طرابلس - فاطمة السعداوي
بدأ تنظيم ما يُسمى بـ"مجلس شورى شباب الإسلام" في مدينة درنة، معقل المتطرفين في شرق ليبيا، نشر إعلانات عما وصفه بـ"توبة" رجال أمن وضباط عسكريين ومواطنين وانضمامهم إليه، بعد إعلانه مبايعة تنظيم "داعش".وكشف الناطق الرسمي باسم هيئة أركان الجيش الليبي، لـ"الشرق الأوسط"، أنَّ الجيش شنّ غارات جويّة استهدفت السيارات التي شاركت في العرض العسكري الذي نظّمه المتطرفون الجمعة الماضية في المدينة.وامتلأت الصفحة الرسمية للتنظيم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ببيانات أصدرها التنظيم، تتضمن إعلان مسؤولين عسكريين وأمنيين سابقين عن استجابتهم لدعوة التنظيم للتوبة والانضمام إليه.
وفي المقابل، أكد الناطق الرسمي باسم هيئة الأركان العامة للجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، في تصريحات خاصة لـ"الشرق الأوسط"، أنَّ طائرات سلاح الجو الليبي دمرت في غارة جوية جانبًا كبيرًا من السيارات والمُعدّات العسكرية التي شاركت في العرض العسكري الذي أجراه التنظيم وجاب شوارع درنة أخيرًا.وأضاف المسماري: "بعد خسائرهم الكبيرة في معركة بنغازي يحاولون بهذه العملية الفاشلة أنَّ يضعوا الجيش الليبي في وضعية غير مناسبة، وقسم الجيش بين معركتين في درنة وبنغازي، وتمّ استهدافهم من قِبل الطيران الليبي، وتمّ تدمير الرتل الذي استعرض عسكريًا في شوارع درنة، بستين عربة مسلحة، وبعد انتهاء العرض دخلت هذه الآليات إلى المستودعات فتمّ دكها على الفور بواسطة سلاح الجو الليبي".
وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، قد حذّر من تغلغل "داعش" في ليبيا، إذا لم ينطلق في القريب العاجل حوار سياسي حقيقي بين كل الأطراف هناك.واعتبر ليون، في تصريحات له، أنَّ ليبيا ستصبح حقلاً مفتوحًا لتنظيم "داعش"، وأنَّ بوسعه إطلاق تهديداته من هنا، مشيرًا إلى أنَّ التنظيم المتطرف موجود بالفعل في هذا البلد الذي يشهد انقسامًا حادًا.وكشف النقاب عن اتصالات مستمرة بين جماعات من ورثة تنظيم القاعدة و"داعش"، بالإضافة إلى عودة مقاتلين إلى ليبيا كانوا قد شاركوا في القتال في سورية والعراق، مضيفًا: "كل ما يريدونه هو أنَّ تستمر الفوضى الراهنة وعدم الرقابة السياسية لتعزيز مواقعهم".
ومن جهة أخرى، وصف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح الزيارة التي بدأها أمس رئيس الحكومة الانتقالية، عبدالله الثني، إلى القاهرة، بأنها تستهدف تعزيز العلاقات المصريّة الليبيّة، والتشاور في الأمور التي تهمّ البلدين.وأوضح في تصريحات تلفزيونية أنه ستتمّ الاستعانة بالأعمال المصريّة لإعادة بناء ليبيا في كل المجالات، بالإضافة إلى تدريب الجيش الليبي، مشيرًا إلى أنه تمّ الاتفاق في الزيارة التي أجراها على رأس وفد رسمي خلال شهر آب/ أغسطس الماضي على البدء في تدريب قوات الأمن ووحدات الجيش الليبي في مصر.
ومن جهته، عدّ سفير ليبيا لدى القاهرة، فايز جبريل، الزيارة هي الأولى من نوعها للثني، وأنَّ لقاءه المرتقب مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يعكس رسالة قوية للعالم بأنَّ ليبيا ماضية بثقة في تنفيذ ارتباطاتها والتزاماتها من خلال التنسيق مع دول الجوار وفي مقدمتها مصر.وأعلن جبريل أنَّ هناك المئات من الطلاب الليبيين الدارسين في الكليات العسكرية المصرية، وأنَّ هناك تدريبًا لضُباط الجيش والشرطة الليبية في مصر، إلى جانب وجود ستة آلاف طالب ليبيي في الجامعات المصرية، فضلاً عن تلقي جرحى ليبيين للعلاج في المستشفيات المصرية، وهو ما يؤكد أنَّ الزيارة لن تقتصر على جانب بعينه ولكن ستشمل كل الجوانب.
وأبلغ الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي "الشرق الأوسط" بأنَّ الجيش يتوقع الكثير من زيارة الثني إلى العاصمة المصرية، مضيفًا: "إنها زيارة هامة نتوقع منها الكثير، ونعتبرها امتدادًا لزيارة رئيس البرلمان ورئيس الأركان السابقة إلى القاهرة، وننتظر توثيق التعاون والطرق التي تسهّل التعاون بين البلدين.. نعول كثيرًا على الدعم المصري".
إلى ذلك، أكد قائد عملية الكرامة التي يشنّها الجيش الوطني الليبي ضد الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي شرق ليبيا، اللواء خليفة حفتر، إنَّ الجيش الوطني الليبي يؤدي بواجبه تجاه وطنه وشعبه نيابة عن الأمة العربية والإسلامية وعن الإنسانية جمعاء في حربها على التطرف والتخلف والعنف.ولفت، خلال كلمة ألقاها مساء الاثنين الماضي بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الـ41 لحرب تشرين الأول /أكتوبر العام 1973 التي شارك فيها، إلى أنَّ "الاحتفال هو ذكرى خالدة للأمة العربية وليس للشقيقة مصر وحدها، ومن حق كل عربي ينتمي إلى هذه الأمة أنَّ يحتفل بهذه الذكرى لأنها تمثل الكرامة والعزة والكبرياء، وعندما أهنئ الشعب المصري بهذه الذكرى، فإنني في واقع الأمر أهنئ نفسي شخصيًا باعتباري كنت قائد القوات الليبية التي شاركت في الحرب"، مشيرًا إلى أنه يتذكر تلك الأيام بكل تفاصيلها والمواقف الصعبة التي مرّ بها ولحظات الانتصار.