الرئيسية » تحقيقات

تزاحم نساء الجزائرالرجال في العديد من المهن التي كانت حكرا عليهم فقط، وغابت عنها المرأة بشكل كلي، بل إن بعضهن استخلفن الرجال في وظائف وضعت في" الخانة الحمراء"، وتكافح نساء أخريات ضد "التهم" اللصيقة ببعض المهن: عرف عدد النساء العاملات في الجزائر ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، وقدر الديوان الوطني للإحصاء نسبتهم بـ 17 بالمائة من مجموع عدد السكان الناشطين، ورغم أن النسبة تبقى ضعيفة جدا مقارنة بعدد النساء في المجتمع الذي يفوق عددهن الرجال، إلا أن مؤشر نسبة المرأة العاملة في تصاعد مستمر سواء في الوسط الحضري أو الريفي، ما يفسر تغير الكثير من المفاهيم لدى المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة، فبعدما كان الرجل في فترات مضت يرفض عمل المرأة رفضا قاطعا، تراجع عن مبدئه تحت ضغط ظروف الحياة، ومستجداتها، وسمح لها بالعمل في مهن معينة وحرمها من أخرى، إلا أن المرأة مؤخرا كسرت كل القيود المفروضة على العمل، واقتحمت كل الميادين وبدون استثناء بما في ذلك المهن التي تحتاج إلى قوة جسدية كبيرة. وتواجه النساء العاملات في مختلف المهن الكثير من المضايقات والعراقيل في الشارع وأماكن عملهن، تؤرق يومياتهن وتحد من طموحاتهن في النجاح المهني والارتقاء في السلم الوظيفي، إلا أن معاناة النساء اللواتي يعملن في وظائف ومهن صنفت في قاموس الرجل الجزائري بأنها "غير لائقة"، "أكبر من أن توصف لمن لم يجربها" تقول مريم (29 سنة، أرملة وأم لبنت). وتروي مريم النادلة بكافيتريا في شارع ديدوش مراد وسط العاصمة لـ  أنها تتعرض يوميا إلى مضايقات الزبائن وصاحب المحل،" أُهان كثيرا بعبارات تزلزل كياني من قبل الزبائن، وبدل أن يدافع عني صاحب المحل يكيل لي هو الآخر الشتائم"، وتضيف مريم،"حتى أخي قاطعني بسبب عملي، الذي لم أجد غيره لأسد جوع ابنتي، ما يقهرني أكثر هو نظرة الكراهية التي يرمقني بها جيراني، وبعض أفراد عائلتي، بسبب مهنتي". وتتقاسم سعاد معاناة مريم مع مهنتها، وتقول لـ "لم أكن أعلم أن المهنة التي أحببتها كثيرا، هي سبب تعاستي الآن"، تتحسر مريم (35 سنة، الممرضة بمستشفى مصطفى باشا)، على ما يحدث مع "ملائكة الرحمة" في الجزائر، وتؤكد أنها تفكر جديا في إنهاء مسارها المهني الممتد على 16مدار سنة، بسبب نظرة المجتمع الدونية لها ولمهنتها.  الناشطة الحقوقية الجزائرية فائزة سويسي وتوجد على لائحة الرجل الجزائري قائمة طويلة بالمهن التي لا يحبذ أن تكون إحدى قريباته بها، منها عارضة الأزياء وموظفة الاستقبال والممرضة وسائقة التاكسي والسكرتيرة، والشرطية والنادلة والميكانيكية... حاولنا أن نستفسر عند الرجل الذي قبل مبدأ عمل المرأة، ولم يقبل وظائف بعينها، فيقول جمال الدين (45 سنة، موظف بوزارة)، أنه مع عمل المرأة لمساعدة الرجل، لكن"يجب أن يتوافق هذا العمل مع خصوصية المرأة وتركيبتها السيكولوجية والفيسيولوجية"، ويضيف جمال الدين، "أنا لا أقبل لابنتي أو زوجتي مثلا أن تعمل بالليل، حتى ولو كانت طبيبة بمستشفى، فنظرة المجتمع لا ترحم، وكلنا يعلم أن عمل المرأة بالليل وسط الذئاب البشرية التي تترصد بها، يسيء لها ولأهلها، مهما كانت أخلاقها، ويكفى الذهاب لقاعة المحكمة لتسمع قصص النساء العاملات في الليل وما حدث لهن".ويرفض مراد (24 سنة) أن تعمل المرأة في مهنة تحط من كرامتها، وتسيء لسمعتها مهما كانت هذه المهنة، ويرى أن على المرأة "أن تراعي خصوصية المجتمع، ولا تتحدى قيمه، لأنها في النهاية هي الخاسر الأكبر"، ويضيف مراد العامل بمؤسسة خاصة لـ ، "يجب على المرأة أن لا تتعدى على فرص الرجل في العمل، وأن ترضى بالتقسيم الذي فرضته تقاليد المجتمع الجزائري وضوابطه"، ويعتقد محدثنا أن بطالة الشباب في نسبة كبيرة منها سببها مزاحمة النساء لهم على فرصهم.يرى قسم من الرجال أن العمل هو حق للمرأة مثلما هو للرجل، وأن المرأة الجزائرية لازالت لم تأخذ بعد مكانتها في مجالات العمل المختلفة، وأن اقتاحم النساء لعالم الشغل في قطاعات كانت حكرا على الرجال هو بمثابة قطيعة مع القيم والعادات الاجتماعية المعطلة لطاقات المرأة. ولا يستغرب كمال.ج (محامي،31 سنة) وجود المرأة الميكانيكية والسباكة وسائقة التاكسي، لأن –كما يقول- ظروف الحياة ومتطلباتها فرضت وجودهن في هذه المجالات، و"يجب أن نتفاعل بايجابية معهن، وليس بالسلبية القاتلة"، ويضيف كمال لـ " إننا لم نصل بعد إلى تحقيق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في العمل، الذي تقره جميع القوانين الدولية، ولا زالت المرأة العاملة تمثل 17 بالمائة فقط في مجتمع نسبة الإناث به يفوق الذكور"، و يؤكد زهير يحياوي (أستاذ ثانوي، 52 سنة) "أن المرأة التي تفوقت على الرجل في العديد من المستويات الدراسية والمجالات العلمية، يجب أن يفسح لها الطريق في المجالات العملية، التي تختارها، لتثبت وجودها"، ويضيف زهير " إن الرجل الجزائري لازال يحكمه في علاقته مع المرأة موروث تقليدي، تخلى هو نفسه عن هذا الموروث، فهو مثلا؛ لا يسمح للطبيب بالمستشفى أن يكشف على زوجته، ويطالب بالطبيبة، التي لا يقدر عملها ومستلزماته، خارج أوقات حاجته لها". وترى الناشطة الحقوقية فائزة سويسي أن إشكالية النوع (الجندر) وعلاقته بالعمل في الجزائر، يحمل نسقا مركبا للقيم، بمعنى نسق للقيم التقليدية والقيم الحداثية في آن واحد، فتقبل عمل المرأة هو قيمة حداثية ناضلت المرأة كثيرا لتصل إليه، إلا أن وضع شروط من قبيل طبيعة المهنة وشروطها فهو قيمة تقليدية، ويتعامل المجتمع مع المرأة على أساس أنها قاصر: وتضيف فائزة سويسي لـ  "أن المرأة في مجال العمل رغم المكاسب التي حققتها للأسف لا تتوفر على الحماية الكافية، فهي عرضة للضغوط والتحرشات من طرف الرجل، وتتعرض للعنف بمختلف أشكاله حتى في الأعمال التي يتقبلها الرجل مثل التعليم، فمئات المعلمات تتعرضن للتحرش والعنف داخل المؤسسات وخارجها"، وتفسر الأستاذة سويسي ذلك بازدواجية القيم، وعجز المجتمع على إنتاج قيم مشتركة بين جميع أبنائه، وغياب مؤسسات المجتمع المدنية والدينية في محاربة كل أشكال التميز والعنف ضد المرأة.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

زوجان يقضيان أسبوعين فى الأدغال بدون طعام والصُدفة أنقذتهم
عروسان يقضيان شهر عسل طويل فى جزر المالديف بالإكراه
هولندية تقاضى أمها لنشر صور أحفادها دون إذنها والمحكمة…
موجة غضب في إيران بعد مقتل فتاة مراهقة على…
طبيب وطبيبة يحتفلان بخطبتهما في غرفة العناية المركّزة في…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة