تونس-أ زهار الجربوعي
ندّد رئيس الحكومة التونسية علي العريّض بمن أسماهم بـ"الانقلابيين المفسدين" الذين اتهمهم بـ"انتهاز مأساة اغتيال المعارض محمد البراهمي للدعوة إلى العصيان المدني والانقضاض على أجهزة الدولة ومقراتها"، مؤكدا أن حكومته لن تستقيل وستواصل مهامها.
وهدد العريض باللجوء إلى الاستفتاء والاحتكام إلى الشارع
حال اقتضى الأمر ذلك، واقترح رئيس الحكومة التونسية إجراء الانتخابات المقبلة 17 كانون الأول/ديسمبر المقبل والانتهاء من صياغة الدستور قبل نهاية شهر أب/أغسطس المقبل.
وتوجه رئيس الحكومة التونسية علي العريض، مساء الاثنين بكلمة إلى الشعب التونسي، ضمنها مقترحات ورؤية الحكومة للخروج من الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد، عقب عملية اغتيال منسق حزب التيار الشعبي والنائب المعارض في المجلس التأسيسي محمد البراهمي رميا بالرصاص في بيته ظهر الخميس، حيث اعتبر العريض اغتيال البراهمي اعتداءا على الشعب والبلاد واستهدافا لمسار الثورة ، بخاصة وأن حادث الاغتيال قد اقترن باليوم التي تحيي فيه تونس الذكرى 56 لإعلان جمهوريتها، متوجها بعبارات العزاء إلى عائلة البراهمي ومحبيه وأصدقائه.
وأكد العريض أن اغتيال البراهمي جريمة إرهابية، مستعرضا تاريخ ما اعتبره "الاغتيالات المتصلة بالإرهاب في تاريخ تونس بداية بتفجيرات كنيس جربة اليهودي جنوب البلاد سنة 2002، وصولا إلى اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في العام 2013، مؤكدا أن الحكومة عازمة على "مضاعفة الجهود ومراكمة المساعي بهدف استئصال الإرهاب لتفكيك بنيته وأفراده والياته وطرق تمويله، والقضاء على الجريمة المنظمة وتجاوز الأزمة بأخف الأضرار .
ولاحظ العريّض أن القضاء على الإرهاب ليس موضوع مزايدات سياسية وتغيير مسؤولين وإنما قضية فاعلية وتغيير خطط وشد أزر الأجهزة الأمنية التي تعيش في منطقة عاشت زلازل متتالية ، سهّلت انتعاش الجريمة المنظمة وانتشار الأسلحة بأبخس الأثمان، وفق تعبيره.
أما على مستوى الواقع السياسي للخروج من أزمة البلاد التي رافقتها دعوات لإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي من قبل قوى المعارضة التي أعلنت عشية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الشعب الناصري محمد البراهمي تشكيل جبهة إنقاذ وطني، أعلن رئيس الحكومة التونسية علي العريض أن حكومته ستواصل العمل، وأنها لن تستقيل أُو تحل أو تنقطع عن أداء واجبها، وذلك ليس من قبيل التمسك بالسلطة وإنما من باب واجب تحمل المسؤولية إلى آخر لحظة، والوفاء للإيمان والعهود والمواثيق التي قطعتها الحكومة للشعب التونسي وشهدائه ، على حد قوله.
ولوّح العريّض بإمكان اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي على الشرعية حال اقتضت الضرورة ذلك، مشددا على أن الحكومة لا تخش النزول إلى الشارع وهي مستعدة لاستفتاء الشارع عن الخيار الذي يفضله إما مواصلة المسار انتقال الديمقراطي أو العودة إلى نقطة العدم والمجهول، على حد قوله.
وندّد رئيس الحكومة التونسية بمن وصفهم بـ"المفسدين والانقلابيين"، الداعين إلى العصيان المدني والفوضى والانقضاض على مقرات المحافظات وأجهزة الدولة ، مستغلين انشغال الدولة والحكومة بتأمين البلاد وتقوية الصف الوطني عقب عملية اغتيال المعارض محمد البراهمي .
وقال رئيس الحكومة التونسية "أحيي الشعب التونسي الذي أفشل مسعى الانقلابيين والمغامرين الذين حاولوا استغلال انتهازية مأساة الاغتيال لتحقيق أغراض ومصالح حزبية ضيقة وبث الإشاعات وتحريض الأمن والجيش على العصيان".
وأكد العريّض أن حكومته حريصة على ترسيخ الديمقراطية، وضمان التداول السلمي على السلطة وفق صناديق الاقتراع، متعهدا بإجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة وشفافة بأكثر ما يمكن من المراقبة الدولية والمحلية، مقترحا تاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر2013، وهو تاريخ اندلاع الثورة التونسية في سيدي بوزيد وسط البلاد، موعدا لإجراء الانتخابات المقبلة.
كما تضمنت مبادرة الحكومة التونسية إنهاء الدستور قبل شهر آب/أغسطس المقبل، إلى جانب إنهاء القوانين الانتخابية وبقية القوانين التأسيسية قبل 23 تشرين الأول / أكتوبر2013، داعيا المجلس التأسيسي إلى تجنب طرح القضايا التي تأخذ وقت ويصعب التوصل إلى توافق وإجماع حولها، في إشارة إلى قانون العزل السياسي المعرف في تونس بتحصين الثورة.
كما تعهد رئيس الحكومة التونسية بمواصلة العمل على دعم التنمية والاقتصاد وحل المشاكل الاجتماعية في البلاد، مشددا على أن الاقتصاد التونسي استعاد عافيته بعد عملية اغتيال البراهمي ولم يسجل انهيارا تاما كما تروج له بعض الأطراف مؤكدا أن المؤشرات التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة تعتبر مقبولة وليست كارثية، كما أكد أن البورصة قد عوضت خسارتها بنقطتين اثر اغتيال البراهمي وأوشكت على استعادة النسق الطبيعي لمعاملاتها.
وأشار علي العريض الذي ينتمي لحزب النهضة الإسلامي الحاكم، أن الحكومة ماضية في حل التنظيمات والجمعيات التي تخرق القانون أو تطرح إشكالا في تسميتها أو غموضا في نشاطه مهما كان نوعه، بما في ذلك روابط حماية الثورة المحسوبة على الإسلاميين والتي تعتبرها المعارضة ميليشيات حزب النهضة الحاكم، مؤكدا أن القضاء هو الجهاز الوحيد المخول لتقرير ما إذا كانت هذه التنظيمات تحترم القانون أم العكس.
وفي السياق ذاته، أكد العريض أن باب الحكومة مفتوح للحوار مع الأطراف السياسية جميعها لتقبل المقترحات التي من شأنها إضفاء الفاعلية على العمل الحكومي واختزال مرحلة الانتقال الديمقراطي، مشددا على أن الحوار يكون في المجالس وعلى الطاولات وليس في الشوارع، مناشدا فئات الشعب إلى مواصلة العمل وتجنب الانزلاق خلف دعوات الفوضى والعدم والمجهول.