بغداد ـ نجلاء الطائي
أعلن تنظيم "داعش" المتطرف أن عناصره المقاتلة لن تتوقف عن زحفها في العراق لإقامة الدولة الإسلامية، بما في ذلك الوصول إلى بغداد نفسها، ونشر موقع إلكتروني مقرب من التنظيم أن تحرير الرمادي لن يكون آخر المطاف، وان بغداد ليست بعيدة المنال.
وأكدت مصادر مطلعة أن قوات مدعومة من إيران تم إرسالها إلى مدينة الرمادي بواسطة الحكومة العراقية لمحاربة تنظيم "داعش" الذي سيطر على المدينة الأحد.
وأوضحت المصادر أن جنودًا حكوميين ومدنيين قُتلوا على يد المتطرفين، وأن الجثث المتفحمة تناثرت في شوارع المدينة، وأن القوات فرت بعيدًا عن الرمادي، على الرغم من إصدار أوامر من رئيس الوزراء حيدر العبادي بعدم ترك مواقعهم.
وأفادت بأن مدينة الرمادي هي أحدث معقل للحكومة يسيطر عليه "داعش"، على الرغم من شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، غارات جوية تهدف إلى وقف تقدم "داعش" في العراق وسورية.
ونظم "داعش" استعراضًا عسكريًا في أعقاب الاستيلاء على مدينة الرمادي العراقية المهمة في موجة من العنف وعمليات قطع للرؤوس، حيث انتشرت الجثث المشوهة في الشوارع على أعتاب العاصمة بغداد، وذبح التنظيم ما يقرب من خمسمائة شخص في الوقت الذي اضطر فيه ما يقرب من خمس وعشرون ألفًا للفرار من منازلهم خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضح المتحدث باسم محافظ الأنبار، مهند هايمور، أنَّه لا يوجد إحصاء دقيق بشأن أعداد القتلى، ومن الممكن أن يصل عناصر "داعش" إلى العاصمة العراقية خلال الشهر المقبل.
ونشر "داعش" صور الاحتفالات وظهرت في هذه الصور الأطفال وهم يحملون الأسلحة الآلية ويعتلون شاحنات "بيك آب"، التي تحمل مقاتلي التنظيم المبتهجين وتجوب شوارع الرمادي الملطخة بالدماء.
ويظهر في شريط فيديو رجلًا يحمل تعابير بالرعب اعتقل من قبل المسلحين وقد تم تصويره قبل قطع رأسه بوحشية، في حين شنَّ المقاتلون الشيعة هجومًا مضادًا من أجل استعادة المدينة، إلا أنَّ هذا النوع من التكتيكات يؤدي لإشعال حرب شاملة في المنطقة.
وأوضح شهود عيان أنَّ عناصر "داعش" يتجهون شرقًا تجاه قاعدة الحبانية العسكرية، التي تبعد حوالي عشرون ميلًا شرق الرمادي، حيث يتجمع رتلًا عسكريًا مكون من ثلاثة آلاف من القوات الشيعية شبه العسكرية.
وأشار الأستاذ غاريث ستانسفيلد، إلى أنَّه إذا كان "داعش" يعتزم الوصول إلى بغداد فإن هذا سيكون بمثابة المذبحة المطلقة ما بين السنة والشيعة.
وأضاف أنَّ "داعش" حقق الكثير من النجاحات ويتحرك بوتيرة سريعة ما يعني أن بغداد تواجه مخاوف حقيقية من هذا التنظيم سواء على صعيد القوات الموجودة خارج بغداد أو الخلايا الموجودة بالفعل داخلها، مشددًا على أنَّه إذا ما أراد "داعش" وأتيحت له الفرصة لدخول بغداد فلن يكون الأمر سهلًا بالنسبة إليه نظرًا لأن بغداد تعد معقلًا عسكريًا للقوت الشيعية.
وكشفت الأمم المتحدة أنَّ قرابة 25 ألف شخص فروا من مدينة الرمادي بعد أن هاجمت الميليشيات المسلحة المدينة، وأعلن المتحدث الرسمي للتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة أنَّ هناك غارات جوية مكثفة تم تنفيذها من قبل التحالف ضد المتطرفين، وتوجيه تسعة عشر غارة جوية قرب الرمادي خلال الـ72 ساعة الماضية، بناءًا على طلب من قوات الأمن العراقية.
يذكر أنَّ المعارك التي يقودها "داعش" طالت مدينة سامراء التي تبعد مسافة سبعون ميلًا شمال العاصمة بغداد، كما تجري معارك وحشية في نيباي التي تبعد مسافة خمسون ميلًا شمال غربي العراق، في حين تعد خسارة الرمادي أسوأ انتكاسة للجيش منذ بداية التصعيد من جانب تنظيم "داعش" في أواخر العام الماضي.
وأمر رئيس الوزراء حيدر العبادي، القوات الشيعية بالاستعداد للتوجه إلى المحافظة التي يسيطر عليها المسلمين من السنة من أفراد تنظيم "داعش"، متجاهلًا مخاوف الولايات المتحدة من أن ذلك قد يشعل العنف الطائفي.
وأكد وزير "الخارجية" الأميركي جون كيري أنَّ المعارك الجارية ضد الميليشيات المسلحة ستستمر طويلًا في حين ستكون أشد ضراوة في محافظة الأنبار غرب العراق، مشيرًا إلى أنَّه لا يزال واثقًا بشأن القتال في مواجهة تنظيم "داعش" بالرغم من النكسات التي تحققت مثل خسارة الرمادي.
وعلى أحد مواقع الإنترنت التي يتردد عليها أعضاء تنظيم "داعش" كانت هناك رسالة من التنظيم تدعي أنَّ مقاتليه اقتحموا القاعدة العسكرية الخاصة باللواء الثامن إضافة إلى الدبابات وقاذفات الصواريخ التي خلفها ورائهم الجنود الفارين، ولم يتم التحقق من صحة الرسالة.
وحققت القوات العراقية والمقاتلين الأكراد تقدمًا ضد تنظيم "داعش"، بما في ذلك استرجاع مدينة تكريت الشمالية وذلك بفضل الدعم من خلال الضربات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إلا أن التقدم كان بطيئًا في الأنبار.
وأوضحت أن نحو 500 شخص، من المدنيين والجنود العراقيين، يُعتقد أنهم قُتلوا خلال أيام القتال، وأن البريطاني الذي يسمي نفسه "أبو موسى البريطاني" كان من بين المفجرين المتطرفين الذين شنوا هجومًا الجمعة باستخدام سيارات مفخخة للوصول إلى المجمع الحكومي.
وأضافت أنه من الممكن إرسال العناصر الشيعية المعروفة باسم "تعبئة الشعبية" أو "الحشد الشعبي" بعد مساعدتهم حكومة العراق لاستعادة مدينة تكريت من براثن "داعش" قبل شهرين.
وذكرت أن الزعيم القبلي السني نعيم الجاوود، صرح في حوار صحافي: "إننا نرحب بأي مجموعة، بما في ذلك العناصر الشيعية، لتأتي وتساعدنا في تحرير المدينة من المسلحين، ما حدث اليوم هو خسارة كبيرة سببها عدم التخطيط الجيد من قبل الجيش"، مشيرة إلى أن رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح قرهوت صرح أن العناصر الشيعية وصلت قاعدة عسكرية قرب الرمادي مساء الأحد.
وأشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلى أنه ثقته بإمكانية طرد "داعش" من المدينة بمساعدة الضربات الجوية بواسطة قوات التحالف.
وفر أكثر من ثمانية آلاف شخص فروا من المدينة في نيسان / أبريل الماضي، ليصل مجموع النازحين من الرمادي سيرًا على الأقدام إلى 114 ألف شخص.
وشن "داعش" سلسلة تفجيرات قتلت أكثر من عشرة ضباط في الشرطة، وفجر موقع مقر القيادة العسكرية لمحافظة الأنبار مما أسفر عن مقتل خمسة جنود، ويُعتقد أنه يسيطر الآن على حوالي ثلث العراق، فضلًا عن مساحات شاسعة من سورية المجاورة.