دبي - وكالات
سرعان ما يلاحظ الزائر الذى يقصد تلك المدينة الكعكة للمرة الأولى، مساكنها بألوانها الفنية الزاهية, جنباً إلى جنب مع المنحوتات الفنية الرائعة التى تقام فى مناطق مختلفة من المدينة والتي لا تعبر إلا عن مجرد لمحة من قصة قلب المدينة الغامض والذي يعرف باسم “قرية جامشيون” بمدينة بوسان فى كوريا الجنوبية. تعرض القرية نفسها فى تناقض زمنى عجيب يجمع ما بين ناطحات السحاب السامقة فى الجزء من المدينة الذى يطلق عليه نيو بوسان , جنيا إلى جنب مع أسواق بوسان القديمة التى تعج بالحركة , فتمثل بهدوئها الرخيم مقصدا لسائح لا تغازله الوجبات الشعبية ولا يدفعه الكسل للإسترخاء على الشاطئ للإستمتاع بلون بشرة برونزى, ولكنها مقصد لسائح يطارد الفن والجمال فى احضان قرية ساكنة تموج بالحركة الفنية . وترجع العديد من كتب التأريخ جومشيان الى قرية فقيرة نشأت فى أعقاب الحرب الكورية من مجموعات مختلفة من المشردين واللاجئين وذلك تقريبا فى العام 1950, إلا أن سكان القرية يرجعون نشأتها الى جماعة دينية روحية محظورة تدعى تايجويكدو , والتى استقرت فى القرية فى أعقاب إضطرابات سياسية ودينية فى العام 1900 . فى العام 1955 , وفى أثناء فترة إعادة البناء فى مدينة بوسان والتى أعقبت إنتهاء الحرب الكورية, تم نقل حوالى 800 أسرة من طائفة التايجويكدو الى منطقة تلال قريبة على أطراف المدينة, كما تم نقر مقر الطائفة الدينية وهو الذى لا يزال حتى الآن أحد أهم معالمها التاريخية والسياحية البارزة . وربما تبدو جومشيان كلوحة فنية طبيعية ومصطنعة فى آن واحد, فبناء المنازل فى طبقات مختلفة المنسوب خلف بعضها البعض , بحيث لا يغلق أحدها الآخر هو فى جوهره نزعة فنية فطرية أدركها سكان المدينة فى أرواحهم المرهفة الحس, وكأن العمارة فى جومشيان تمثل أحد تعاليم التايجويكدو, التى تنص على ( دع الآخرين يعيشون فى إزدهار ورخاء ) كما يقول أحد ممثلى الطائفة الدينية كيم كى يونج . ولقد تحولت جومشيان الى عنوان للفن فى كوريا فى العام 2009 عندما إستضافت مشروعاً محليا للفنون ودعت أرباب الفن وتلاميذه إلى تزيين شوارعها وأروقتها بالمناظر الفنية, وبينما زين المزارعون منازلهم ولعقود طويلة بمناظر فنية رائعة لكنها فطرية وبدائية, أضاف زائروها من الفنانين والطلا ب لمسات فنية رائعة لكنها محترفه واصفين المدينة فى لقطات عديدة بأسماء فنية مثل ماخوبيتشو كوريا فى إشارة الى ماخو بيتشو أيقونة الفن فى حضارة الانكا. يدعى بعض السكان أن افضل الأماكن لمعاينة حسن القرية الفنية هو نقطة مرتفعة تسمى ( حديقة السماء ), إلا أنهم يغازلون الأرواح بفكرة أن لا شئ يعدل الضياع فى أزقة المدينة وحناياها, ما يسمح للروح بتلقى وحيها الفنى دفقة دفقة كلما طالعتك صورة او جذبتك منحوتة فنية . حيث يفضى كل من أزقتها إلى مفاجئة مختلفة, ما بين منحوتات الطيور على أسطح المنازل إلى ملصقات ومنحوتات جميلة موجودة فى المنازل المهجورة . وحيث انه وطبقا لنصائح المحليين , فمن المستحيل ألا تفقد وجهتك فى أزقتها المتشابهة , حيث يؤدى كل زقاق الى ثلاثة أو أربعة آزقة أخرى , حيث تمثل الطريقة الوحيدة للبقاء فى الإتجاه الصحيح هى العمل ينصيحة ( اتبع السمكة ) وهى رسومات لسمكات تسبح فى نهر الطريق كعلامات إرشادية . لكن العديد من القرويين لا يتقبلو , ربما بسبب التعاليم الدينية, فكرة أن يتجول السائحون فى منازلهم بهذه الطرقة, إلا انهم للغرابة يهجرونها إلى المساكن فى التلال القريبة, حيث يقدر عدد المنازل المهجورة فى المدينة بحوالى 300 منزل, حيث تم تحويل بعضها الى معارض للفنانين المقيمين فى المدينة على الدوام بينما تم تحويل البعض الآخر إلى مطاعم ونزل سياحية على هيئة كهوف فاتحة ذراعيها لزوارها على الدوام , إلا انها لا تقبل أن تكون مزارا للسياحة ذات الأعداد أو سياحة المجموعات , بل تفضل كونها كما هى اليوم , مقصد موسمى لراغبى المتعة والفن , حتى ضيق الأزقة قد لا يسمح بمرور السائحين ذوى الأجساد الضخمة , كما أشار أحد المرشدين السياحيين . للوصول الى جومشيان: من بوسان، استقل مترو الإنفاق إلى محطة تسونج-دونغ أو محطة جوجيونج، ثم خذ سيارة أجرة إلى ”بوسان جامجيونج، سيكلفلك التاكسي حوالي 2.50 دولار.