عمان ـ وكالات
أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان عام (2012) تقريراً حمل عنوان : "يتزوجون وهم صغاراً جداً : زواج الأطفال" ، أشار فيه الى أن زواج الفتيات وهو ما يصطلح عليه بالزواج المبكر يحرمهن من حقوقهن ويعرضهن للخطر ، ويقف عائقاً أمام تعليم وصحة وإنتاجية أغلبهن ، ويستبعدن من إتخاذ قرارات تخص حياتهن كوقت الزواج وإختيار الزوج . وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن (37) ألف فتاة تتزوج يومياً قبل بلوغهن (18) عاماً ، وأن إنتشار هذه الظاهرة في المناطق الريفية بالدول النامية هو ضعف الحالات في المناطق الحضرية ، وأن الفتيات غير المتعلمات عرضة للزواج المبكر ثلاثة أضعاف الفتيات اللاتي يحملهن شهادة ثانوية أو أعلى. ويشكل هذا التقرير مرجعاً هاماً للوقوف على الإتجاهات الحالية المتعلقة بالزواج المبكر ، ويضع بين أيدي صناع القرار والأهل ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة ، أرقام ومؤشرات وأدلة على الحجم الحقيقي لحالات الزواج المبكر في بلدانهم ، ويدعوهم الى إتخاذ جملة من الأجراءات للحد منه و / أو وقفه بشكل نهائي لما له من آثار صحية وإجتماعية ضارة بالفتيات خاصة على حياتهن أثناء الحمل والولادة ، وآثار وخيمة على التنمية المستدامة وعلى تقدم المجتمعات وتطورها في مختلف المجالات. وعلى الرغم من الإلتزامات شبه الدولية على ضرورة إنهاء حالات الزواج المبكر ، إلا أن الواقع الحالي يشير الى أن واحدة من كل ثلاث فتيات في الدول النامية بإستثناء الصين ستتزوج على الأغلب قبل بلوغها الثامنة عشر من عمرها ، وأن واحدة من بين تسع فتيات ستتزوج قبل بلوغها الخامسة عشر ، وأن معظمهن من الفقيرات وغير المتعلمات وممن يعشن في المناطق الريفية. وتضيف "تضامن" الى زيادة متوقعة في حالات الزواج المبكر إذا ما إستمر الإتجاه العالمي على وضعه الحالي دون تدخل أو إتخاذ إجراءات أو تفعيل تشريعات للحد منه ، ففي عام (2010) تزوجت (67) مليون إمرأة ممن تراوحت أعمارهن ما بين (20 – 24) عاماً قبل بلوغهن الثامنة عشر من العمر ، نصفهن في آسيا وخمسهن في أفريقيا. وخلال العقد القادم (2011 – 2020) ستتزوج (14.2) مليون فتاة سنوياً دون الثامنة عشر من عمرهن ، وترتفع هذه الأرقام خلال العقد الذي يليه لتصل الى (15.1) مليون فتاة سنوياً خلال الفترة (2021 – 2030). يعتبر زواج الأطفال واقعة حقيقية ومنتشرة في أكثر من (100) دولة حول العالم ، وهو الزواج الذي يكون أحد طرفيه أو كلاهما دون عمر الثامنة عشر ، ويشكل إنتهاكاً صارخاً لحقوق الأطفال وصحتهم خاصة الفتيات ، ويتعارض مع الإتفاقيات الدولية خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة وإتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الإتفاقيات والإعلانات. وتشير "تضامن" الى أن عملية تحليلية لأنماط الزواج حول العالم تؤكد ووفقاً للتقرير أن العديد من الأسر والفتيات لا علم لديهم بوجود قوانين في بلدانهم تمنع الزواج المبكر ، كما أن هنالك تراخي في تطبيق تلك القوانين ، وتختلف ايضاً من دولة الى أخرى ، وأن الإستثناءات على تطبيقها منتشرة بشكل كبير خاصة ما تعلق منها بموافقة الأهل أو السلطات. كما أن الأنظمة القانونية تميز ما بين الرجال والنساء والفتيان والفتيات والأطفال والطفلات ، بحيث تسمح وتتوسع في زواج الطفلات فيما تضيق من زواج الأطفال. ففي عام (2010) أكدت حوالي (158) دولة على أن نظامها القانوني قد حدد سن الزواج القانوني للنساء بـ (18) عاماً دون موافقة الوالدين أو موافقة السلطات المعنية ، وفي المقابل فإن (146) دولة أو ولاية أو قانون عرفي يسمح بزواج الفتيات دون (18) عاماً بموافقة الوالدين أو السلطات المعنية ، وفي (52) دولة يسمح بزواج الفتيات دون (15) عاماً بموافقة الوالدين . وفي مقابل ذلك فإننا نجد أن (180) دولة حددت بلوغ (18) عاماً سناً للزواج القانوني للرجال بدون موافقة الوالدين ، وفي (105) دول فإن الفتيان دون (18) عاماً يمكنهم الزواج بموافقة الوالدين أو السلطات المعنية ، وفي (23) دولة يمكن للأطفال تحت (15) عاماً الزواج بموافقة الوالدين. وتؤكد "تضامن" على أن الزواج المبكر في الدول العربية للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (20 – 24) عاماً وسبق لهن الزواج قبل بلوغهن (18) عاماً خلال العقد الماضي (2000 – 2010) بلغ (15%) ، وهو رقم متدني مقارنة بالمناطق الأخرى من العالم ولم يسبقها سوى دول أوروبا الشرقية ووسط آسيا بمعدل (11%) ، فيما وصلت النسبة في جنوب آسيا الى (46%) وفي غرب ووسط أفريقيا الى (41%). وبشكل عام فإن المعدل في الدول النامية وصل الى (34%). وإذا ما أخذنا إحصائيات عام (2010) لوحده ، فإننا نجد إنخفاض نسبة الزواج المبكر في الدول العربية للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (20 – 24) عاماً وسبق لهن الزواج قبل بلوغهن (18) عاماً الى (6%) ، فيما وصلت في جنوب آسيا الى (24.4%) ، وفي دول أوروبا الشرقية ووسط آسيا الى (5.8%). وتضيف "تضامن" الى وجود إختلافات كبيرة في نسب الزواج المبكر فيما بين الدول العربية نفسها للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (20 – 24) عاماً وسبق لهن الزواج قبل بلوغهن (18) عاماً خلال الفترة (2000 – 2011) بالنظر الى مؤشرات المنطقة كالحضر والريف ، والتعليم وثروة الأسرة. وجاءت النسب كالتالي الجزائر (1.8%) وجيبوتي (5.4%) ومصر (16.6%) والعراق (17%) والأردن (10.2%) ولبنان (11%) والمغرب (15.9%) وفلسطين (18.9%) والصومال (45.3%) والسودان (34%) وسوريا (13.3%) واليمن (32.3%). وتؤكد "تضامن" على أن النسبة المشار اليها في الأردن (10.2%) كحالات زواج مبكر قبل بلوغ الفتيات عمر (18) عاماً ، كان منها (7.1%) في المناطق الريفية و(10.8%) في المناطق الحضرية ، ومن حيث التعليم لهذه الفئة من الفتيات فكانت (14.1%) منهن غير متعلمات و(17.7%) تعليمهن للمرحلة الإبتدائية و(15.5%) حاصلات على تعليم ثانوي فإعلى ، ومن حيث ثروة الأسر وبتقسيمها الى خمس درجات (الأفقر – فقير – متوسط – غني – الأغنى) ، فقد كانت النسب كما يلي (13.6%) ينتمين الى الأسر الأفقر ، و(12.6%) ينتمين الى الأسر الفقيرة ، و(12.5%) ينتمين الى الأسر المتوسطة ، و(10.8%) يتنمين الى الأسرة الغنية ، و(4.2%) ينتمين الى الأسر الأغنى. وفي الوقت التي تشيد فيه "تضامن" بالجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية ومؤسسات المجتمع المدني للقضاء على الزواج المبكر، إلا أن ذلك لم يمنع من استمراره بسبب الاستخدام الواسع لمفهوم المصلحة التي إشترطها قانون الأحوال الشخصية الأردني لإبرام عقود الزواج لمن هم دون الثامنة عشر من عمرهم. وتشدد "تضامن" على أهمية إلغاء جميع النصوص التمييزية بين الأطفال والطفلات ، وإتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة التي من شأنها توفير البيئة المناسبة للفتيات للتمتع بحقوقهن المنصوص عليها بالمواثيق والإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية.