برلين ـ د.ب.أ
يسعى الكثيرون إلى خفض أوزانهم من خلال اتباع أنظمة متنوعة من الحمية الغذائية، منها الحمية منخفضة الكربوهيدرات. ويعتمد هذا النهج من الحمية الغذائية، المعروف باسم "Low Carb"، على أن يستمد المرء الطاقة اللازمة من مخزون الدهون بالجسم بدلاً من الطاقة المحولة من السكر. وبينما يؤيد بعض الخبراء هذا النهج، ينظر إليه آخرون بعين التشكك.
ويلجأ الكثير من الأشخاص حالياً إلى أنظمة الحمية الغذائية خوفاً من ارتفاع نسب الكوليسترول في الدم، إلا أن عالم الرياضة الألماني فولفغانغ فايل يرى الأمور بشكل مختلف وأوضح قائلاً: "نحن نشجع الأشخاص على تناول المزيد من الزبدة، نظراً لأن الأحماض الدهنية الموجودة بها صحية للغاية".
وأضاف عالم الأحياء الألماني أن هذا الرأي يعتبر جزءً من مفهوم الحمية منخفضة الكربوهيدرات "Low Carb"، حيث ينصب التركيز على تناول الدهون وخاصة عند ممارسة رياضات قوة التحمل. وتنصح الجمعية الألمانية للتغذية في توصياتها العامة بألا تقل نسبة الكربوهيدرات عن 50%، وأن تتراوح نسبة الدهون بين 30 و35%، على أن تتراوح نسبة البروتين بين 15 و20%.
وأشارت آنتيا غال، المتحدثة الإعلامية باسم الجمعية الألمانية للتغذية، إلى أن هذه النسب تختلف مع الحمية منخفضة الكربوهيدرات. وعند اتباع هذا النظام الغذائي ينصح فولفغانغ فايل بأن تبلغ نسبة الكربوهيدرات أقل من الثلث، بينما تبلغ نسبة الدهون حوالي 50%، وشدد الخبير الألماني بقوة على أن هذه الدهون تكون مصدر الطاقة للرياضيين.
وأضاف كل من خبير الحمية الغذائية فولفغانغ لينك والطبيب يورغن فول أن الجسم يمتاز بقدرة محدودة على تخزين الكربوهيدرات، التي يتم تحويلها إلى غلوكوز أو سكر. في المقابل يوفر مخزون الدهون في الجسم النحيف طاقة غير محدودة تقريباً لممارسة رياضات قوة التحمل. ولذلك تعتبر الدهون هي المصدر الرئيسي للطاقة عند ممارسة الأنشطة، التي تستمر لفترة متوسطة أو قصيرة. ولذلك ينصح الخبراء الألمان الرياضيين بالاعتماد على الحمية منخفضة الكربوهيدرات، حتى يتم تدريب الجسم على التمثيل الغذائي للدهون.
مراكز توليد الطاقة
ومن خلال تناول كمية أقل من الكربوهيدرات فإن الجسم يلجأ إلى الاعتماد على الدهون كمصدر للطاقة. بالإضافة إلى ارتفاع أعداد مراكز توليد الطاقة في الخلية المعروفة باسم "الميتوكوندريا"، والتي يتم فيها حرق الدهون، حيث يتم حرق الأحماض الدهنية بشكل أساسي في الألياف العضلية من النوع الأول، والتي يتم توجيهها إلى أداء رياضات قوة التحمل عند بذل مجهود محدود. بينما تفضل الألياف العضلية من النوع الثاني، والمسؤولة عن الأداء والقوة السريعة، الاعتماد على الغلوكوز أو السكر كمصدر للطاقة "وقود".
وبالتالي فإن عدائي المسافات الطويلة مثلاً يقومون بخفض كمية الكربوهيدرات خلال فترات التمرين الطويلة ويقومون بملء خزان الغليكوجين قبل أيام من المسابقات، وبهذا الطريقة يضمن الرياضي توافر مخزون كاف من السكر في سباقات المسافات المتوسطة أو تسلق الجبال. وتعتمد على هذه الاستراتيجية على مبدأ "تدريب منخفض، منافسة عالية".
ومع ذلك، فإنه من المهم أن يتم تناول الدهون بجودة فائقة، وأوضح فولفغانغ لينك ويورغن فول أن الحمية منخفضة الكربوهيدرات تعتمد بشكل أساسي على الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة المستخرجة من زيت الزيتون والمكسرات إلى جانب الحليب والزبدة. بالإضافة إلى أن الأحماض الدهنية أوميغا 3 تعتبر من العناصر الغذائية المفيدة، والتي يمكن الحصول عليها مثلاً من الأسماك الدهنية.
وينصح الخبير الألماني فولفغانغ فايل بتناول كمية كبيرة من الخضراوات مع كل وجبة. وبالإضافة إلى ذلك، يقدم فولفغانغ لينك ويورغن فول وصفات كاملة تشمل أومليت المانجو مع قطعة من اللحم، وحساء السبانخ مع الجوز البرازيلي أو سلطة التونة مع الخرشوف. ويتعين على المرء خفض كمية الأطعمة النشوية، والتي تحتوي على السكر بصفة خاصة، مثل الحلويات أو البطاطس، وذلك من أجل الحفاظ على ثبات مستوى الأنسولين ونسبة السكر في الدم إلى حد كبير.
متعة التدريب
أما بالنسبة للخبير هانز براون، من الجامعة الرياضية الألمانية بمدينة كولونيا، فإنه لا يتشكك في مدى فعالية نظام الحمية منخفضة الكربوهيدرات بشكل عام، ولكنه ينظر إليه بارتياب، حيث أنه يعتقد بأن هذه الحمية يكون لها تأثير على متعة التدريبات، فإذا انخفض مستوى السكر في الدم بسبب نقص كمية الكربوهيدرات، يزداد معدل الغضب والانفعالات العدوانية.
ولذلك يجب أن ينظر المرء إلى متعة التدريب بعين الاعتبار، وهنا ينبغي إلقاء نظرة على الجمهور العريض، نظراً لأن الأشخاص الذين يمارسون الرياضات الترفيهية في أوقات الفراغ يسعون للحصول على المتعة والاسترخاء أثناء التدريب. وبالتالي فإنه لا يمكن فصل الجوانب النفسية والفسيولوجية عن بعضها البعض.
وأضاف خبير التغذية هانز براون أن العواقب المحتملة للحمية منخفضة الكربوهيدرات تتمثل في زيادة القابلية للإصابة بالأمراض، مع ارتفاع خطر الإصابات العضلية. وإذا لم يحصل الجسم على كمية كافية من الكربوهيدرات أثناء التدريبات الرياضية العنيفة، فإن ذلك سيؤثر أيضاً على معدل التمثيل الغذائي للبروتين، بالتالي يتراجع معدل الطاقة. وأكد الخبير الألماني أن ذلك قد يؤثر بالسلب على البنية العضلية والجهاز المناعي بالجسم، نظراً لأن الخلايا المناعية تتكون من البروتين بشكل كبير.
وعلى الجانب الآخر، أوضح فولفغانغ فايل أن تناول كمية كبيرة من الكربوهيدرات يؤدي إلى ظهور التهابات في الجسم، وبالتالي تنخفض الكفاءة والقدرة على الأداء. وفي النهاية ينصح الخبير الألماني الرياضيين بضرورة تجريب أنظمة الحمية الغذائية التي تتناسب معهم مع أنواع الرياضات التي يتم ممارستها.