دمشق ـ جورج الشامي
كشفت مصادر في المعارضة السورية، أن الهيئة السياسية لـ"الائتلاف الوطني" حسمت أمرها في اجتماعها الأخير في اتجاه تشكيل حكومة موقتة مصغرة، فيما يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس الجديد للائتلاف أحمد الجربا، في حين دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي إلى توخي الحذر في التوصية بالتدخل العسكري في سورية. وأفادت مصادر في المعارضة السورية، أن الهيئة السياسية للائتلاف حسمت أمرها في اجتماعها الأخير بشأن تشكيل حكومة موقتة مصغرة، تتطور في ضوء تطور المسارين السياسي والعملياتي على الأرض، إضافة إلى تشكيل لجان متخصصة تابعة للهيئة السياسية، بينها واحدة متخصصة في شؤون الأمن، وأخرى متخصصة في الشؤون الخارجية. وقال عضو الهيئة السياسية فايز سارة، إن الاجتماع الذي عُقد في إسطنبول بداية الأسبوع أسفر عن الاتفاق على تشكيل حكومة موقتة، لهدف إيجاد أجهزة تنفيذية تتعاطى مع الواقع في الأراضي الخارجة عن السيطرة في البلاد، وأن اجتماعًا آخر للهيئة السياسية، التي تضم 19 عضوًا، سيُعقد في بداية الشهر المقبل، تمهيدًا لاجتماع الهيئة العامة للائتلاف، التي تضم 114 عضوًا. وكشفت مناقشات الائتلاف عن وجود اتجاهين، الأول يدعو إلى تشكيل حكومة موقتة وانتخاب رئيس لها بدلاً من غسان هيتو، الذي استقال قبل أسابيع، وذلك لتلبية الحاجات الإغاثية والإنسانية للمواطنين، إضافة إلى قطع الطريق على الحل التفاوضي وفق صيغة مؤتمر "جنيف-2"، والثاني يطالب بتشكيل هيئة تنفيذية استجابة لقرار الجامعة العربية في بداية العام الماضي، الذي نص على تشكيل جهاز تنفيذي لشغل مقاعد سورية في مؤسسات الجامعة العربية، وترك باب التفاوض وفق "جنيف-2" مفتوحًا. وأوضحت المصادر، أن الموضوع حسم في الاجتماع الأخير، وجرى الاتفاق على تشكيل حكومة موقتة، تبدأ بحقائب محددة وتتطور وفق تطورات المسارين السياسي والواقع الميداني، حيث قال أحد المعارضين، إن أحمد طعمة أحد أبرز المرشحين لترؤس الحكومة، وإنه في حال لم يترأسها، فإنه سيكون عضوًا فيها، وأن الهيئة السياسية شكلت عددًا من اللجان المتخصصة التابعة لها، بينها لجان للشؤون الخارجية والأمنية والداخلية والرقابة المالية والإدارية. ويُعتقد أن إعلان "الاتحاد الديمقراطي الكردي" بزعامة صالح مسلم، نيته تشكيل إدارات محلية في مناطق شمال البلاد وشمالها الشرقي، وتسرب معلومات عن نية إسلاميين متشددين تشكيل "إمارة إسلامية" في هذه المناطق، قد ساهما في تسريع هذا الموضوع وحسم الأمر باتجاه تشكيل حكومة موقتة ولجان مختصة، فيما بدأ الائتلاف عمليًا عملية إعادة صوغ للعلاقات على المستوى الخارجي، بحيث يخرج من الاستقطابات، ويكون مستقلاًّ ومعبرًا عن إرادة السوريين، وعلى المستوى الداخلي، ولا سيما علاقته مع "الجيش الحر" والداخل السوري. ويلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الخميس، الرئيس الجديد للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري المعارض أحمد الجربا، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ويأتي هذا اللقاء على هامش اجتماع للرئيس الجديد للائتلاف مع أعضاء مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الجمعة، بعد أن التقى الأربعاء في باريس الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، أن وزير الخارجية أدرج على جدول لقاءاته الاجتماع مع الجربا وأعضاء آخرين في الائتلاف، وأنه سيبحث مع المعارض السوري الوضع الحالي في سورية، ومسألة الحوار بين الأطراف السورية، وتحديدًا مؤتمر "جنيف 2" المزمع بين المعارضة والحكومة السورية والطريقة التي يمكن لواشنطن اعتمادها لدعم مجموعات في المعارضة، وسيكون هذا اللقاء الأول لكيري مع الجربا منذ انتخاب الأخير في السادس من الشهر الجاري رئيسًا للائتلاف السوري المعارض. وأعلن مبعوث بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت، في بيان له، في وقت سابق، أن مجلس الأمن سيعقد اجتماعًا غير رسمي مع أعضاء الائتلاف الوطني الجمعة المقبلة، وأن الطبيعة غير الرسمية للاجتماع ستوفر تجمعًا لأعضاء مجلس الأمن، للتحدث بصراحة وبشكل غير رسمي مع الائتلاف لمناقشة قضايا أساسية، على رأسها إنهاء العنف والتحضير لمؤتمر "جنيف 2"، وأيضًا معالجة قضايا وصول المساعدات الإنسانية وحقوق الإنسان واللاجئين وحماية المدنيين. وفي باريس، أكد الرئيس الفرنسي، الأربعاء، في تصريح صحافي في ختام لقائه الجربا، دعم بلاده "السياسي والإنساني" للائتلاف الوطني السوري المعارض، من دون الإشارة لدعم عسكري، موضحًا أن باريس تقف إلى جانب الائتلاف وتدعمه على المستويين السياسي والإنساني، وضرورة مواصلة الضغط العسكري" على الحكومة السورية، إلا أنه اعتبر أن هذا الأمر من مسؤولية الائتلاف والجيش الحر. ووصف الجربا الاجتماع بـ"المثمر"، معربًا عن سعادته لتصريح هولاند عن إمكان فتح معابر أو ممرات إنسانية، وعن دعم سياسي، فيما لم يتطرق هولاند ولا الجربا في تصريحاتهما إلى مسألة تسليم السلاح الذي تطالب به المعارضة السورية بإلحاح. وأعلن رئيس أركان الجيش السوري الحر سليم إدريس، الذي كان ضمن وفد المعارضة السورية الذي زار باريس، في مقابلة صحافية، عن خيبة أمله بوصول مساعدات عسكرية غربية إلى الثوار. ودعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، إلى توخي الحذر في التوصية بالتدخل العسكري في سورية، محذرًا من تحول البلاد إلى دولة فاشلة، وفق تعبيره، في حال خوض عملية عسكرية غير مدروسة، وذلك بعد أيام من عرضه سيناريوهات للتدخل عسكريًا في سورية، مضيفًا في تصريحات صحافية، إنه يجب على الزعماء السياسيين النظر في الخيارات الأخرى إلى جانب العمل العسكري لإغاثة الشعب السوري. وأوضح ديمبسي، خلال حديثه في قاعدة لسلاح الجو البولندي في لاسك وسط بولندا، حيث يجري طيارون أميركيون تدريبات مع نظرائهم البولنديين على طائرات "إف-16"، "أنا لا أقترح ألا يفعل المجتمع الدولي شيئًا، أنا أقترح أنكم بحاجة إلى إستراتيجية تربط الخيارات العسكرية بأدوات القوة الأخرى"، فيما أوجز في وقت سابق، خمسة خيارات يمكن للجيش الأميركي القيام بها، منها تقديم التدريب، أو فرض مناطق حظر طيران، أو شن هجمات محدودة على أهداف عسكرية.