تونس ـ أزهار الجربوعي
سادت حالة من الاحتقان تونس، حتى خلال عطلة عيد الأضحى، حيث استغلّت مجموعات إجرامية الفرصة لقطع الطرق والسطو المسلح على السيارات، وهو ما اضطر فرق الأمن إلى التدخل العاجل باستعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، واعتقال 10 من الشباب المتورِّطين في هذه العمليات.
وندّدت "جبهة الإنقاذ" التونسية المعارضة، بـ"صمت النيابة العامة"،
على خلفية نشر شريط فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يدعو إلى التضحية بالمعارضين في العيد، وذبح زعيم حزب (العمال) حمة الهمامي".
واستنكرت الهيئة السياسية العليا للجبهة، بث شريط فيديو تناقلته صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يدعو إلى ذبح المعارضين والتضحية بهم بدلاً من الخرفان في عيد الأضحى، وعلى رأسهم زعيم حزب "العمال" والناطق الرسمي باسم "الجبهة الشعبية" حمة الهمامي، فيما ندّدت بما اعتبرته "دعوات إجرامية تهدف إلى بث الحقد والفتنة في تونس، وأن مثل هذه الدعوات أصبحت ظاهرة عادية في صفحات التواصل الاجتماعي، من دون أن يتعرض مروّجوها إلى تتبعات قضائية صارمة".
ودانت "الإنقاذ"، "صمت النيابة العامة التي لم تُحرك أية دعوة قضائية، ولم تفتح أي تحقيق بشأن الفيديو، مستنكرة مسارعة النيابة في إثارة الدعاوى وفتح التحقيقات ضد فنانين أو مُبدعين أو أصحاب رأي أو قناعة معارضة للسلطة"، في حين حمّلت الحكومة التونسية مسؤولية التبعات المُنجرة عن التهديدات المُوجهة المعارضة، مضيفة أن "التهاون في التعاطي مع مثل هذه التهديدات قد عرّض المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي إلى الاغتيال".
ويُظهر الفيديو الذي أثار استهجان "جبهة الإنقاذ" المعارضة، شخصين يتحاوران، أحدهما يُصوّر ويوجه أسئلة، والثاني بصدد التدخين، أجاب مخاطبه أنه "لا يملك ثمن خروف العيد، وأنه عازم على ذبح زعيم حزب (العمال) حمة الهمامي بدلاً منه".
وفي سؤال استفزازي من مصوّر الفيديو بشأن علاقته بالشيوعيين، أجاب مخاطبه أنه يدعو التونسيين إلى ذبح الشيوعيين والتضحية برموز المعارضة.
وقلل مراقبون من قيمة نشر الفيديو، خصوصًا أن الشخصين المتحاورين كانا بصدد الضحك والسخرية، ولا يبدو على ملامح المتحدث أية جديّة، أو ما يُشير إلى انتمائه إلى تيار ديني متشدد، معتبرين أن "من أقدم على إطلاق هذه التهديدات لن يكون جادًا في نشرها على صفحات موقع التواصل الاجتماعي، لو تعلّق الأمر بتهديد جدي لحياة معارضين، وأن موقف "جبهة الإنقاذ" يحمل "شيئًا من المغالاة" في إعطاء أهمية للفيديو، فيما حذّر آخرون من عواقب التساهل مع دعوات العنف المتزامن مع تصاعد وتيرة الاغتيالات السياسية والفوضى الأمنية في البلاد.
ودعا زعيم حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم راشد الغنوشي "الإنقاذ" إلى "تجنّب التهويل والمبالغة"، مناديًا الشعب إلى الاحتفال بأيام عيد الأضحى، وعدم الاستجابة لما وصفه بدعوات "اليأس والخذلان".
وانتقد الغنوشي، دعوات المعارضة إلى تنظيم تحركات احتجاجية شعبية ضخمة في 23 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، الذي يتزامن مع مرور عامين على ذكرى انتخاب المجلس التأسيسي، حيث تعتبر "جبهة الإنقاذ" أن حكومة الترويكا (النهضة، التكتل،المؤتمر) قد فقدت شرعيتها ولم تلتزم بوعودها في إنهاء مرحلة الانتقال الديمقراطي في ظرف عام.
واتهم زعيم "النهضة"، من وصفهم بـ"المُشككين في جدوى الحوار الوطني"، بإفساد فرحة التونسيين بعيدهم، مشيرًا إلى أن "الجبهة تريد تسويغ خطة قد تقررت سابقًا بالدعوة إلى احتجاجات عامة 23 الجاري لتجعله يوم حزن وغضب، بدل أن يكون يوم فرح، إحياءً لأعظم ذكرى في تاريخ تونس المعاصر بعد ذكرى الاستقلال والثورة، وأول انتخابات تعددية حرة في المنطقة"، على حد قوله.
ودعا زعيم "النهضة" الشعب التونسي إلى أن "يعيش فرحة عيده مستبشرًا بمستقبل ثورته ومساره الانتقالي نحو الديمقراطية، الذي أخذ الحوار الوطني يُجلي معالمه، وألا يستجيب لدعوات التعويق والتخذيل والتيئيس كما فعل في مرات كثيرة"، وفق تعبيره.
ورغم استبشار التونسيين بقدرة عيد الأضحى على تهدئة الأوضاع والنأي بالبلاد، ولو لفترة قصيرة، عن مناخ التوتر الأمني والتجاذب السياسي، إلا أن مجموعة من المنحرفين والعصابات الإجرامية اغتنمت هذه الفرصة لتنظيم عمليات قطع طرق بهدف السطو المسلح، على الطريق الوطنية رقم 1، وهو أحد الطرق الرئيسة الرابطة بين العاصمة التونسية وبقية المدن الداخلية، والتي تشهد حركة مرورية كثيفة من قِبل المسافرين لقضاء عطلة العيد.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، أن الوحدات الأمنية أحبطت محاولة مجموعة من المنحرفين قطع الطريق على مستوى منطقة جبل الجلود في العاصمة، بهدف النهب والسلب، وأن قوات الأمن اضطرت إلى التدخل باستعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
واعتقلت أجهزة الأمن 10 منحرفين في المنطقة ذاتها التي تُعرف بانتشار الفئات الفقيرة والعصابات الإجرامية، حاولوا القيام بعمليات سطو مسلح على السيارات على مستوى الطريق الوطنية رقم 1، مستعملين قطع خشب مُثبتة بمسامير من أجل إجبارهم على التوقّف.
وأكد شهود عيان، أن عددًا من المسافرين وسائقي السيارات اضطروا إلى الترجُّل عن سياراتهم والهرب مع عائلاتهم، خشية تعرّضهم إلى الاعتداءات بالعنف والسرقة أو القتل، خصوصًا بعد إقدام المنحرفين على إضرام النار في عددٍ من العجلات المطاطية في قلب الطريق.
ونجحت قوات الأمن في فتح الطريق، وفرض الاستقرار بصعوبة بعد الدخول في مواجهات مع عدد من المنحرفين فاق عددهم 200 شخص، بادروا برشق رجال الأمن بالحجارة، الذين ردّوا باستعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
وشهدت منطقة" لاكانيا" القريبة من العاصمة عمليات قطع طرق استهدفت مستعملي الطريق المؤدية إلى منطقة المروج، وهو ما أثار حالة من الهلع والرعب بين السكان وسائقي السيارات، الأمر الذي دفع بوزارة الداخلية إلى إرسال تعزيزات أمنية مكثفة وتشديد الرقابة على الطرق الرئيسة ومداخل ومخارج العاصمة.