برلين ـ المغرب اليوم
تزايدت ضغوط البنوك الألمانية على البنك المركزي الأوروبي، لإنهاء سياسة خفض الفائدة البنكية، حيث قال رئيس مصرف "دويتشه بنك" الألماني، جون كريان، خلال ملتقى لرؤساء البنوك، الأربعاء، في فرانكفورت، إنه لا بد من إنهاء عصر المال الرخيص في أوروبا رغم قوة اليورو.
بينما أكد رئيس بنوك "شبار كاسِن"، جيورج فارينشون، أنه قد آن الأوان الآن "للعودة والعمل على عودة الأمور إلى طبيعتها"، ووفقًا لوزير المال الألماني، فولفجانج شويبله، فإن النمو الاقتصادي الجيد الذي ساد مؤخرًا يبرر اقتراب أوروبا كثيرًا من تطبيع السياسة المالية"، مضيفًا خلال الملتقى، أن تعبير "سياسة نقدية غير عادية" يعني أنها سياسة غير معتادة، وأن الجميع على مستوى العالم يتمنون عودة الأمور إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن، غير أن شويبله شدد في الوقت ذاته على استقلالية البنك المركزي الأوروبي.
وسيعقد البنك المركزي الأوروبي، أعلى هيئة للسياسة النقدية في الاتحاد الأوروبي، جلسته العادية، الخميس، في فرانكفورت، وتأمل أسواق المال في أن يبعث المركزي الأوروبي على الأقل برسائل تبين خططه عام 2018 فيما يتعلق ببرنامج شراء السندات السيادية الذي يتكلف عشرات المليارات، في حين يتوقع خبراء الاقتصاد ألا ترتفع الفائدة البنكية قبل عام 2019.
ورأى كريان، أن ضخ كميات كبيرة من الأموال بفائدة ضئيلة ساعد البنوك المركزية في دول الاتحاد الأوروبي كثيرًا خلال الأعوام الماضية، ولكن سياسة الفائدة المتساهلة تؤدي دائمًا إلى اختلالات كبيرة"، مضيفًا: "أصبحنا نرى مؤشرات على وجود فقاقيع مالية في أماكن متزايدة في سوق المال لم نكن نتوقع وجودها فيها".
وأشار رئيس البنك المركزي الألماني في هذا السياق إلى انفجار الأسعار في سوق العقارات وارتفاع أسعار الأسهم بشكل غير مسبوق، معتبرًا أن الارتفاع الأخير في سعر اليورو مقابل الدولار ربما أخّر البدء في الخروج من السياسة النقدية المتساهلة، وقال: "يسبب لي ارتفاع قيمة اليورو قلقًا، وذلك ليس فقط لأنه يصعب الصادرات.. بل لأن التطور في أسواق العملات الأجنبية ربما خدم البنك المركزي الأوروبي كحجة للاستمرار في زيادة الفائدة السلبية على اليورو"، واشتكى من أن خفض البنك المركزي الأوروبي الفائدة البنكية إلى أدنى مستوى لها في تاريخها يلحق ظلمًا بالبنوك الأوروبية أمام البنوك الأميركية المنافسة لها.
على صعيد آخر، أظهرت بيانات أن الطلبيات الصناعية الألمانية انخفضت على غير المتوقع في يوليو/تموز بفعل ضعف الطلب المحلي، في حين ظلت دفاتر الطلبيات الواردة من الخارج مستقرة بما يشير إلى أن أقوى اقتصاد في أوروبا قد يتباطأ في الأشهر المقبلة.
وأظهرت بيانات من وزارة الاقتصاد أن المصانع سجلت انخفاضًا قدره 0.7 في المائة في الطلبيات بعد زيادة معدلة بالخفض في عقود السلع الألمانية الصنع قدرها 0.9 في المائة في يونيو/حزيران، وجاءت القراءة لشهر يوليو دون توقعات "رويترز" بتسجيل زيادة قدرها 0.3 في المائة، بينما تظهر البيانات التفصيلية، أن الطلب المحلي انخفض 1.6 في المائة في حين لم تسجل الطلبيات الخارجية تغيرًا يذكر.
وقالت الوزارة، إنه باستثناء الطلبيات الكبيرة التي تتسم بالتقلب فإن الطلبيات زادت 0.6 في المائة في يوليو، مضيفة "يظل نشاط الطلبيات عند مستوى مرتفع جدًا... في الأشهر الثلاثة السابقة، سجلت الشركات الألمانية طلبيات كثيرة مماثلة لما سجلته قبل تعثر الاقتصاد والأزمة المالية العالمية في 2008"، متابعة أن مؤشري الطلبيات والمعنويات يشيران إلى استمرار النمو القوي في القطاع.
وكان مسح قد أظهر، الثلاثاء، أن قطاع الخدمات في ألمانيا سجل نشاطًا قويًا في أغسطس/آب؛ ليدفع ضغوط الأسعار في القطاع للارتفاع ويعزز نمو القطاع الخاص بوجه عام؛ مما يشير إلى أن النمو القوي في أكبر اقتصاد في أوروبا سيستمر، وزادت القراءة النهائية لمؤشر ماركت المجمع لمديري المشتريات، والذي يرصد قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات اللذين يمثلان ما يزيد على ثلثي الاقتصاد، إلى 55.8 من 54.7 في يوليو، وهو أدنى مستوياته في عشرة أشهر، وتفوق القراءة بكثير مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، كما تزيد قليلًا على التقديرات الأولية البالغة 55.7 التي نشرت الشهر الماضي.
وجاء الدعم الرئيسي من قطاع الصناعات التحويلية، حيث سجل النمو أسرع وتيرة منذ أبريل/نيسان، مدعومًا بزيادة حادة في الإنتاج والطلبيات الجديدة ونشاط التصدير، وفي قطاع الخدمات، زادت أنشطة الشركات لتصل إلى أعلى مستوى في شهرين عند 53.5 في أغسطس مع تسجيل الطلبيات لأسرع وتيرة، وواصلت الشركات العاملة في القطاع تعيين موظفين، لكن توفير فرص العمل تباطأ ليسجل أقل وتيرة فيما يزيد على عامين.
وفي مؤشر على أن النمو يدفع التضخم للارتفاع، زادت ضغوط التكلفة التي تواجهها الشركات العاملة في قطاع الخدمات الألماني، وزاد التضخم في أسعار المدخلات ليبلغ أعلى مستوى في خمسة أشهر، في حين زادت الأسعار التي تحصل عليها الشركات المقدمة للخدمات بأسرع وتيرة منذ مارس/آذار.
وأوضح تريفور بالشين، الخبير الاقتصادي لدى "آي إتش إس ماركت"، إن بيانات المسح تؤكد قوة الاقتصاد الألماني. لذا؛ رفعت "آي إتش إس" توقعاتها للنمو لعام 2017 و2018 إلى 2.3 في المائة، و2.1 في المائة على الترتيب.