لندن ـ وكالات
جرى تطوير برمجية تشفير رخيصة تمنع بصورة تامة التنصت على الهواتف الخلوية حتى إذا كان المتنصت محققا بيده ترخيص من السلطة القضائية. وأثارت التكنولوجيا الجديد مخاوف من وقوعها بأيدي ارهابيين أو مجرمين اعتياديين. تشكل البرمجية الجديدة التي تمنع التنصت على الهواتف الخلوية مشكلة متعاظمة للأجهزة الأمنية الأميركية التي تسميها "إطفاء الأنوار" عليها في إشارة الى انتشار تكنولوجيات في قطاع الاتصالات لا يمكن اعتراضها حتى بأمر قضائي لأن الأجهزة الأمنية نفسها لا تملك القدرات التقنية التي تتيح لها التنصت على الاتصالات واعتراضها. ولكن خبراء يقولون ان الأجهزة الفيدرالية اقترحت حلا للالتفاف على تكنولوجيا "التعتيم" هذه بالحصول على موافقة قانونية لفتح "باب خلفي" في البرمجية الجديدة تتيح لعملائها امكانية التنصت. وحذر الخبراء من ان هذا الحل إذ يفتح بابا خلفيا للأجهزة الأمنية فان يفتح ثغرة يمكن ان يستغلها القراصنة الالكترونيون ومجرمو الانترنت والجواسيس. ولا تنفرد الولايات المتحدة بمواجهة هذا المأزق بل نقلت صحيفة ميل اون صندي البريطانية عن مسؤولين استخباراتيين وخبراء في مكافحة الارهاب ان السلطات البريطانية ايضا تنظر بقلق الى التطبيق الجديد على الهاتف الخلوي باسم سيكريبت Seecrypt. ويضع التطبيق تحت تصرف المستخدم إمكانية تشفير تضاهي المستويات العسكرية في تشفير الاتصالات السرية بتوجيه رسائل صوتية ونصية على الانترنت بلغة مشفرة لا يستطيع فك شفرتها إلا مستخدم آخر. وصممت التطبيق الجديد الذي يمكن تنزيله مجانا ويكلف 3 دولارات شهريا شركة بورتون غروب الجنوب افريقية. وأكد رئيس الشركة التنفيذي هارفي بولتر ان البرمجية لا تسمح للأجهزة الأمنية باعتراض الاتصالات حتى إذا كانت لديها موافقة من الجهات القضائية المختصة. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن بولتر ان برمجية سيكريبت تهدف الى تمكين المستخدمين من استعادة خصوصيتهم. وحتى المعلومات المتعلقة بالأرقام التي اتصل اصحابها بالمستخدم أو الأرقام التي اتصل بها المستخدم أو أين ومتى وطول الاتصال ، تُخزن في شبكة مؤمَّنة خاصة المستخدم وحده يحمل مفتاح الدخول اليها. ولكن بولتر وعد بأن تعمل شركته مع الأجهزة الأمنية للتوثق من عدم استغلال البرمجية الجديدة في أنشطة إجرامية. وأوضح بولتر ان بالامكان الغاء الترخيص الممنوح لاستخدام البرمجية فورا إذا طلبت السلطات ذلك وبذلك حجب الخدمة عن الشخص المشتبه به. وكانت شركة سايلنت سيركل الاميركية اثارت غضب الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة العام الماضي عندما أطلقت خدمة مماثلة. وردت الأجهزة الأمنية بتجديد مطالبتها بتحديث قانون مساعدة الاتصالات لأجهزة إنفاذ القانون الصادر عام 1994. ولا يسري القانون الآن إلا على شركات الاتصالات رغم ان لجنة الاتصالات الفيدرالية قررت توسيع دائرته في عام 2004 بحيث يسري على العديد من شركات الانترنت والهواتف الذكية التي ترتبط بالشبكة العنكبوتية بحيث تكون منتجاتها قابلة "للتنصت عليها". وناشد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت مولر شركات الانترنت ألا تعارض تحديث القانون بتوسيع دائرة المنتجات التي يمكن التنصت عليها بحيث تشمل خدمات الاتصالات في الزمن الحقيقي عبر الانترنت بكل اصنافها مثل الرسائل الفورية والدردشة وسكايب وغوغل هانغآوتس وحتى أكس بوكس لايف. ولكن استخدام برمجية خاصة تتيح للأجهزة الأمنية التنصت بتخويل قانوني من القضاء عن طريق "باب خلفي" يفتح ثغرة يمكن ان يستغلها أي شخص يتمتع بالمهارات المطلوبة ، كما جاء في تقرير أعده الاسبوع الماضي فريق من كبار الخبراء والمهندسين المختصين بالتشفير. وكتب أستاذ القانون في جامعة ولاية اوهايو والباحث في قضايا الخصوصية بيتر سواير "ان فتح ثقوب وابواب خلفية في برمجية وخدمات متاحة على نطاق واسع يخلق مواطن ضعف يمكن ان تستغلها طائفة كاملة من العناصر السيئة بينهم قراصنة الكترونيون وموظفون افراد في شركات البرمجيات ومسؤولون حكوميون في بلدان عديدة تتوقع أن يُباح لها ما يُباح لمكتب التحقيقات الفيدرالي".