اسطنبول ـ سانا
كشفت صحيفة يورت التركية أن رجب طيب أردوغان يعكف حاليا على إعادة ترتيب الإعلام التركي وفق رغباته وتصفية كل من كشف ضلوعه في دعم الإرهابيين في سورية والعراق وذلك في محاولة استباقية لفرض هيمنته التامة على وسائل الإعلام التركية والسيطرة عليها وتصفية معارضيه.
وفي هذا السياق نقلت الصحيفة عن فؤاد عوني الذي سبق له أن نشر الكثير من الوثائق حول ممارسات حكومة أردوغان وتورطها في قضايا الفساد قوله إن أردوغان يعمل على “تصفية الصحفيين الذين نشروا معلومات حول قضايا الفساد وشاحنات جهاز المخابرات التركي التي كانت تنقل السلاح إلى المجموعات الإرهابية في سورية إضافة لقضية الأتراك المحتجزين لدى تنظيم داعش الإرهابي في الموصل”.
وكانت مؤسسة الاحصاء التركية أعلنت في 30 من الشهر الماضي أنه تم تصدير سلاح وذخيرة بقيمة تتجاوز 183 ألف دولار إلى سورية خلال النصف الأول من العام الجاري الأمر الذي يثبت إرسال جميع الأسلحة والذخيرة إلى المجموعات الإرهابية المتطرفة في سورية في أول شهرين من العام الجاري وخاصة لتنظيم “داعش” الإرهابي.
وأكد عوني أن أردوغان أعد قائمة بأسماء الصحفيين الذين يريد طردهم من الوسائل الإعلامية التي يعملون فيها قبل إرسالها إلى رؤساء هذه الوسائل مشيرا إلى طرد صحيفة حرييت التركية للصحفي يلماز ازديل من الصحيفة وفقا لتعليمات أردوغان وذلك غداة ما كشفه عوني في تعليق على تويتر مساء أمس حول استعداد الصحيفة للقيام بهذه الخطوة على خلفية إعداد الصحفي مقالا ينتقد فيه أردوغان.
ونقلت الصحيفة عن عوني قوله في تعليقات نشرها على حسابه في تويتر إن “حكومة حزب العدالة والتنمية أطلقت حملة لإعادة ترتيب الإعلام التركي مستهدفة المجموعات الإعلامية دوغان وجينر ودمير اورن” .
ولفت عوني إلى إرسال حكومة حزب العدالة والتنمية قائمة بأسماء الصحفيين المعارضين للحكومة إلى رؤساء هذه المجموعات الإعلامية تأمرهم بطرد أولئك الصحفيين من عملهم بعد أن “هددتهم بالقضاء عليهم في حال لم ينفذوا تلك التعليمات”.
وأشار عوني إلى أن جهاز المخابرات التركي ومستشار أردوغان يالتشين اكدوغان يتزعمان حملة إعادة ترتيب الإعلام التركي وطرد الصحفيين من عملهم مؤكدا أن حكومة حزب العدالة والتنمية أعطت التعليمات للوسائل الإعلامية التركية المختلفة لمنع نشر الأخبار حول التكوين الجديد في حزب العدالة والتنمية أو إبراز الرئيس التركي السابق عبد الله غول وتصريحاته.
كما تقدم حزب الشعب الجمهوري التركي في السابع من الجاري بشكوى قضائية وقع عليها آلاف الأتراك ضد أردوغان ومساعديه بتهمة عدم المبادرة الملموسة لتحرير الرهائن الأتراك المحتجزين لدى تنظيم ما يسمى دولة العراق والشام الإرهابي في الموصل.
وتواجه السلطات التركية باستمرار انتقادات من المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب انتهاك حرية الصحافة إذ صنفت في المرتبة 154 من أصل 179 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة خلال 2013 الذي وضعته منظمة مراسلون بلا حدود كما أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في الثامن من الشهر الجاري استمرار تركيا في وضع اثنين من الصحفيين المتخصصين في الصحافة الاستقصائية قيد الحبس الاحتياطي لاكثر من سنة دون مبررات.
نائب تركي: علاقة أردوغان بحزب العدالة والتنمية الحاكم انتهت
من جانبه قال اتيلا كارت النائب عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض إن صفة النائب ورئيس الوزراء سقطت عن رجب طيب أردوغان وانتهت علاقته بحزب العدالة والتنمية مع إعلان اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية أمس وإرسالها إلى الجهات المعنية استعدادا لنشرها في الجريدة الرسمية.
ونقلت صحيفة يورت التركية عن النائب كارت قوله خلال مؤتمر صحفي عقده في البرلمان التركي اليوم “إنه لا حاجة لإعلان رئاسة البرلمان التركي عن سقوط صفة النائب ورئيس الوزراء عن أردوغان بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية وانتهاء علاقته بحزب العدالة والتنمية وتبليغ أي جهة عن ذلك حيث الدستور التركي يقتضي تطبيق هذا النوع من الاجراءات عبر الجريدة الرسمية”.
وانتقد النائب التركي صمت الرئيس عبد الله غول في هذه المرحلة الحساسة ودعاه إلى التدخل بشأن تشكيل الحكومة الجديدة على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في العاشر من الشهر الجاري.
وحول مؤتمر حزب العدالة والتنمية الطارىء المزمع عقده في 27 آب الجاري قال كارت ينبغي على اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية انتخاب وكيل رئيسه العام خلال 10 أيام وفقا لقانون الأحزاب السياسية والنظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية مشيرا إلى أن عقد حزب العدالة والتنمية مؤتمرا طارئا قبل تنفيذ هذا الإجراء لا يستند إلى أي قانون وجميع الاعمال المتعلقة بمؤتمر الحزب المزمع عقده في 27 آب الجاري غير شرعية وباطلة.
وأكد كارت استعداده لتقدم بطلب لفرع رئاسة هيئة الانتخابات في تشانكايا بشأن اتخاذ التدابير الادراية اللازمة لالغاء مؤتمر حزب العدالة والتنمية الطارىء ومنع عقده واعتباره باطلا.
من جهة ثانية ذكرت صحيفة يني شفق التركية أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يدعم بقوة تعيين وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو رئيسا للوزراء خلفا لاردوغان.
ونقلت ا ف ب عن الصحيفة قولها اليوم ” إن اردوغان أجرى تصويتا خلال اجتماع مغلق لكبار مسؤولي الحزب وبينت النتائج وجود دعم كبير لداوود اوغلو.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة التنفيذية للحزب يوم الخميس القادم لاختيار خلف لأردوغان الذي يفرض عليه القانون أن يستقيل من منصبيه في رئاسة الحزب ورئاسة الوزراء عندما يتسلم رئاسة الدولة في 28 آب الجاري.
وبعد 11عاماً قضاها في رئاسة الحكومة التركية وكرس فيها هيمنة حزب العدالة والتنمية على مقاليد السلطة في تركيا وقمع فيها الحريات الشخصية والعامة وفرض سيطرته على أجهزة القضاء لم يكتف رجب طيب أردوغان بكل ذلك بل تشهد تركيا اليوم توجهه نحو فرض نفسه كمستبد يمسك بمقاليد الحكم وينصب نفسه حاكماً أوحد للبلاد معيداً للأذهان نموذج السلاطين العثمانيين وهو ما اعتبره الكثير من المراقبين تعبيراً عن حالة من الغرور السياسي والتعجرف السلطوي لم يسبقه إليها أي من الحكام في تاريخ تركيا.