القاهرة ـ أكرم علي
أصدرت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرها الرصدي الثالث للصحافة المطبوعة، خلال الفترة الانتقالية، حيث رصدت حالة الانتقادات لوجود جماعة "الإخوان" غير المسجَّلة رسميًّا في ظل وجود رسمي لحزب الحرية والعدالة الذي يمثل أفراد الجماعة والتناقُض السياسي والقانوني المترتب على ذلك. كما تصاعدت حالة الاستقطاب السياسي والحملات الإعلامية المكثَّفة التي تقوم على مرتكزات دينية وتروج لنفي الآخر المختلف سياسيًّا أو حزبيًّا مع الإخوان، مع بروز ظاهرة الرشاوى الانتخابية خلال فترة الانتخابات الرئاسية بمبالغ ضخمة استُخدِمت في الدعاية، مع تعديل قانون تجريم تجاوز حد الإنفاق فى الدعاية الانتخابية وإلغاء عقوبة الحبس، والاكتفاء بغرامة مالية محدودة للمخالفين. وازدادت حِدَّة الصراع بين حلفاء الأمس من العسكريين والإخوان والسلفيين ومراكز القوى في النظام السابق الذين تسببوا في إطالة المرحلة الانتقالية من 6 أشهر تبعًا للإعلان الدستوري، في آذار/ مارس 2011، إلى 18 شهرًا، والذين تعاونوا لإفساد محاكمات للفاسدين وإحباط الفعل الثوري الديمقراطي لأجل مصالح شخصية على خلفية التنافس المحموم للوصول إلى مقعد الرئيس، مما ينبئ بصراع طويل قادم بينهم، مع استمرار معسكر الثورة في دائرة الترقب ورد الفعل للأحداث المتلاحقة كل ساعة خلال فترة البحث. وقال التقرير: "إن حالة التخبُّط السياسي لعدم وجود مرجعيات قانونية ودستورية ثابتة أدى إلى تخبط الأداء الصحافي ارتباطًا بالاجتهاد الشخصي للقائمين بالاتصال في الصحف الحكومية أو بالمواقف الحزبية السياسية المتناقضة مع ثوابت الحزب ذاته في الصحف الحزبية، أو بمصالح المموِّل الرئيسي في الصحيفة الخاصة، وقد ظهر ذلك في تذبذب أجندة الأولويات لدى الصحف بصفة عامة، ونجد الخطاب الغالب يتبنى الثورة وتوجهاتها ولكن المعالجات الصحافية تتناقض مع هذا الخطاب الثوري، ففي القضايا المتعلقة بالانفلات الأمني في الشارع المصري نجد الصحف الخاصة تساند الاحتجاجات الثورية وتبتعد تمامًا عن توجيه أي اتهامات إلى رجال الأعمال المتسببين في الأزمات الفئوية، وبخاصة عمَّال المصانع، بل تظهر رجال الأعمال ضحايا للثورة، يجب مساعدتهم، والصحف الحكومية تعالج القضية من منظور ضرورة تدعيم الشرطة وتحمِّل الثوار بعض المسؤولية للاستمرار في الاحتجاجات الفئوية، أما الصحف الحزبية فإنها تميل إلى تحميل المسؤولية لفلول النظام السابق ورجال الأعمال الفاسدين منهم بصفة خاصة، وتدعم استمرار الاحتجاجات الفئوية". وتابع التقرير: "برزت تصريحات مباشرة من المرشد العام للإخوان المسلمين والمتحدث باسم الجماعة وغيرهم من قيادات الإخوان في مواقع نيابية وتنفيذية متنوعة تظهر عداءً للصحافيين وتصفهم بأنهم "سحرة فرعون الكافرين"، و"لن تكون الصحافة سلطة في الدستور كما كان في الدستور السابق" و"يجب بيع المؤسسات الإعلامية العامة والإخوان جاهزون لشرائها. كما شهدت الصحف والقنوات الإعلامية التلفزيونية العامة والخاصة مضايقات متنوعة، منها تأخير الرواتب الشهرية للعاملين والمطاردة القانونية لبعض الصحافيين والإعلاميين. وهذا الترصد للإعلام العام المملوك للشعب ويشرف عليه مجلس الشورى ووزارة الإعلام ينبئ بصراع طويل قادم بين تيار الإسلام السياسي والصحافيين والإعلاميين بصفة عامة على خلفية معاداة الإسلاميين لحرية الإعلام ذاتها. استمرت ظاهرة عدم الاهتمام بوضع حلول ثورية تعتمد على المشاركة الشعبية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بما يتناسب مع أهميتها للقراء وكونها المحرك الأساسي لاندلاع الثورة المصرية، وركزت الصحف المبحوثة بصفة عامة على الجانب السياسي للأحداث وبخاصة حالة الصراع على السلطة، فأبرزت في معالجاتها المواقف السياسية للأحزاب والائتلافات الثورية دون الاهتمام بمشكلات البطالة ورغيف الخبز وانقطاع مياه الشرب وتعثُّر الزراعة والسياحة والصناعة". كما رصد التقرير استمرار حالة الحرص في المعالجات الصحافية لصحف العينة على أهمية الدور الذي يلعبه الجيش في الدولة المصرية قديمًا وحديثًا، حيث اختلفت فى توجهاتها تجاه أداء المجلس العسكري الذي يقوم بمهام رئيس الدولة في المرحلة الانتقالية، فنجد الصحف الحكومية في غالبيتها تؤيد المجلس وتدافع عن كل تصرفاته وتبرر التجاوزات التي وقع فيها، أما الصحف الخاصة - عدا الأسبوع - فإن معالجاتها تنتقد أداء المجلس والصحف الحزبية في معالجاتها الصحافية تميل إلى الحياد وعدم إبراز موقف واضح. كما أكد التقرير استمرار غياب المصادر النسائية أو المهتمة بقضايا المرأة التي تمثل آراء المرأة تمامًا عن كل الصحف المصرية، خلال فترة الدراسة، وسجَّلت المصادر النسائية أقل من نصف في المائة كمصادر للصحف أثناء تغطيات القضايا المبحوثة، وكذلك غابت المصادر التي تهتم بقضايا المسيحيين عن غالبية صحف العينة، كما تدنت نسبة المصادر المعبرة عن مؤسسات المجتمع المدني، كما غابت المصادر المعبرة عن الفئات المهمشة من الفلاحين والعمال وأهالي النوبة والبدو في معظم صحف العينة.