أسيوط - المغرب اليوم
تكافح المرأة في جنوب مصر (الصعيد) من أجل إثبات جدارتها ودورها الحيوي في مجتمع محافظ، خاصة مع التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده الحياة هناك.
وبرغم من أن محافظات جنوب مصر تعتبر من أكثر المحافظات المصرية احتياجا للتنمية والاستثمار، وعانت إلى وقت قريب من الاهمال، إلا أنها تشهد مؤخرا اهتماما ملحوظا من الحكومة المصرية.
وتولى الحكومة اهتماما كبيرا بقضايا التعليم والثقافة والصحة والخدمات بهدف الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين في هذه المحافظات، وتحسين جودة الحياة فيها.
ورغم هذه الجهود، مازالت القيم والعادات والتقاليد المحافظة تهيمن بشكل كبير على الحياة هنا، وهو ما تسبب مؤخرا في إلغاء الحفل الأول لملكة جمال محافظات الصعيد، اي جنوب مصر.
وكان مقررا أن يجري الاحتفال باختيار "ملكة جمال صعيد مصر" الإثنين الماضي 10 أكتوبر، بمحافظة أسيوط، وسط حضور اعلامي كبير.
وتقع محافظة اسيوط على بعد 375 كم جنوب القاهرة، وتمتد بطول 160 كم على نهر النيل، وتعتبر من أكثر المحافظات المصرية للهجرة الداخلية.
وتحدثت مصادر عن تلقي الفندق المستضيف للاحتفال تهديدات دفعته لإلغاء الحفل قبل موعده المقرر بساعات قليلة.
"هناك رأي عام موجه بطريقة أو بأخرى ضد الحدث نفسه، ربما ذلك يرجع إلى أن ثقافة الناس لم تستوعب التفكير خارج الصندوق، وايضا تصوير الحدث بشكل خاطئ"، بحسب دكتور صيدلي خالد منصور، منظم الحفل.
وأضاف منصور لوكالة انباء (شينخوا)، " هناك إطار من القيم والأخلاق والمبادئ لا نستطيع الخروج عنها، فهذه المسابقة عندما تجرى في أي مكان أخر يكون لها شروط معينة، ونحن كان لدينا شروط مختلفة تماما، تتوافق مع هذه القيم والمبادئ".
وأوضح أن مسابقة ملكة جمال صعيد مصر قائمة على أن الجمال ليس جمال الشكل والقوام، وانما جمال الروح والثقافة والاخلاق والابداع والتعليم.
وأشار إلى أنه من هذا المنطلق تم توزيع الدرجات بطريقة متوازنة، وبما يتوافق مع تقاليد المجتمع وثقافته، مشيرا إلى أن كل المتسابقات المسلمات كن محجبات، والمسيحيات كاشفات شعرهن، ولا يوجد أي تفرقة.
ولفت منصور إلى أنه تقدم للمسابقة في البداية حوالي 250 فتاة، أجري عليهن تصفيات، بناء على المؤهل والوزن، حتى وصل العدد إلى 50 فتاة، خضعوا لاختبارات شارك في إجرائها وتحكيمها اساتذة لغة وعلم نفس واجتماع ومصممي أزياء وموضة، ومتخصصين في التجميل، وتم اختيار 10 متسابقات.
ونوه إلى أن المتسابقات العشر تم تصعيدهم للحفل الختامي لتقوم لجنة التحكيم بالاختيار من بينهن ملكة جمال ووصيفتين، وتابع "غير أن الحفل تم الغاؤه ولم يتم".
وتابع "حتى الأن لا أعرف سبب الإلغاء، لقد تم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتنظيم الحفل، تقدمت باخطارات لكل الجهات المسئولة والجميع رحب كثيرا بالفكرة، وتم حجز القاعة قبل موعد الحفل بحوالي 15 يوم".
وأردف قائلا " قبل الحفل بـ 24 ساعة فوجئت بالفندق يطلب موافقة أمنية مكتوبة، ولاول مرة أسمع عن هذا الطلب، وعندما توجهت للأجهزة الأمنية أكدوا موافقتهم على التنظيم، إلا أنهم أكدوا أنه لا يوجد لديهم صيغة مكتوبة".
وحول فرص إعادة محاولة تنظيم الحفل مرة ثانية، قال دكتور خالد منصور " النية موجودة ومتوفرة لتنظيم هذا الحدث إذا ما توفرت الظروف بذلك، وتغير الواقع".
وتابع " من المؤكد أن هناك تغيرا مجتمعيا كبيرا في صعيد مصر كمجتمع محافظ، بدليل وجود نحو 250 مشتركة، وهؤلاء المشاركات لم يأتوا من وراء أهلهن، ولا يمثلن أنفسهن فحسب وانما يمثلن مجتمعهن".
واستطرد "لكن الاشكالية تكمن في الفئات ذات الصوت العالي، فالغوغائية صوتها دائما مرتفع، واستطاعت أن تؤثر".
المتسابقة رانيا سعد أحمد من محافظة سوهاج تبعد عن القاهرة 467 كم، 26 سنة، متزوجة، محجبة، أكدت أن زوجها كان رافض في البداية لمشاركتها في مسابقة "ملكة جمال صعيد مصر".
وعزت رانيا أحمد لوكالة أنباء (شينخوا) سبب رفض زوجها في البداية إلى أنه لم يكن يعرف تفاصيل المسابقة، وأنه عندما تعرف على تفاصيل المسابقة وأهدافها، وافق وشجعني على المشاركة.
وقالت أنا مستمرة في المسابقة، في أي وقت تعقد فيه، وأنا لدي اصرار على المشاركة في أي مسابقة قادمة.
وشددت على أن المسابقة لا تبحث في جمال الجسد، وانما جمال الثقافة والتعليم والفكر المستنير، موضحة أن الشروط المطلوبة للمسابقة لم يوجد بها أي بنود حول الجمال الخارجي، وانما كلها اعتمدت على الجمال الداخلي، جمال التكوين الثقافي والفكري.
وأشارت إلى أن بعض المتسابقات شاركت اعتمادا على حفظها للقرآن الكريم كله، وأخرى استنادا إلى قراءة ألف كتاب، واستمارات التقديم لم تتضمن حتى صورة فوتوغرافية شخصية، الأمر الذي لا يخالف قيم ولاعادات ولا تقاليد الصعيد.
ولفتت إلى أن "هناك 250 أسرة وافقت على مشاركة بناتها في المسابقة وهو ما يعني أن الفكر المتشدد أو المحافظ غير مسيطر على الصعيد، وأن كان البعض يرفض المسابقة، فمن المؤكد انهم لا يتوفر لديهم المعلومات الكاملة حول المسابقة".
من جانبها، قالت المطربة الأردنية نداء شرارة الفائزة بمسابقة "ذا فويس" إنه كان من المقرر أن تشارك بالغناء في الحفل الختامي لمسابقة "ملكة جمال صعيد مصر".
وقالت شرارة لوكالة أنباء (شينخوا)، "مشاركتي في الحفل كمطربة محجبة كان يحمل رسالة أنه لا يوجد مستحيل، وأن كل شيئ ممكن، وأنه يمكن أن نتخطى الكثير من الحواجز طالما يمكن أن نغير فيها".
وأضافت أنها نجحت في أن تخرج عن الصورة النمطية كونها مطربة محجبة، وتابعت " الصعيد أيضا يمكن أن يخرج عن تلك الصورة النمطية، واختيار ملكة جمال بثقافتها وروحها وابداعها وبكل شيئ جميل".
واستطردت " لكنني فوجئت بإلغاء الاحتفال، نتيجة عدم وجود تصريحات أمنية، وأيا كان فأنا سعيدة أنني جئت إلى صعيد مصر، وسأكون سعيدة عندما أشارك في هذا الحفل اذا ما تغيرت الظروف وتم تنظيمه مستقبلا".