طرابلس - ليبيا اليوم
يتوقع سياسيون ليبيون أن تُغير العملية العسكرية «إيريني»، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر توريد السلاح إلى ليبيا، كثيراً من معادلة الحرب الدائرة على حدود طرابلس، إذا نجحت في مهمتها، ويرون أنه يتعين على المهمة الأوروبية في المقام الأول وقف الإمدادات العسكرية التي تصل إلى العاصمة طرابلس من أنقرة، وفقاً لاتفاقية الدفاع المشتركة التي وقعها فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ووسط اتهامات متبادلة، يدور سجال كبير بين الموالين لـ«الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق»، حول الطرف المتورط في تهريب السلاح إلى البلاد، في تحدّ لقرار مجلس الأمن الدولي. وفي هذا السياق، يقول طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بطبرق (شرق)، إن «القرارات لا تتخذ بشكل عشوائي في الاتحاد الأوروبي، وأنا أرى أن الاتحاد بات متأكداً من الجهة التي تشيد بحرية جسوراً من أنقرة إلى طرابلس ومصراتة لنقل السلاح و(المرتزقة)»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي لم يرصد أي دليل على ادعاءات قيادات طرابلس، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين، بوجود خرق لحظر السلاح عبر الحدود الشرقية».
ومنذ الإعلان عن الاتفاقية الأوروبية، تنتاب سلطات طرابلس مخاوف من جهتين: الأولى أنها «ترى أن لها حقاً مشروعاً في الدفاع عن الأراضي الليبية بتوقيع الاتفاقيات وعقد التحالفات، وفق القوانين الدولية»، وذلك في إشارة إلى الاتفاقية العسكرية التي وقعها السراج مع إردوغان. والثانية تنبع من رؤيتها لضرورة أن تشمل العملية الأوروبية مراقبة الحدود البرية الشرقية لوقف تدفق السلاح على «الجيش الوطني» الآتي إليه عبر الحدود.
وقال يوسف العقوري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، إن «الأوروبيين وغيرهم يدركون منذ البداية أن مذكرة التفاهم العسكري بين السراج وإردوغان ليست إلا محاولة إنقاذ من أنقرة لوقف تقدم قوات (الجيش الوطني) نحو العاصمة طرابلس، وتحريرها من الميليشيات والجماعات الإرهابية».
وأعرب العقوري لـ«الشرق الأوسط» عن «أمل مجلس النواب في أن تحقق العملية العسكرية (إيريني) كامل أهدافها، بمنع وصول الأسلحة و(المرتزقة) من الحكومة التركية إلى طرابلس، مما سيكون له تداعيات إيجابية على استقرار المنطقة».
وتستهدف العملية «إيريني» التي تدوم عاماً كاملاً «تنفيذ الحظر الذي وقعته الأمم المتحدة على تسليح ليبيا، عبر المراقبة الجوية والبحرية واستخدام الأقمار الصناعية، كما تشمل تفتيش السفن في أعالي البحار قبالة سواحل ليبيا، في حال الاشتباه بأنها تحمل أسلحة أو مواد ذات صلة من ليبيا وإليها».
وأرجع النائب إبراهيم الدرسي انزعاج حكومة «الوفاق» من العملية العسكرية إلى احتمال توقف الدعم التركي لها»، وقال إن العملية العسكرية «ستؤثر بلا شك على فعالية مذكرة التفاهم الليبية - التركية، مما سيحرم (الوفاق) والميليشيات الموالية لها من الشريان الرئيسي الوحيد الداعم لها راهناً»، مبرزاً أن «تركيا تمد طرابلس بالطائرات المسيرة، كما توفر الإحداثيات عبر شبكة الرادارات، إلى جانب تقديم الدعم اللوجيستي الذي كان للأسف السبب وراء استهدافهم لمواقع (الجيش الوطني) خلال الفترة الأخيرة».
وأوضح أن «الدعم القطري لحكومة (الوفاق) تراجع كثيراً في الفترة الأخيرة، وإن كانت لا تزال تدعمها بالمال من حين إلى آخر. كما أغلق باب الدعم السوداني بعد اندلاع الثورة ضد نظام عمر البشير الإخواني».
وفي مقابل ذلك، قال محمد القبلاوي، المتحدث باسم وزراه الخارجية بحكومة «الوفاق»، إن «مذكرة التفاهم بين ليبيا وتركيا وقعت بشكل قانوني، وأُودعت في الأمم المتحدة وسجلت بها، وفق الإجراءات المتعارف عليها في القانون الدولي».
وقال المحلل السياسي رضوان الفيتوري إن «استهداف الجيش التركي لمنطقة العجيلات، غرب طرابلس، التي يسيطر عليها (الجيش الوطني)، منتصف الأسبوع الماضي، وذلك بعد يوم واحد من الإعلان عن عملية (إيريني)، ربما قد مثل مصدر إحراج للأوروبيين».
وذهب إلى أن هذه الواقعة برهنت للجميع «صدق ما يذكره (الجيش الوطني)، من أن أنقرة هي من تقود العمليات في ليبيا، وهي من تستهدف بالأسلحة الثقيلة اللبيبين، مبررة ذلك بمذكرة التعاون الأمني مع الوفاق»، وأضاف الفيتوري لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم إرجاء الاتحاد الأوروبي لموعد إطلاق العملية العسكرية لمراقبة حظر التسليح، رغم وطأة وصعوبة الأوضاع في دولهم جراء تفشي فيروس (كورونا)، يؤكد وعيهم بمخاطر انتقال المرتزقة، بما يحملون من سجلات إجرامية، وأفكار ومعتقدات متطرفة، من ليبيا لشواطئهم، خاصة مع استهداف (الجيش الوطني) لتلك الفئة»، مبرزاً أن الأوروبيين «يعرفون جيداً مخططات إردوغان لتحقيق سيطرته على ليبيا، موقعاً وثروة نفطية، وبالتالي فإنهم لن يسمحوا له بذلك، وهم لم يعترضوا في أثناء توقيع الاتفاقية مع السراج، لكنهم الآن قادرين على إبطال مفعولها».
قد يهمك أيضًا:
الاشتباه بإصابة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفيروس "كورونا" المستجد