الرياض ـ وكالات
تعتزم السعودية استغلال الطاقة الشمسية من أجل تلبية ثلث احتياجاتها من الوقود بحلول العام 2032، لتتربع المملكة بذلك على عرش أكبر منتج للطاقة الشمسية في العالم، إلى جانب كونها أكبر منتج للنفط في العالم، فيما يرى اقتصاديون أن النجاح في هذا المجال سوف يمنح الاقتصاد السعودي طفرة جديدة، ويمثل منعطفاً جديداً. وتبين من وثائق نشرتها مدينة الملك عبدالعزيز، وتتضمن خطة الطاقة للسنوات المقبلة في المملكة، أن المشاريع العملاقة التي بدأت السعودية العمل بها ستبلغ تكلفتها الإجمالية 109 مليارات دولار، وستلبي عند جهوزها ثلث احتياجات المملكة من الطاقة، بما يوفر على الاقتصاد السعودي كميات ضخمة من النفط والوقود التقليدي. وبحسب الوثائق التي سلطت العديد من وسائل الإعلام الأجنبية الضوء عليها فإن مشروعات إنتاج الطاقة التي تعتزم المملكة تشييدها لا تتوقف على الطاقة الشمسية، وإنما تمتد إلى الطاقة النووية أيضاً، وكذلك الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، على أن من شأن هذه المشروعات مجتمعة أن تنتج 54 غيغا واط من الطاقة خلال العقدين المقبلين. ومن المفترض أن تستضيف الرياض على مدار يومي 29 و30 من شهر سبتمبر المقبل القمة العربية السنوية الثالثة للطاقة الشمسية، وسوف تتصدر جدول أعمال هذه القمة مشاريع الطاقة البديلة التي يجري تشييدها في المملكة بالوقت الحالي، كما سيناقش مجموعة من الخبراء على هامش هذه القمة هذه المشروعات وجدواها الاقتصادية وأهميتها. وكانت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية قالت في تقرير لها قبل شهور إن المملكة قد تصبح قادرة على تصدير الطاقة الشمسية إلى كل من مصر والقارة الأوروبية في السنوات المقبلة، حيث ستصبح أكبر منتج لها في العالم، إضافة إلى كونها أكبر منتج للنفط أيضاً. وقال المحلل الاقتصادي، وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، محمد العمران لـ"العربية.نت" إن هذه المشروعات العملاقة لإنتاج الطاقة الشمسية في المملكة سوف تحدث تأثيراً كبيراً على الاقتصاد، وسوف توفر كميات كبيرة من الوقود التقليدي الذي يتم استهلاكه في السعودية، مشيراً إلى أن ثلث إنتاج النفط في المملكة يتم استهلاكه محلياً، ومعنى أن توفر الطاقة البديلة ثلث الحاجة المطلوبة للداخل فهذا يعني توفير كميات كبيرة من النفط التي يمكن تصديرها إلى الخارج فتتحول إلى سيولة نقدية تتدفق على المملكة. وأشار العمران إلى أن بعض الدراسات تتوقع أن يستحوذ الاستهلاك المحلي للطاقة على كل إنتاج المملكة خلال الـ15 إلى الـ20 عاماً المقبلة، ما دفع المملكة إلى التحرك من أجل وضع خطط لتقنين الاستهلاك، وإيجاد مصادر بديلة للطاقة. ويرى العمران أن إنجاز مشروعات الطاقة البديلة في المملكة سيؤدي إلى رفع كميات النفط المخصصة للتصدير، وكذلك سيمثل رصيداً مهماً للأجيال القادمة، ومصدراً مهماً للدخل والإيرادات المالية، إلا أنه استدرك بالقول: "لكننا لا نعلم بدقة حجم الفائدة التي سيجنيها الاقتصاد"، وذلك نتيجة عدم وجود دراسات شاملة، ونتيجة أن هذه المشروعات تتم على المدى البعيد وليست في المنظور القريب، ما يعني أن تغيرات كبيرة ستطرأ على البلاد. وبحسب العمران فإن المبادرات التي ترتبط بالحفاظ على البيئة وتقليص التلوث لها أهمية اقتصادية بالعموم، كما أنها تلقى اهتماماً واسعاً على مستوى العالم ورواجاً، كون الحفاظ على البيئة أصلاً يشكل أهمية كبيرة وذي فائدة على الاقتصاد الكلي بالمجمل. وتقول الكثير من التقارير إن الأسعار المتدنية للطاقة في المملكة تشجع على الزيادة المضطردة في الاستهلاك، وهو ما ذهب إليه تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي مؤخراً وأوصى برفع الدعم الحكومي عن أسعار الطاقة، وهو الأمر ذاته الذي يذهب إليه العمران، ويقول إن الكثير من الاقتصاديين يتحدثون به في المملكة.