ومنح الحصانة لوزراء مهدي جمعة بغالبية ثلاثة أخماس، في حين يواصل حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي يتزعمه الرئيس المنصف المرزوقي، وجزء واسع من نواب حليفه السياسي حزب "النهضة" الإسلامي رفض ما يصفونه "منح صك على بياض"، بغية تحصين الحكومة المقبلة من أيّة مساءلة أو مراقبة.