الرباط - سكينة أصنيب
يحقق مشروع «زيارات فاس» فائدة كبيرة للسياح وسكان المدن القديمة، ويفتح المجال أمام مبتكريه لاقتراح مشاريع جديدة وتطوير أخرى لتحقيق أهداف مختلفة، ومكن مشروع زيارات فاس الخاص بالسياحة العائلية السياح من التعرف عن قرب على التقاليد والحياة الاجتماعية وأسلوب العيش في المغرب، وعلى مستوى آخر أنقذ هذا المشروع العائلات من الفقر والحاجة وخلق فرصا للعمل لعدد هام من الشباب، كما ساهم في المحافظة على الموروث التاريخي. يعد مشروع زيارات فاس النموذجي أول مشروع سياحي في المغرب يتيح للسائح السكن مع صاحب المنزل في إطار قانوني، كما يعد هذا المشروع من أهم المشاريع التي عرفتها مدينة فاس في إطار مبادرة التنمية البشرية والذي يندرج ضمن المشاريع المذرة للدخل. وقام المجلس الجهوي للسياحة باختيار المنازل المناسبة لهذا المشروع وساعد الأسر التي تملك بيوتاً في المدينة القديمة بفاس في عملية الترميم والبناء، وأشرف على كافة الإجراءات الكفيلة للحفاظ على الجودة، كما يسهر حالياً على تطوير المشروع ومتابعة مشاكله، بينما تهتم وكالة التنمية الاجتماعية بتكوين الأسر المستضيفة على أساليب الضيافة والاهتمام بالصحة والنظافة والإلمام بتاريخ المدينة واللغات، ومؤخراً قامت الوكالة بتخصيص صندوق للتضامن من أجل تأثيث الغرف المستأجرة وتكوين جمعيات للسهر على تسيير المشروع وتجميع حجز الغرف. زيارات فاس ويعول المجلس الجهوي للسياحة صاحب فكرة مشروع زيارات فاس على هذا المشروع للرفع من أعداد السياح في المدينة التاريخية، ويرى المجلس في ورقة أعدها عن مشروع زيارات أن هذا المشروع هو صيغة مبتكرة تمزج بين السياحة والتنمية البشرية، ويوفر للزوار إقامة خارجة عن المألوف وسط الأسر الفاسية للتعرف على العادات والتقاليد وتذوق الضيافة الفاسية وإدراك روح المدينة، واقتسام اليومي مع الساكنة في منازلهم الساحرة ذات الطابع الأصيل. كما يتيح المشروع للسائحات تعلم فنون الطبخ المغربي وعجن الخبز وحمله إلى الفرن التقليدي والذهاب إلى أسواق المدينة للتبضع والانخراط في التساوم حول أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى التعرف على أفضل الأماكن في المدينة العتيقة، وزيارة المنازل التي عاش فيها كبار المفكرين، وبذلك سيساهم المشروع في خلق حوار بين الثقافات والتعريف بالحضارات التي تعاقبت على المغرب، كما يوفر المشروع الدعم الاقتصادي لأصحاب الدور حتى يتمكنوا من المحافظة على منازلهم وعلى موروثهم الثقافي وإنقاذ مجموعة من الأسر الفاسية من الفقر وخلق فرص للشغل لعدد هام من الشباب، كما يعمل المشروع على المحافظة على الموروث التاريخي للمدينة. وتتمتع المنازل المختارة لهذا المشروع بمزايا خاصة أهمها أنها تقع داخل المحيط العتيق للمدينة القديمة بفاس، كما تم انتقاؤها وفق معايير سياحية دولية، وحرص المسؤولون عن المشروع على الترويج السياحي للمشروع وتكوين العائلات المستقبلة للسياح الأجانب تكوينا كافياً، وتأهيلها لاستقبال سياح من جنسيات مختلفة. ويقول علي المراكشي أحد العاملين بهذا المشروع إن الفكرة تقوم على استقبال السائح وسط عائلة تقطن بالمدينة العتيقة بوسائل مريحة وإمكانيات بسيطة تتيح له اكتشاف الحياة اليومية للمغاربة، ويضيف أن البيوت المؤهلة لهذا المشروع تم اختيارها وفق معايير موضوعية وتتوفر فيها مجموعة من الشروط أهمها الأمان والاستقبال الجيد للسياح والنظافة والمكان الهادئ.. وقد تم وضع صفائح عليها تسمح بتمييزها عن غيرها من المنازل. ويشير إلى أن اختيار السائح الإقامة في بيوت الزيارات وتفضيلها على الفنادق والمنتجعات السياحية نابع من رغبته في الاستمتاع بهذه البيوت التراثية التي بقيت محافظة على طابعها والتعرف عن قرب على الطقوس والعادات والحياة اليومية للناس والتنقل بحرية لاكتشاف المنطقة والتواصل مع الأشخاص المحليين وحضور حفلات أعراس وسهرات تقليدية. وعن أكثر ما يجذب السياح خلال إقامتهم بهذا المشروع يقول علي «التجول في المدينة العتيقة واكتشاف آثارها والتمتع بالوجبات التقليدية وكيفية تحضيرها هي أكثر ما يغري السياح، حيث يطالب أغلبهم بوجبات محلية معينة ويصر على تعلمها وفق التقليد المحلي خاصة الفطور القروي». وبعيداً عن مغريات السياحة العالمية وتكاليفها الباهظة، يرى الخبراء أن مثل هذه المشاريع التي تهتم بالبيئة والتقاليد والتراث مفيدة اكثر للسكان المحليين، إضافة إلى دورها السياحي والاقتصادي، ويعتبرون مشروع زيارات فاس يلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على دور العائلات المستقبلة ودعم الفئات الفقيرة والمهمشة من خلال تمكينها من مداخيل إضافية وتشجيعها على مواصلة حياتها في المدينة العتيقة في ظروف أفضل وبطريقة تحترم العادات الحياتية القديمة. يولي المغرب الذي يستقبل سنوياً نحو 10 ملايين سائح أهمية كبيرة للقطاع السياحي الذي يساهم بحوالي 9% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد المغربي، ويلعب عامل القرب الجغرافي من أوروبا دوراً رئيسياً في إقبال السياح الأوروبيين بكثرة على المغرب، إضافة إلى تتعدد المؤهلات السياحية المتوفرة به، ويسعى المغرب باستمرار إلى تحديث قطاع السياحة، وتعزيز تسويق وجهة المغرب في الأسواق العالمية، والحفاظ على إشعاعه السياحي كبلد مفضل للسياح، وتطوير جودة الاستقبال، ومنافسة الدول التي تحظى بترتيب جيد في استقطاب وجدب السياح. وساعدت المجهودات المبذولة مؤخراً على تطوير هذا القطاع ورسخت حضور السياحة المغربية في السوق العالمية، خاصة من خلال الاهتمام بالسياحة العائلية، وسياحة المخيمات، والسياحة العلاجية، وسياحة المواسم، والمهرجانات الثقافية، وسياحية المدن العتيقة التي تعتمد على الضيافة التقليدية مثل توفير الإقامة في البيوت الأثرية و«الرياضات» للاستمتاع بالضيافة التقليدية وإغراء السياح الذين ملوا من المطاعم والفنادق والاستراحات.