بيروت ـ جورج شاهين
تزامنا مع الإدانة الشاملة للانفجار الذي استهدف منطقة بئر العبد في قلب الضاحية الجنوبية فقد تعرض وزير الداخلية للإهانة أثناء تفقده منطقة الانفجار في حضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي العميد إبراهيم بصبوص وكبار الضباط في المديرية بعدما هاجمه حشد من مناصري "حزب الله" وحركة "امل" واتهموه بدعمه للشيخ السلفي أحمد الأسير رافضين ان يتفقد المنطقة لكن الوزير شربل تحدث إلى الإعلاميين ودان الانفجار،
محذرا من مخطط السعي إلى فتنة سنية – شيعية.
ورافق التصريح هتافات ورصاص غزير فحوصر الوزير شربل لمدة نصف ساعة في مدخل أحد المباني وسط تدابير أمنية للجيش وقوى الأمن الداخلي اللذين وفرا ترتيبات خاصة أدت إلى تركه المنطقة سالما.
وبعد الظهر دان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الانفجار الذي استهدف منطقة الضاحية الجنوبية الثلاثاء وأوقع إصابات وأحدث أضراراً كبيرة في الممتلكات، معتبراً أن العودة إلى هذه الأعمال تعيد التذكير بصفحات سود عاشها اللبنانيون في فترات سابقة وهم يريدون محوها من ذاكرتهم.
وجدد رئيس الجمهورية الدعوة إلى التفاهم والحوار بين اللبنانيين والتزام إعلان بعبدا والإقلاع عن مثل هذه الأساليب في الرسائل السياسية، مشدداً على وجوب احترام أمن المواطنين اللبنانيين مهما بلغت حدّة الخلاف السياسي.
وطلب الرئيس سليمان من الأجهزة الأمنية والقضائية تكثيف تحرياتها من أجل كشف الفاعلين الذين يزرعون الخوف والرعب في نفوس اللبنانيين وإحالتهم إلى القضاء المختص.
واطلع رئيس الجمهورية من المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد إبراهيم بصبوص على الوضع الأمني وعمل قوى الأمن في ضبط الوضع والحفاظ على الاستقرار.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري "إن التفجير الارهابي المجرم الذي استهدف الضاحية الجنوبية الثلاثاء، كان بهدف إيقاع الكثير من الموت والدمار لولا تدخل العناية الإلهية التي جنبتنا وقوع مجزرة في منطقة كثيفة السكان وأمام مكان تجاري شديد الازدحام.
وأضاف "إننا نوجه عناية الجميع إلى أن هدف التفجير الإيقاع بين اللبنانيين، وهو الأمر الذي يستوجب الوعي واليقظة والانتباه، فالضاحية منذ الثمانينات كانت هدفا للجريمة المنظمة والإرهاب والتخريب الإسرائيليين، وكذلك هدفا لأسلحة العدو الجوية والبحرية التي دمرت وقتلت خلال حرب تموز/يوليو. أكرر أن الهدف من هذه الجريمة النكراء هو إيقاع الفتنة بيننا. حذار ثم حذار".
فيما أجرى بري اتصالا بوزير الداخلية مروان شربل مستنكرا ما تعرض له من "فورة غضب غير مبررة على مسؤول يشارك أهلنا غضبهم وحزنهم"، ومعتبرا أن "هذه من أسباب الفوضى المقلقة في الأوضاع الراهنة، وعلى الجميع أن يتحلوا بالوعي والحذر ليس من المتآمرين فحسب، بل من الغوغائيين".
استنكر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام الانفجار الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت ووصفه بأنه جريمة بشعة ترمي إلى زعزعة استقرار لبنان وأمن أبنائه، داعيا إلى أقصى درجات اليقظة والتضامن الوطني لتفويت الفرصة على الراغبين في العبث بأمن لبنان إلى أية جهة انتموا.
وقال الرئيس سلام في تصريح له الثلاثاء "إن الجريمة البشعة التي وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت ليست سوى حلقة من مخطط شرير يستهدف المس باستقرار لبنان وأمن اللبنانيين ومحاولة مكشوفة لاستدراج الفتنة في ما بينهم".
وأضاف الرئيس سلام "لقد لطفت العناية الإلهية بأهلنا في الضاحية الجنوبية وجنبتهم ولبنان كارثة هائلة. وإنني إذ أتألم للإصابات التي وقعت في صفوف المدنيين في هذا الحادث المدان وأتمنى لهم الشفاء العاجل، أؤكد أن من واجبنا جميعا كقادة سياسيين، وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدنا، أن نرتقي في أدائنا السياسي إلى مستوى يفوت الفرصة على أعداء وطننا إلى أي جهة انتموا، ويحصن ساحتنا الداخلية إزاء أي اختراقات أمنية، ويعزز مؤسساتنا الشرعية لتقوم بدورها كاملا في قيادة البلاد".
ودعا الرئيس سلام في ختام تصريحه إلى دعم السلطات الأمنية آملا في أن تتمكن على وجه السرعة من "اكتشاف مخططي هذه العملية الدنيئة ومنفذيها وسوقهم إلى العدالة."
ودان الرئيس عمر كرامي، في بيان الثلاثاء،"حادثة التفجير البشعة التي تعرضت لها منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية"، واعتبر "أن المشروع المشبوه لضرب وحدة لبنان متواصل وهذا التفجير المستنكر هو فصل من فصول هذا المشروع الذي لا يهدف سوى إلى تسعير الفتنة بين اللبنانيين، وهو ما يستدعي منا جميعا استنفار أقصى درجات الوعي، ولا سيما أننا على أبواب شهر رمضان المبارك، لصد المحاولات الآثمة الساعية إلى ضرب وحدة لبنان واستقراره، مستلهمين قيم الشهر الفضيل، شهر التقوى والتكافل والطاعات".
ودعا كرامي "اللبنانيين جميعا، مسؤولين ومواطنين، إلى ترك الخلافات جانبا والتفرغ للهدف الوطني الأعظم والأكبر، وهو تحصين لبنان بوحدة الموقف تجاه الأخطار التي تحيق بنا في هذه المرحلة العصيبة التي تعيشها المنطقة، وهذا لا يكون إلا بالنية الصادقة والكلمة الطيبة والفعل المسؤول... وما أحوجنا إلى كل ذلك في هذه اللحظات".
واستنكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في تصريح اليوم، "بشدة التفجير الإرهابي الذي استهدف منطقة الضاحية الجنوبية والذي يرمي إلى زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي أسوة بأي انفجار يمكن أن يقع في أي منطقة لبنانية أخرى".
واعتبر "أن هذا التفجير يؤكد مرة أخرى عدم جواز استمرار حالة الانقسام السياسي الحاد بين اللبنانيين الذي يجعل البلاد مكشوفة برمتها ويعرضها للمزيد من الأحداث الأمنية والمخاطر على المستويات ويتيح ضرب الاستقرار الهش والانزلاق التدريجي نحو المزيد من التشرذم والتوتر".
وقال "إن استهداف أي منطقة لبنانية هو بمثابة استهداف للأمن الوطني برمته، وتلافي تكرار مثل هذه التفجيرات والمشاكل الأمنية يكون بالإسراع في تأليف الحكومة الجديدة والعودة إلى الحوار وتنفيس الاحتقان السياسي وضبط الخطاب الإعلامي والإقلاع عن ترف النقاش الفكري والدستوري وتنازع الصلاحيات بين الرئاسات وتحويل ما حدث حافزا للتمديد الفوري لقائد الجيش ورئيس الأركان للحيلولة دون وقوع الفراغ في المؤسسة العسكرية وايقاع البلاد تحت المزيد من الانكشاف السياسي والأمني".
وتمنى "أن تسرع الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة في كشف ملابسات هذا الانفجار المشبوه وتوضيح حقيقة ما جرى بكل تفاصيله والقاء القبض على المتورطين فيه وسوقهم إلى العدالة".
وقال: "لبنان قد يتحمل أنواع الفراغ كله إلا الفراغ في المسؤولية لدى من يتحملون المسؤولية عن البلاد والعباد. حمى الله لبنان".
واستنكر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان، "الانفجار الآثم الذي وقع في ضاحية بيروت الجنوبية"، متمنيا للجرحى الشفاء العاجل، ومطالبا الأجهزة القضائية والأمنية "التعاطي مع هذا الانفجار بجدية كاملة والعمل على كشف المجرمين بالسرعة القصوى وسوقهم إلى العدالة".
وأكد جعجع في المناسبة، "ان الامن للوطن والمواطن يأتي فقط من الدولة القوية الممسكة وحدها بتفاصيل المهمة الأمنية والعسكرية"، معتبرا أن لا أمن للبنان واللبنانيين إلا في تطبيق سياسة النأي بالنفس بكل حذافيرها". كما استنكر "أسلوب التعاطي مع وزير الداخلية مروان شربل".
كما استنكرت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار جريمة التفجير التي استهدفت منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم، وأدّت إلى إصابة مدنيين ابرياء.
وتطالب الأمانة العامة الأجهزة الأمنية والقضائية الرسمية أخذ التدابير اللازمة لمعرفة من وراء هذا الحادث الأليم ومعاقبته.
كما تعتبر الأمانة العامة أن استهداف أية منطقة في لبنان هو استهداف للبنان كله، لأن الخلاص يكون للجميع أو لا يكون وبالجميع أو لا يكون.
وكان انفجار ضخم هز منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله" اللبناني، نجم عن سيارة مفخخة، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى وإصابة 37 شخصًا بجروح، فيما اعتقل سكان المنطقة شخصًا كان يحمل جهاز التفجير ومعه ثلاثة آخرين، وسلموهم إلى عناصر من "حزب الله"، في حين دان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي وزعيم "تيار المستقبل" الحريري الانفجار.
وفرضت القوى الأمنية والقوى المكلفة بحماية المقرات الحزبية في المنطقة، طوقًا أمنيًا في مكان الانفجار، وأغلقت كل المداخل المؤدية له، في حين منعت الصحافة من دخول المكان، حيث يجري تجميع الصحافيين في مكان واحد، فيما شدد "حزب الله" من الإجراءات الأمنية في المنطقة، التي اندلع فيها حريق هائل غطى مساحة واسعة.
وسارعت وحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي إلى منطقة الانفجار، واعتمدت خطة أمنية محكمة لحمايتها من إمكان تفجير سيارة أخرى للغدر بالمواطنين، وسارعت سيارات الإطفاء إلى إخماد الحرائق، فيما قام الصليب الأحمر بنقل الجرحى بعدما قام مواطنون بنقل جرحاهم فور وقوع الانفجار وسط حالة من القلق والرعب، وبعد الانفجار تفقد علي المقداد مستشفى بهمن لتفقّد الجرحى، تزامنًا مع رشقات نارية ومفرقعات نارية في باب التبانة، حيث الأكثرية السنية ابتهاجًا بانفجار الضاحية.
وذكرت مصادر إعلامية، أن الانفجار وقع في مجمع السيدة زينب في حي معوض في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدى إلى وقوع أضرار جسيمة في الممتلكات، وأظهرت صور تلفزيونية تصاعد أعمدة الدخان الأسود من مكان الانفجار، في حين شوهدت سيارات الإطفاء في المنطقة، بحسب اللقطات التي بثها تلفزيون "المنار"، كما شوهدت العديد من السيارات وهي تحترق.
وأكدت مصادر أمنية، لـ"العرب اليوم"، أن 37 جريحًا سقطوا جراء الانفجار الذي وقع في موقف للسيارات قرب ساحة صلاح غندور خلف مركز التعاون الإسلامي، بجانب محطة دياب، وأنه لا معلومات عن ضحايا، مشيرة إلى وجود أضرار مادية بشكل لافت، ، وأن سيارات إسعاف تتوافد على المنطقة.
وأضافت المصادر نفسها، أن الانفجار تسبب في حرائق كبيرة امتدت من سيارة الى أخرى، حتى بلغت الحرائق أكثر من 21 سيارة مدنية احترقت كليًا، وأُصيبت نحو 20 سيارة أخرى بأضرار مختلفة، وكذلك تضررت عشرات الشقق السكنية في المنطقة بأضرار بالغة، وتطاير زجاج المنازل والواجهات فغطى شوارع المنطقة، فيما اعتقل سكان المنطقة فور وقوع الانفجار من يُعتقد أنه كان يحمل جهاز التفجير ومعه ثلاثة أشخاص آخرين وسلموهم إلى عناصر من "حزب الله"، حضروا في سيارتين بزجاج داكن، ونقلوهم إلى جهة مجهولة بعد ضربهم ضربًا مبرحًا.
وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، في حديث تلفزيوني، "إنه لا ضحايا حتى الآن في انفجار بئر العبد، وأن هناك 34 جريحًا في مستشفى بهمن، و3 آخرين في مستشفى الساحل، وأن الإصابات كلها طفيفة وغير خطرة لا يدعو معظمها للقلق، ولا سيما أن معظم الجرحى أُصيبوا إما في منازلهم أو في موقع قريب في مركز التعاون الإسلامي للتسوق الذي كان يشهد زحمة خانقة، باعتبار موعد الانفجار عشية بدء أول أيام شهر رمضان، وهو مركز تجاري ضخم يرتاده آلاف المواطنين يوميًا نظرًا إلى أسعاره المقبولة من فئات كبيرة من المواطنين.
ودان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الانفجار، وقال عبر "تويتر"، "مرة جديدة تعبث يد الغدر بأمن لبنان واللبنانيين، مستهدفة هذه المرة منطقة لبنانية عزيزة، مما يعيد إلى الأذهان حقبات سوداء من تاريخ لبنان، وهذا الانفجار إن دل على شيء فعلى أن يد الحقد والإجرام تمضي في مخطط تفجير الأوضاع في لبنان، ولا تميز بين منطقة وأخرى، مما يحتم على اللبنانيين الإسراع في اللقاء من أجل الخروج من المأزق السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، ويتطلب التعالي عن كل الصغائر من أجل الوصول إلى تفاهم يضمن خروج لبنان من الأزمة التي يعيشها، عبر تضافر الجهود والإمعان في التنازلات من أجل الوطن".
وعلّق زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري على الانفجار، فقال "لا يمكن لأي لبناني، إزاء المشهد الإجرامي المروع الذي شهدته الضاحية الجنوبية من بيروت، إلاّ أن يعبّر عن مشاعر السخط والإدانة للجريمة التي استهدفت أحد أكثر الأحياء المكتظة بالسكان، ويدعو إلى أعلى درجات الوعي واليقظة في مواجهة المخاطر التي تحيط بنا وبكل المنطقة، ولا سيما في مواجهة محاولات العدو الإسرائيلي للدفع نحو الفتنة، عبر تنظيم العمليات الإرهابية كما حدث الثلاثاء، وإذا كان هذا المشهد يعيدنا بالذاكرة إلى مشاهد مماثلة اوقعت القتل والخراب في العاصمة، لا سيما في العديد من المناطق اللبنانية، فإن التفجير المجرم الجديد في الضاحية يحملنا على التنبيه إلى وجوب العودة إلى التوافق الوطني على تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وتفادي الانزلاق في حروب لن يكون مردودها على لبنان سوى المزيد من الانقسام، ووضع الاستقرار الوطني في دائرة الخطر الدائم، وتعريضه لمؤامرات العدو الاسرائيلي".
وأضاف الحريري، "إنني إذ استنكر بأشد العبارات التفجير الإرهابي وما خلفه من ضحايا أبرياء في صفوف المدنيين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على الجرحى بالسلامة والعافية، وأتوجه إلى السلطات الأمنية والقضائية المختصة مشددًا على الحزم في إجراء التحقيقات للكشف عن المجرمين، من دون أن يعفي ذلك القيادات السياسية من مسؤولية التصدي للمشكلات الحقيقية التي تقف وراء تردي الأوضاع، وتتسبب في الخروقات الأمنية المتنقلة".
وتفقد موقع الانفجار النائب علي عمار، واعتبر أن "بصمات إسرائيل واضحة لاستهداف منطقة تغص بمناصري (حزب الله)"، فيما قال النائب عن "التيار الوطني الحر" حكمت ديب، "إن هذا الانفجار رسالة لضرب الاستقرار في لبنان، وضرب المقاومة، والعدو واحد وإن اختلفت الوسائل والأدوات".
يُشار إلى أن التوتر في لبنان تزايد على خلفية تورط "حزب الله" في الأحداث الجارية في سورية، وأن انفجار الثلاثاء في موقف للسيارات في منطقة بئر العبد في وسط الضاحية الجنوبية التي يسيطر على كامل مفاصلها وشوارعها "حزب الله"، وتتوزع فيها معظم مراكزه القيادية والحزبية، يشكل اول إنذار دموي للحزب منذ تورطه في أحداث سورية، حيث تعرض لسلسلة من التحذيرات والتهديدات.