تونس - أزهار الجربوعي
أكَّدَ الناطق الرسمي باسم حزب "التكتل" محمد بنور في تصريح خاص إلى "العرب اليوم" رفض حزبه للتعديلات الأخيرة التي شملت قانون المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) معتبرا أنها تسببت في خلل بين السلطات، لافتً إلى أن رفض المعارضة لمرشح "التكتل" وحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم لرئاسة الحكومة أحمد المستيري أدخل الحوار الوطني في نفق مسدود، في حين اعتبرت المعارضة تنقيح فصول قانون البرلمان "انقلابًا على الديمقراطية"، معلنةً تعليق نشاطها في المجلس التأسيسي.وأعلن الناطق الرسمي لحزب "التكتل من أجل العمل والحريات محمد بنور عن تمسك حزبه بتعليق نشاط كتلته البرلمانية في المجلس الوطني التأسيسي، مطالبًا بمراجعة التعديلات التي أُدخلت على النظام الداخلي والتي تمت من دون توافق، على حد تعبيره.وأكَّد بنور لـ"المغرب اليوم": "سنواصل تعليق مشاركة كتلتنا في اللجان والجلسات العامة داخل المجلس التأسيسي بالتوازي مع عقد سلسلة من المشاورات والاتصالات داخل ائتلاف الترويكا الحاكم ومع الرباعي الراعي للحوار للتوصل إلى حل للأزمة".وصادق المجلس الوطني التأسيسي على تعديل الفصول 36 و79 و89 و126 من النظام الداخلي للمجلس، واعتبرت المعارضة هذه التعديلات "انقلابا على الديمقراطية" داخل المجلس وطالبت بإلغائها.وأعلن حزب التكتل من أجل العمل والحريات تعليق نشاطه داخل البرلمان التونسي احتجاجًا على التعديلات الأخيرة التي تم المصادقة عليها، والتي شملت القانون الداخلي للتأسيسي، حيث تنص في الفصلين 36 و39 المحدثين على حق نصف أعضاء مكتب المجلس التأسيسي البالغ عددهم 10 في عقد اجتماع في حال لم يتوفر النصاب القانوني لثلثي أعضائه، كما منحت التعديلات الأخيرة الحق لنصف نواب المجلس عقد جلسة عامة من دون الرجوع لمكتب المجلس ورئيسه مصطفى بن جعفر.واعتبر حزب "التكتل" في أعقاب اجتماع عقده برئاسة أمينه العام مصطفى بن جعفر إلى أن تعديل أحكام النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي يخل بالتوازنات السياسية التي يقوم عليها هذا المجلس وهياكله، ويمس من دور مكتب المجلس، كما يمس من الدور الذى تضطلع به المعارضة، وهو ما من شأنه أن يعقد الأزمة التي تعيشها تونس اليوم، ويضر بالمناخ الذى يجب أن يتوفر لضمان نجاح الحوار الوطني.وصرح الناطق الرسمي باسم حزب "التكتل" إلى "المغرب اليوم" بقوله "نشترط إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وإلغاء التعديلات المحدثة على قانون البرلمان بالتوافق بين جميع الكتل النيابية وليست بالصيغة التي تم فرضها، وأوضح بنور أن تونس "تعيش أزمة حادَّة لا بد فيها من اتباع سياسة التوافق وليس ليّ الذراع وفرض الأمر الواقع"، معتبرا أن التعديلات الأخيرة تشكل خللاً في توازن السلطات في البلاد، وتهدِّد المسار الانتخابي ومسار الحوار الوطني"، وفق قوله.وبشأن تعليق الحوار الوطني بسبب تعمق الخلاف على شخصية رئيس الحكومة المقبل أكَّدَ القياديّ في حزب "التكتل" الحاكم محمد بنور أن جميع الأطراف تتحمل المسؤولية، مضيفا "كان لا بد من التنازل من الطرفين معارضة وحكومة، ونحن نعتبر أن تعهّد الترويكا ورئيس الحكومة بتقديم استقالته كتابيًا خطوة كبيرة كان يُفترَض أن تقابلها المعارضة بقبول ترشيح أحمد المستيري لرئاسة الحكومة اختصارًا لعملية انتقال السلطة، وتفاديًا لأي أزمات أو تعقيدات جديدة من شأنها إطالة أمد المفاوضات، وعرقلة الحوار الوطني".واعتبر محمد بنور أن رفض المعارضة لتولي أحمد المستيري منصب رئيس الحكومة أدى إلى رفض بقية الاقتراحات وأدخل الحوار الوطني في طريق مسدود، موضحًا أن "السياسة تقتضي البراغماتية والتنازل من جميع الأطراف والقبول بحلول وسطى".واعتبر بنور أن إثارة قضية السن وانتقاد ترشيح المستيري بسبب عمره الذي يناهز التسعين عامًا أمر مرفوض، على اعتبار وزنه ورصيده السياسي، معتبرًا أن قضية السن مسألة ثانوية، خاصة وأن غالب الفاعلين السياسيين في المشهد التونسي يُعتَبرون من جيل وعمر أحمد المستيري"، على حد قوله.ويرى مراقبون أن إصرار حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم على تمرير التعديلات الأخيرة التي طالت النظام الداخلي للمجلس التأسيسي تهدف إلى التصدي لسيناريو "انقلاب محتمل"، وتؤكِّد تخوف حركة النهضة الحاكمة التي تملك الأغلبية داخل البرلمان من هيمنة الحكومة المقبلة، ومحاولتها تغليب موازين القوى لصالح المعارضة، في حين ترى المعارضة أن "النهضة" ترفض التخلِّي عن السلطة وتسعى لتأمين نفوذ ومواصلة هيمنتها حتى في ظل الحكومة المقبلة التي ستكون مستقلة وغير حزبية، وهو ما جعلها تسعى إلى الاستحواذ على صلاحيات رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر.وأمام تعليق المعارضة لنشاطها داخل المجلس التأسيسي بعد أن أسَّسَت "ائتلاف المعارضة ضد الإنقلاب"، يُحذِّر مراقبون من تعميق الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد بالتوازي مع تواصل حالة التوتر الأمني والتدهور الإقتصادي، إلى جانب تنامي المخاوف من انفراط عقد ائتلاف الترويكا الحاكم (النهضة،التكتل، المؤتمر من أجل الجمهورية) بعد تقليص النهضة لصلاحيات رئيس البرلمان ورئيس حزب "التكتل" مصطفى بن جعفر.