دمشق - المغرب اليوم
يوجد مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي حازت على جائزة نوبل للسلام لهذا العام، أمام مهمة صعبة ومعقدة في سورية، فبالإضافة إلى الوضع الأمني الحرج في البلاد، يواجه المفتشون ضغط الجدول الزمني المحدد لإنجاز المهمة.
وتبقى مهمة صعبة، تلك التي يضطلع بها موظفو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) في سورية، فعلى بعد بضعة كيلومترات فقط من محل إقامتهم في العاصمة السورية دمشق، تدور معارك يومية بين
الجيش الحكومي وقوات المعارضة المسلحة. وفي خضم هذا الصراع المسلح، الذي وصل عدد ضحاياه إلى حد الآن أكثر من مائة ألف قتيل، يتوجب على مفتشي الأسلحة الكيميائية القيام بالمهام الموكولة إليهم من دون تعريض حياتهم للخطر.
ومنذ أن بادرت سورية بتقديم طلب للانضمام إلى الدول الموقعة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في 14 من سبتمبر/ أيلول، والأمم المتحدة تستعد جنبًا إلى جنب مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للمهمة داخل الأراضي السورية. وإلى حد الآن، يوصف التعاون مع السلطات السورية بالهادف. وهذا ما أكده مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أحمد أوزومجو في مؤتمر صحافي في لاهاي قائلا إن "السلطات السورية متعاونة".
وكان وصول البعثة الأولية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المكونة من 19 موظفًا إلى دمشق في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول.
وأعلنت المنظمة أن عمليات التفتيش في سورية سيشرف عليها فريق يتألف من حوالي مائة موظف، وجرت بالفعل عمليات تفتيش في السادس والسابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حسبما أعلن مدير المنظمة الدولية الذي أكد أيضًا "تدمير بعض المعدات".
ويقوم بعمليات تفكيك الأسلحة الكيميائية الجيش السوري نفسه، فيما يكتفي موظفو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعمليات المراقبة، ويُعتبر الحيز الزمني المخصص لإنجاز المهمة ضيقًا نسبيًا، باعتبار أن مجلس الأمن وضع الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني موعدا لتدمير كل الأسلحة الكيميائية. لكن الخبير في الأسلحة الكيميائية والموظف السابق بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، رالف تراب، يرى أن العمليات الأولية لتفكيك الأسلحة الكيميائية سريعة نسبيًا وسهلة التنفيذ. ووصف رالف تراب في حوار مع DWعمليات التفكيك "بأنها ميكانيكية بحتة...". وتبقى عملية التخلص من الأسلحة المزودة سلفا بالمواد الكيميائية أكثر كلفة وتعقيدا، حيث يتم التخلص منها في محارق خاصة في ظروف صعبة.
وتُعتبر شركة دايناسيف (Dynasafe) من الشركات القلائل في العالم المتخصصة في تدمير مثل هذه الأسلحة. وقد طورت هذه الشركة الدولية أجهزة خاصة في إمكانها تدمير الأسلحة المزودة بالمواد الكيميائية. ويتم تدميرها داخل هذه الأجهزة المحكمة تحت درجة حرارة عالية. وبعد الانتهاء من هذه العملية، يقول هواغر فايغل مدير الشركة: "تكون الأسلحة في نهاية المطاف عبارة عن خردة يمكن إعادة تدويرها (...)".
ولم يُعرف بعد إن كانت شركة دايناسيف (Dynasafe) ستحظى بهذه المهمة في سورية.
وأكد المدير التنفيذي للشركة، فولفغانغ غودل، أنها لم تتلق أي طلب محدد بهذا الخصوص من الجهات المعنية. لكنه أكد أن الشركة في إمكانها الاستجابة للدعوة، وفي وقت قصير في حالة ما إذا تلقتها. وتتوفر الشركة على أفران متنقلة قابلة للاستخدام، لكن قدرتها الاستيعابية لا تتسع سوى لكميات صغيرة من الأسلحة، أما بناء أنظمة متكاملة لهذا الغرض، فسيستغرق شهورًا طويلة.
ويشكل الوضع الأمني المشكلة الأكبر بالنسبة لعملية تدمير الأسلحة الكيميائية. فبالرغم من أن مواقع إنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية لا تزال تحت سيطرة الجيش السوري الحكومي، إلا أن نقل المواد الكيميائية والأسلحة المزودة بها من أماكن مختلفة لتجميعها في موقع مركزي بهدف تدميرها ينطوي على مخاطر كثيرة، وهذا ما يوضحه أيضا خبير الأسلحة الألماني رالف تراب، الذي يرى أن موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمام مهمة صعبة للغاية، فمن الناحية القانونية "يمكن فقط إجبار الحكومة السورية على التعاون، في حين أن الأمر يختلف مع المعارضة، حيث لا يمكن سوى دعوتها ومطالبتها بدعم العملية".