برازيليا - أ ف ب
قدمت رئيسة البرازيل المقالة ديلما روسيف الخميس طعنا امام المحكمة العليا لالغاء القرار الذي اصدره مجلس الشيوخ باقالتها من منصبها الاربعاء في ختام عملية اجراءات مثيرة للجدل.
ويطلب الطعن الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه "تعليقا فوريا لمفاعيل قرار مجلس الشيوخ الذي ادان رئيسة الجمهورية بارتكاب جريمة مسؤولية".
قدم الطعن خوسيه ادواردو كاردوزو وزير العدل السابق في حكومة روسيف الذي تولى الدفاع عنها.
وصوت مجلس الشيوخ البرازيلي الاربعاء على اقالة روسيف بتهمة التلاعب بالحسابات العامة. وتسلم نائبها ميشال تامر منصبها، لتنتهي بذلك 13 سنة من حكم اليسار للبلاد.
ومن اصل 81 عضوا في مجلس الشيوخ، صوت الاربعاء 61 لصالح اقالة روسيف التي انتخبت عام 2010. لكن المجلس صوت في المقابل على عدم حرمانها من حقوقها المدنية، ما يعني السماح لها بتولي مناصب حكومية.
وشكلت اقالة روسيف خاتمة مرتقبة لصراع مرير على السلطة استمر لاشهر طويلة، لكن بدون ان تشكل تسوية للازمة السياسية التي يشهدها هذا البلد.
واذ نددت روسيف بـ"انقلاب برلماني" وتوعدت بمعارضة شرسة "للحكومة الانقلابية" الجديدة برئاسة خلفها ميشال تامر، يعكس رد فعلها بصورة واضحة ان هذا اليوم التاريخي الذي شهد اقالتها في البرلمان ليس خاتمة للازمة.
ولم يكن هذا الحدث سوى الحلقة الاخيرة من الفصل الاول ضمن مسلسل سياسي لن ينتهي قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة عام 2018.
فما هي السيناريوهات التي قد تحملها المحطات المقبلة؟
من المرجح رغم ما اظهرته من صمود وتصميم، ان تنسحب ديلما روسيف من الحياة السياسية بعد هزيمتها لتتقاعد في سن الـ68.
لكنها كانت قالت الاربعاء "هذا ليس وداعا".
خرج نائب الرئيسة الوسطي المتكتم منتصرا من الجولة الاولى من الازمة.
وانتظر تامر اللحظة الاشد عزلة وضعفا لديلما روسيف ليسرع سقوطها في الربيع، ويخلفها باسهل وسيلة حتى العام 2018.
غير ان انتصاره قد يكون قصير الامد نظرا الى نقاط ضعفه.
فشرعيته تطرح اصلا تساؤلات على الصعيد الدستوري، وهو في موقع ضعيف بسبب الجدل حول كيفية وصوله الى السلطة وصفات "الخائن" و"المتآمر" و"الانقلابي" التي اطلقتها عليه روسيف.
وما يزيد من هشاشة موقعه ان الرجل غير المعروف كثيرا من البرازيليين يعاني من شعبية متدنية بقدر شعبية روسيف.
ثم انه يواجه مع حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية الذي ينتمي اليه فضيحة بتروبراس، المجموعة النفطية الحكومية، وتبعاتها الخطيرة.
وورد اسمه هو نفسه في عدة تهم بدون ان يؤدي ذلك حتى الان الى عواقب قضائية.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، اقر تامر نفسه الاربعاء ان امامه "سنتين لاعادة وضع (البلاد) على السكة" فيما تشهد اسوأ انكماش اقتصادي منذ عقود.
وقال "سيكون هذا صعبا"، محددا اولوية له خفض البطالة التي تطاول 11,8 مليون برازيلي.
ويمكنه الاعتماد حاليا على غالبية متينة في البرلمان وعلى تاييد اوساط الاعمال.
وتعهد تامر بتصحيح مالي صارم وبالشروع في تطبيق اصلاحات غير شعبية لنظام التقاعد ولقانون العمل.
فهل يحسن الحفاظ على لحمة ائتلاف نيابي تشكل بدافع الضرورة حول هدف مشترك هو الاطاحة بروسيف، من اجل ان يحمل البرازيليين على تقبل هذه التدابير الصارمة؟
انه سؤال يبقى مطروحا بدون اجابة، اذ ان حزب تامر سيقدم مرشحا للانتخابات الرئاسية عام 2018 للمرة الاولى منذ 1994.
وسعيا منه لمهادنة حلفائه الجدد في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الحليف التاريخي لحزب العمال، وعد بانه لن يترشح للرئاسة.
الى يسار الساحة السياسية البرازيلية، فان حزب العمال بزعامة روسيف ومرشدها السياسي الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا لا يحلم حاليا بانتخابات 2018، وقد اضعفته 13 عاما في السلطة وانهكته فضائح فساد.
ويركز الحزب اهتمامه في الوقت الحاضر على ضمان استمراريته، فيحاول كبداية الحد من الاضرار في الانتخابات البلدية في تشرين الاول/اكتوبر حيث يخشى هزيمة تاريخية.
وقد تحرر الان من اعباء الرئاسة، مع الانتقال الى المعارضة حيث يراهن على فشل تامر في سدة الرئاسة، فلن يتردد في استغلال الاستياء الاجتماعي الناجم عن التدابير التي ستتخذها حكومة تامر، وسيحاول فتح جبهة اجتماعية من خلال حراكه النقابي.
غير ان التهم الموجهة الى لولا في فضيحة بتروبراس تهدد جديا بمنعه من العودة الى العمل السياسي.
لكن يبقى انه على الرغم من مشكلاته مع القضاء، ما زال لولا يتصدر نوايا التصويت في الدورة الاولى من انتخابات رئاسية.
ويبقى على الرغم من ضعف موقفه الخصم الانتخابي الذي يخشاه اليمين ويحاول القضاء عليه بكل الوسائل بما في ذلك قضائيا.