الرباط ـ حسن عمر
لا تزال قضية عفو العاهل المغربي الملك محمد السادس عن مُغتصب إسباني كان يقضي عقوبة سجنية في المغرب، وسَحبِه من بعدُ تثير العديد من المواقف والأحداث، في حين اختلفت ردود الفعل في الساحة المغربية بين مُثمن لقرارات الملك محمد السادس التي كان آخرها إقالة المندوب العام لإدارة السجون حفيظ بنهاشم، وبين مُطالب بالكشف عن نتائج التحقيق الذي أمر به الملك كاملة وتحديد المسؤوليات بدقة، وبين مُشكّك في تحمّل بنهاشم المسؤولية لوحده، فيما التقي الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء، ضحايا الإسباني دانيال وأسرهم في قصره في الرباط، معبّرًا لهم وفق بلاغ للديوان الملكي عن تضامنه معهم، وحرصه على كرامتهم وحقوقهم، في حين تواصل وزارة العدل والحريات مشاوراتها مع المسؤولين الإسبان لإيجاد مخرج قانوني يُمكّن من إرجاع المغتصب الإسباني إلى السجن بعد إلقاء القبض عليه. وعبّرت القيادية في حزب "الأصالة والمعاصرة"خديجة الرويسي، الذي أسسه صديق الملك ومستشاره الحالي عن سعادتها بقرار الإقالة، معتبرة في تصريحات صحافية أن خيارات الملك محمد السادس تلتقي مع خيارات الشعب، وتتجه لتكريس حقوق الإنسان. وأضافت الرويسي في تصريحاتها أن إقالة بنهاشم كانت مطلبًا للفاعلين الحقوقيين منذ سنوات، باعتباره "لا يحترم الكرامة الإنسانية" وفق تعبيرها. من جهته، شكّك القيادي في حركة "التوحيد والإصلاح" الإسلامية والمقربة من حزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة محمد الهلالي، من خلال تدوينة نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في تحمّل مندوب إدارة السجون لوحده مسؤولية ما اعتبره خطأً وقع في العفو عن المُغتصب الاسباني، مُلمحاً إلى تورط المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة في "العفو الفضيحة"، ومطالبًا ضمن التدوينة ذاتها بمحاسبته، وإبعاده عن مركز القرار. أما التنظيمات الحقوقية فقد رأت في اعتذار الدولة ضرورة لطيّ ملف الإسباني دانيال غالفان، مُعتبرة إقالة بنهاشم غير كافية. وفي هذا الاتجاه، دعت "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" في بيان توصل "المغرب اليوم" بنسخة منه، باستكمال التحقيق في الظروف المحيطة باقتراف ما وصفته بالخطأ الجسيم والجهات المتسببة فيه من دون تمييز، مع إطلاع الرأي العام على نتائجه، والاعتذار الصريح والعلني للضحايا وعائلاتهم وللشعب المغربي من طرف الدولة، وجبر الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عنه. ودعت الحمعية في بيانها إلى القيام بالإصلاحات الدستورية والمؤسساتية اللازمة لبناء الدولة الديمقراطية ومجتمع الكرامة والحقوق والحريّات والمواطنة الكاملة، التي تكفل المساواة التامة للجميع أمام القانون من دون أيّ نوع من التمييز، وتضع حدًا لما سمّته "الاستبداد والحكم الفردي"؛ وهو ما يستدعي في رأي البيان نفسه بالضرورة والتبعية "إقرار دستور ديمقراطي فاصل للسلطات، وضامن للربط الفعلي بين المسؤولية والمحاسبة". ودعا "المركز المغربي لحقوق الإنسان" بدوره إلى الكشف عن تفاصيل التحقيق المشار إليه، موضّحًا في بيان أن القضية لا ينبغي أن تتوقف عند إقالة مندوب إدارة السجون. وعلى المستوى الشعبي، يواصل الغاضبون على العفو الملكي احتجاجاتهم، حيث نُظمت في مدينة الدار البيضاء، ليلة الثلاثاء، وقفة شاركت فيعا فعاليات تنتمي إلى مختلف التيّارات والتوجّهات، عرفت رفع شعارات وُصفت بالقوية تجاه النظام الملكي، ومن المشاركين من طالب برحيل فؤاد عالي الهمة، الرجل القوي في القصر، كما يُنعت في المغرب. وكان لافتًا عدم تدخّل قوات الأمن لفضّ الوقفة مثلما حدث في مدن أخرى منها العاصمة الرباط، وظلت القوة العمومية مرابطة في جنبات الساحة التي احتضنت الوقفة من دون أيّ ردّ فعل إزاء المحتجين. من جانب آخر، استقبل الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء، ضحايا الإسباني دانيال وأسرهم في قصره في الرباط، معبّرًا لهم وفق بلاغ للديوان الملكي عن تضامنه معهم، وحرصه على كرامتهم وحقوقهم، وبدا الملك حسب الصور التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية متأثرًا وحريصًا على التخلص من "البروتوكول"، ومتجاوبًا مع أُسَر الضحايا. يحدث هذا غداة مواصلة وزارة العدل والحريات مشاوراتها مع المسؤولين الإسبان لإيجاد مخرج قانوني يُمكّن من إرجاع المغتصب الإسباني إلى السجن بعد إلقاء القبض عليه، ورجّح وزير العدل المغربي مصطفى الرميد أن يُمضي دانيال غالفان ما تبقى من عقوبته السجنية في إسبانيا في حالة لم تُسقَط عنه الجنسية الإسبانية.