تونس - أزهار الجربوعي
أعلن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، الأربعاء، أن وحدات الاستخبارات وأجهزة الأمن والجيش التونسي تمكنت من إحباط مخطط للانقلاب على النظام يهدف إلى تأسيس أول إمارة إسلامية في تونس من قبل تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي الذي أعلنت الحكومة التونسية أمس تصنيفه بشكل رسمي كـ"تنظيم إرهابي"، وكشف مدير الأمن الوطني التونسي مصطفى بن عمر أنه تم العثور على قائمة
بالمستهدفين للاغتيالات، تُشير إلى أن شقيق رئيس الحكومة ورئيس المكتب السياسي لحزب النهضة الحاكم عامر العريض هو المستهدف التالي بعد اغتيال المنسق العام لحزب التيار الشعبي محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي، إلى جانب شخصيات إعلامية وسياسية أخرى بينها رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر والأمينة العامة للحزب الجمهوري مي الجريبي والأمين العام لحزب "نداء تونس" الطيب البكوش.
وأعلن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو في ندوة صحفية موثقة باعترافات مسجلة ،الأربعاء، حملت عنوان "كشف الحقيقة" حظر تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي الذي أعلن رئيس الحكومة التونسية علي العريض، الثلاثاء تصنيفه رسميا كتنظيم إرهابي، وتجريم أي انتماء له، مشددا على أنه متصل بما يعرف بتنظيم "عقبة ابن نافع" الإرهابي المسؤول عن قتل 8 جنود تونسيين في جبل الشعانبي قرب الحدود الجزائرية الشهر الماضي، مؤكدا أن هذا الأخير متصل بما يعرف بتنظيم القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي.
وأكد مدير عام الأمن الوطني التونسي مصطفى بن عمر أنه تم العثور على وثيقة تكشف مبايعة زعيم تنظيم أنصار الشريعة سيف الله بن حسين المكنى بـ"أبو عياض" لأمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود، مشددا على تورط أبو عياض في اغتيال المنسق العام لحزب التيار الشعبي محمد البراهمي وضلوعه في المجموعة المسلحة التي تتخذ من جلب الشعانبي المتاخم للحدود الجزائرية معقلا لعملياتها الهجومية، كما أشار إلى أنه صعد للجبل في أكثر مناسبة للتدريب والتنسيق والمشاركة في العمليات القتالية ضد الجيش التونسي إلى جانب كل من كمال القضقاضي المتهم الرئيسي في قتل الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد.
وأفاد وزير الداخلية التونسية لطفي بن جدو بأن عمليات التمشيط العسكرية وقصف الجيش التونسي المتواصل لجبال الشعانبي، مكّن" من القبض على عنصرين خطيرين فارين من جبل الشعانبي هما أحمد المباركي ومحمد الحبيب العمري.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسي محمد علي العروي أن أجهزة الأمن والاستخبارات ، توصّلت إلى حقائق ثابتة اعتمادا على اعترافات واستنطاقات موثقة وبناء على أدلة فنية ومادية، وليس استنتاجات وتقاطعات، قادت إلى الكشف عن علاقة تنظيم أنصار الشريعة باغتيال الامين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد يوم 6 شباط/فبراير الماضي، وزعيم حزب التيار الشعبي الناصري محمد البراهمي يوم 25 تموز/يوليو الماضي وبإدخال الأسلحة وتخزينها تمهيدا لقلب النظام بالقوة وزعزعة الاستقرار وإسقاط الدولة التونسية لبناء أول إمارة إسلامية في المنطقة.
وأكد مدير الأمن العمومي في وزارة الداخلية التونسية أن أجهزة الأمن نجحت في إفشال عملية اغتيال سياسية الأسبوع الماضي في العاصمة التونسية، بعد أن تمكنت من إحباط مخطط مماثل يوم 1 آب/أغسطس الماضي، يستهدف 5 شخصيات سياسية من بينها الأمين العام لحزب المبادرة كمال مرجان والنائب في المجلس التأسيسي محمد كريفة والكاتبة والسياسية نزيهة رجيبة، مشيرا إلى أن تفطّن أجهزة الاستخبارات أحبط عمليات الاغتيال وقاد إلى الكشف عن أسلحة وذخيرة حية مجهزة للاغتيال بعد مداهمة منزل المجموعة الإرهابية المكلفة بالعملية، إلى جانب العثور على بدلات عسكرية.
كما أوضح المسؤول في وزارة الداخلية التونسية، أنه تم العثور على رسم بياني يوضح هيكلية تنظيم، أنصار الشريعة السلفي الجهادي المحظور، الذي يتزعمه الأمير العام المكنى بـ"البناء"، في حين تتفرع أذرعه إلى دعوى وأمني وعسكري وآخر مالي، إلى جانب إمارات مصغرة تقودها قيادات صغرى ووسطى.
وكشف المسؤول في وزارة الداخلية التونسية عثور الأجهزة الأمنية على قائمة من الاغتيالات السياسية يرجح أن يكون التالي على رأسها رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض وهو شقيق رئيس الحكومة التونسية علي العريض إلى جانب رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر والأمين العام لحزب نداء تونس المعارض الطيب البكوش، والأمينة العامة للحزب الجمهوري مي الجريبي إلى جانب الإعلاميين سفيان بن فرحات ونوفل الورتاني، مشيرا إلى العثور على رسوم بيانية ومخططات لمنازل المستهدفين وخطط تنتظر الإذن بالتنفيذ.
كما بثت وزارة الداخلية التونسية شريطا مسجلا عن محادثة بين أحد المنتمين لتيار أنصار الشريعة شخصية قالت إنها تحمل جنسية عربية تكتمت عن هويتها، ويظهر التسجيل قيام هذا العنصر عربي الهوية بإصدار توصيات بشأن كيفية الإطاحة بالدولة التونسية عبر استهداف 50 نقطة أمنية في ساعة واحدة إلى جانب قطع الكهرباء عن العاصمة، وهو ما سيسبب حالة من الفوضى تقوم باستغلالها العناصر المتطرفة للانقضاض على الدولة وتصفية أكثر ما يمكن من القيادات الأمنية والاستيلاء على مقراتهم ومن ثم قلب نظام الحكم تمهيدا لإعلان أول إمارة إسلامية في شمال أفريقيا.
وأكد وزير الداخلية التونسي أن نجاح حملات الإيقافات في حق عشرات العناصر الإرهابية فضلا عن نجاعة المعلومات الاستخباراتية، مكّنت أجهزة الأمن والجيش والديوانة (الجمارك) التونسية من حجز كميات مهمة من الذخيرة الحية والأسلحة بينهما مستودعين ضخمين تم العثور داخلها على بنادق اقتحام (كلاشينكوف) ورشاشات وقاذفات صواريخ وقتابل يدوية وقذائف.
وختم وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو بطمأنة التونسيين ودعوتهم إلى ممارسة حياتهم بشكل عادي لافتا إلى أن قوات الأمن والجيش تحكم قبضتها على الإرهاب ومستعدة للتضحية بدمائها من أجل الوطن، مؤكدا أن المؤشرات السياحية بلغت ذروتها هذا الشهر، كما ناشد بن جدو السياسيين إلى تقريب وجهات النظر للتعجيل بالخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي يوم 25 تموز/يوليو الماضي.
ويرى مراقبون أن الكمّ الهائل من المعلومات الأمنية التي كشفتها وزارة الداخلية الأربعاء، شكلت "صدمة" للتونسيين الذين لم يقدّروا حجم خطر الإرهاب الذي يتربص بالبلاد، ورغم أن وزير الداخلية قد أعلن حظر تيار أنصار الشريعة إلا أنه دعا رجال وزارته من الأمنيين إلى عدم التضييق على الحريات الدينية، مؤكدا أن الحكومة لا تعارض فكرا أو عقيدة وإنما تجرم سلوكا متطرفا ونزوعا نحو العنف، داعيا من تورط في تنظيم أنصار الشريعة دون العلم بأذرعه العسكرية والأمنية ومخططاته الإرهابية إلى الانسحاب منه.
وفي المقابل يعتبر فريق المعارضة أن الكشف عن هذه المعطيات الأمنية الخطيرة والحساسة يهدف إلى "تعويم الأزمة السياسية" من قبل حزب النهضة الإسلامي الحاكم لتشتيت الأنظار عن مطالب المعارضة بحل الحكومة والتركيز على قضايا الإرهاب وتقديمه على أساس القضية الأولى، حيث جدّدت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مي الجريبي اتهام الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي الحاكم وحلفائه المؤتمر والتكتل، بغض الطرف عن نمو التطرف والعنف، معتبرة أنها المسؤولة ،بتباطؤها ،عن توطين "أنصار الشريعة" في البلاد ، مشيرة إلى أن الحكومة تساهلت مع زعيمه أبو عياض الذي اكتشف تورطه في اقتحام مقر السفارة الأمريكية في 14 أيلول/سبتمبر الماضي.