الرباط - جمال محمد
قدّمت كتلة حزب "الأصالة والمعاصرة" المُعارض، في مجلس النواب، مقترح قانون يقضي بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي، الذي يوصف من طرف النقابات بالفصل "المشئوم"، بسبب الجزاءات والعقوبات التي ينص عليها، ضد كل من دعا إلى الإضراب.وأكّدت الكتلة النيابيّة أنَّ "هذا المقترح يهدف إلى تحقيق خمسة أهداف، تتعلق بتدارك التأخر الذي يطبع التشريع الوطني في مجال الملاءمة الدستورية، لاسيما بشأن السياسية الجنائية، والحرّيات النقابية، وممارسة حق الإضراب، وتعميق الملاءمة مع مقتضيات العهد الدولي، في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وأشار إلى أنَّ "المقترح يسعى إلى استيعاب الثقافة الديمقراطية والمقاربة التشاركية للدستور في مجال قانون العمل، وتقوية دور المفاوضات الجماعية في حل المنازعات في مجال الإنتاج، وتغليب قيمة التضامن الاجتماعي بين العمال المضربين على الحق الفردي في حرية العمل للعمال غير المضربين في ممارسة عملهم، وكذا المساهمة في إطلاق نقاش عمومي واسع، قصد تجاوز التأخر الكبير الذي تعاني منه العلاقة بين أطراف الإنتاج، بالنسبة إلى الحداثة وبناء الدولة الاجتماعي".
واعتبر الفريق النيابي لحزب "الأصالة والمعاصرة" أنّه "بعدما كان الإضراب عملاً محضورًا، بل ومجرمًا، أصبح حريّة نقابية، وحقًا من حقوق الإنسان، كرّسته المواثيق والدساتير والتشريعات".
وشدّد على أنّه "إذا كان المغرب المستقل سبّاقًا إلى هذا التكريس، في الدستور الأول للمملكة، الصادر في 1962، وتأكيد ذلك في جميع المراجعات الدستورية، وبالصيغة نفسها الواردة في الفصل 14، تحت عنوان حق الإضراب مضمون، يصدر قانون تنظيمي يبيّن شروط وكيفيات ممارسته، فإن القانون التنظيمي الموعود به لم يصدر بعد نصف قرن من الحياة الدستورية والبرلمانيّة".
ودعا الفريق النيابي إلى "ضرورة الخروج من التناقض الكبير بين التكريس الدستوري لحق الإضراب، والعقاب على ممارسته في كثير من الحالات"، موضحًا أنَّ "الفصل 29 من الدستور ينص على أنَّ حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة، ويحدّد القانون شروط ممارسة هذه الحريات، حق الإضراب مضمون، ويحدّد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته"؛ بينما الفصل 288 من مدونة القانون الجنائي تنص على أنّه "يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى عامين، وغرامة من 120 إلى 5000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من يحرّض على التوقف الجماعي عن العمل، أو على الاستمرار فيه، أو حاول ذلك مستعملاً الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس، متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور، أو خفضها، أو الإضرار بحرية الصناعة والعمل".
وأبرز الفريق أنَّ "وثائق المركزيات النقابية، والإحصاءات الزجرية، تُشير إلى وجود العديد من المتابعات الزجرية، بل وإدانات في حق المئات من العمال والنقابيّين، بسبب ممارسة حرية نقابية، يقول المشرع الدستوري منذ 1962 بأنها مضمونة".
وبيّن أنَّ "تجريم ممارسة حق الإضراب ما هو إلا امتداد للنظرة الزجرية السائدة في العهود البائدة في أوروبا الصناعية، قبل عصر الدساتير الديمقراطية الاجتماعية، ومواثيق حقوق الإنسان، والاعتراف بالحريات النقابية؛ ومضمون الفصل 288 من مدونة القانون الجنائي المغربي ما هو إلا نقل حرفي للمادتين 414 و415 من القانون الجنائي الفرنسي لعام 1810؛ وهو قانون لم يكن آنذاك يعترف صراحة بحق الإضراب، بل يقر به ضمنًا وبشرط خلو ممارسته من أعمال العنف أو التهديد أو المس بحرية الصناعة والعمل".