طرابلس - ليبيا اليوم
شجعت الانفراجة التي حدثت للأزمة الداخلية بين طرفي النزاع الليبي، بعد وقف إطلاق النار، ما يمكن تسميته بـ«صراع التموقع» بين شركات وقوى دولية على حصص إعادة إعمار البنى التحتية واستئناف مشاريع التنقيب على النفط والاستحواذ على صادرات السوق الليبية، وكذلك الموانئ.
وتنقسم الدول الساعية إلى دور اقتصادي في ليبيا خصوصا مصر وتونس وتركيا وإيطاليا بين مستعجل لرؤية الاستقرار في البلاد وأخرى تتخوف من تغير مصالحها مع تغير المجلس الرئاسي.
محاولات تونس
وبرزت تونس كأكثر الدول تحمسا للعودة إلى الأسواق الليبية، بهدف إزاحة منافسين آخرين تمكنوا من الاستحواذ على حصتها من الصادرات. وتسعى تونس إلى التنفس من خلال الاتفاق مع ليبيا على استئناف عبور السيارات والمشاة على مستوى الحدود، الذي تم السبت الماضي، وعودة الرحلات الجوية الأحد، خصوصا أن الجارة الغربية لليبيا متضررة بشدة من أزمة اقتصادية كبيرة، إذ يرتبط جنوبها مباشرة بالتجارة مع ليبيا.
وفي الوقت ذاته، انهار الاقتصاد غير الرسمي لتونس، وهو نشاط رئيسي، وذلك منذ غلق الحدود في مارس الماضي بسبب انتشار فيروس «كورونا المستجد»، مما أدى إلى إغراق آلاف العائلات في الفقر.
اضغط هنا للاطلاع على العدد 261 من جريدة «الوسط»
وكشف المدير العام لمركز النهوض بالصادرات التونسية، شهاب بن أحمد، في تصريح الإثنين الماضي، عن برنامج اقتصادي كامل بصدد التحضير حاليا لإعادة التعاون الاقتصادي مع ليبيا، الذي من المنتظر تفعيله بداية من النصف الأول من شهر ديسمبر المقبل.
وأوضح بن أحمد أنه سيتم قريبا عقد عدة ملتقيات بين رجال أعمال ليبيين وتونسيين بتونس وتنظيم زيارات إلى ليبيا، مشيرا إلى أن إعادة فتح تمثيليات تونس الدبلوماسية في طرابلس وأخرى بمدينة بنغازي وتركيز مكتب في منطقة رأس اجدير، من شأنه المساهمة في تنفيذ هذا البرنامج الاقتصادي، ودفع مجهودات الدولة الرامية إلى استرجاع مكانة تونس الاقتصادية بليبيا وإعادة تموقعها في هذا البلد، حسب تصريحه على هامش لقاء صحفي افتراضي حول آخر التحضيرات للقاءات المهنية الافتراضية الأولى مع موردين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
وقبله، كشف رئيس مجلس نواب الشعب التونسي، راشد الغنوشي، عما سماه بـ«زحف نحو ليبيا ليس بالدبابات بل بالشركات، وستكون تونس منطلقا لهذه الشركات الدولية، التي ستتولى تعمير ليبيا، وهذا حظ لتونس يجب أن تستفيد منه»، وفق تعبيره.
تراجع التبادل التجاري
وعمقت الاضطرابات الأمنية وغلق المنافذ الحدودية من متاعب الاقتصاد التونسي، وانحسرت المبادلات التجارية مع ليبيا بنسبة 70 %، لتحل محلها البضائع التركية التي لم تنتظر أنقرة ضمان الاستقرار الأمني لتعزيز وجودها، والاستفادة من اتفاقات تجارية وأمنية مع حكومة الوفاق الوطني، للحصول على مشاريع استثمارية أخرى داخل ليبيا.
اضغط هنا للاطلاع على العدد 261 من جريدة «الوسط»
وقبل زيارة مفترضة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الفترة المقبلة، تعزز شركاته فرصها للاستحواذ على صفقات إعادة الإعمار في ليبيا، ولا سيما في مجالي البنية التحتية والطاقة، حيث تشير تقارير تركية إلى حصول شركة مملوكة لصهر إردوغان على مشروع إعادة تهيئة وتطوير مطار مصراتة الدولي، الذي دمر جزء منه.
منافسة مصرية-تركية
وبينما تسعى تركيا للسيطرة على الموانئ التجارية الليبية من خلال إبرام اتفاقات تسمح لشركاتها بإدارتها، تعد السلع المصرية الآن أكبر منافس للمنتجات التركية في ليبيا.
ففي أبرز حلقات تطور صراع النفوذ الاقتصادي بين الطرفين، استضافت أنقرة أول منتدى اقتصادي تركي ليبي في 15 أكتوبر الماضي بمشاركة العديد من الشركات الليبية والتركية، ليعلن وقتها الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية موافقته على إقامة معرض في ليبيا للترويج للمنتجات المصرية في مارس المقبل.
اضغط هنا للاطلاع على العدد 261 من جريدة «الوسط»
فيما أعلن عن التوصل إلى إبرام اتفاق بين المؤسسة العسكرية للاستثمار العسكري التابعة للجيش الوطني الليبي وشركتين مصريتين، لإنشاء الطريق الساحلي الدولي، حيث سينفذ المشروع في شهر نوفمبر الجاري لتسهيل حركة التجارة بين البلدين.
وفي المقابل، بدأت القاهرة في مناقشة ترتيبات عودة العمالة المصرية إلى ليبيا، على خلفية مناقشة مسؤولين التحدي المتمثل في حمايتهم مع وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، الذي زار القاهرة لأول مرة في 4 نوفمبر، ولا سيما أن العمال المصريين ويصل عددهم إلى مليون عامل تقريبا عرضة للانتهاكات، بما في ذلك الخطف والتعذيب والقتل، كما سجلت عدة حوادث منذ 2011، في وقت عاد العديد منهم إلى ديارهم، لأنهم لم يشعروا بالأمان، وما إن تستقر الأوضاع حتى يستعد كثيرون للسفر مجددا إلى ليبيا من أجل المشاركة في أعمال إعادة الإعمار.
إيطاليا تبحث عن دور
وعلى غرار تركيا، لا تزال إيطاليا تحافظ على علاقات طيبة مع المجلس الرئاسي، الذي بحث رئيسه فائز السراج، مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، إجراءات لعودة الشركات الإيطالية لاستئناف نشاطها في ليبيا.
ويعد أهم نشاط لروما هو مشاريع التنقيب عن النفط والغاز المتوقفة منذ اندلاع حرب العاصمة عن طريق شركة «إيني»، التي تسيطر على 45 % من إنتاج الطاقة الليبي، حيث تخطط حاليا إلى إعادة إطلاق عمليات التنقيب خلال العام المقبل، علما بأنها تملك 11 ترخيصا للتعدين، بما في ذلك أربعة تصاريح للتنقيب وسبعة تصاريح إنتاج.
اضغط هنا للاطلاع على العدد 261 من جريدة «الوسط»
وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن توحيد حرس المنشآت النفطية قد يكون سببا رئيسيا في تأجيل «إيني» خطط التنقيب إلى العام المقبل؛ فيما طمأن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، الشركات الأجنبية بسعيها إلى إنشاء قوة حماية جديدة تضم خليطا مدنيا وعسكريا، وفقا لمعايير محددة تستطيع التعامل مع الظروف الراهنة. وأوضح صنع الله، خلال مؤتمر صحفي بمدينة البريقة، مع المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز، الإثنين، أنهم يعملون على حماية العاملين في قطاع النفط بطريقة مثالية واستقرار النفط يحفز النشاط المحلي. وأكد أن رئيس قوة الحماية النفطية ستكون تبعيته لمؤسسة النفط ووفقا للكفاءة فقط، كما سيجري تأمين المنشآت النفطية عبر ثلاث قوى، مكونة من الأمن الصناعي وقوة حماية جديدة والجيش.
وأضاف أن القوة الجديدة لحماية المنشآت النفطية ستعتمد على استخدام التقنية الحديثة وأساليب الإنذار المبكر، وسيكون رئيسها من المؤسسة وسيكون من بين مهامها حماية العاملين، ثم المنشآت النفطية والوصول إلى استقرار الإنتاج بها، وعودة المستثمرين والشركات الأجنبية.
عودة الشركات الأجنبية بقوة يتوقع أن يصطدم بمطالب تعويضات على عاتق الحكومات الليبية المتعاقبة منذ 2011، التي تضررت أعمالها بسبب الحرب، إذ رفعت العديد منها قضايا بسبب الخسائر نتيجة تأخير مشاريعها وتعطيل معداتها، حسب توقعات مراقبين؛ في حين تحصي وزارة الاقتصاد بحكومة الوفاق في 2019 قرابة 14 ألف مشروع تتجاوز قيمتها نحو 140 مليار دولار متوقفة منذ بداية الأزمة الليبية.
قـــد يهمــــــــك ايضـــــــًا:
"المسماري" ندرس وقف القتال في طرابلس
وزير الخارجية الإيطالي يصل طرابلس