الدوحة ـ قنا
أصبحت الإشارات الضوئية المخصصة للمشاة مشكلة تصيب المارة بالملل نتيجة الانتظار الطويل وعدم فاعلية معظمها في كثير من الأماكن بالمدينة، فمع تطوير منظومة الإشارات الضوئية وتزويد أغلب الطرق الرئيسية والحيوية بها إلا أن البعض يرى أن تلك الإشارات عالجت شيئاً وأهملت شيئاً آخر وهو حق المارّة في عبور الطريق بأمان، ونقصد المارة هنا "المشاة وراكبي الدراجات الهوائية" حيث يقع هؤلاء في مصيدة زحام السيارات والحركة المرورية السريعة، كما أن الوقت الزمني الخاص بإشارات المشاة غير كاف لعبور جميع المارة في ظل مسارات ضيقة وغير مطابقة للقياسات العالمية. "الشرق" رصدت بعض مواقع الإشارات الضوئية بالمدينة وقامت بحساب الوقت الزمني الخاص بها فكانت النتيجة أن تلك الإشارات لا تعمل بشكل سريع، كما أن المارة قد ينتظرون لمدة طويلة من أجل انتهاء الوقت المحدد للغلق. ففي منطقة الأبراج والكورنيش والدائري الثالث والرابع ينتظر المارة وقتاً كبيراً يتجاوز الدقيقتين فمع استمرار المارة في الضغط على "أزرّة" الإشارة المخصصة للمشاة للعبور للجهة الأخرى من الشارع دون أي تغيّر نجد أن هناك الكثير يغامر ويعبر الشارع مهرولاً خشية أن تصدمه مركبة مسرعة. تهميش المشاة ولم يتوقف تهميش المشاة في طرق المدينة عند هذا الحد، بل جاء المرور ليضيف تهميشاً آخر، من خلال تراجع خدمات السلامة المرورية بشكل غير مسبوق، فمن يزور منطقة وسط العاصمة وتحديداً "مشيرب" سيلفت نظره مظهر مصابيح الإشارات الضوئية الخاصة بالمشاة، التي تعطلت ووصفها البعض بأنها أغمضت عيونها في واقع يثير التساؤلات حول هذا الإهمال الكبير الذي أصاب هذه الخدمة، التي تعد مظهراً حضارياً وجزءاً مهماً من أدوات السلامة المرورية. نظامية المرور وتعد الإشارات الضوئية للمشاة بمكانة الإشارات الضوئية الخاصة بالسيارات، فلو عبر الطريق أحد المشاة وِالإشارة حمراء، فهو كما يبدو يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الجانب من الناحية النظامية، وفي حالة تعطل الغالبية العظمى من إشارات المشاة الضوئية، فإن ذلك يفتح الباب على مزيد من الأسئلة حول مدى المسؤولية التي تقع على عاتق الجهة المنوط بها صيانة وعمل هذه الإشارات، بل ومدى مساهمتها في إشاعة مزيد من الفوضى في حركة المشاة أمام التقاطعات الكبيرة التي تعج بالمركبات في مشهد مروري مضطرب. حدوث فوضى وتؤدي حالة الانتظار المملة إلى بث العصبية في نفوس البعض عند عبور الطريق حتى ولو على حساب سلامة الآخرين، فإذا كانت الإشارة الضوئية خضراء أمام حركة مرور السيارات وحمراء أمام عابري الطريق لفترة طويلة فإن البعض قد يذهب بمخيلته الى العبور بشكل سريع كي لا يتسبب في حدوث فوضى ولكن الأمر يبدو عكس ذلك تماماً إذ إن عبور الطريق بالنسبة للمشاة إنما هو مغامرة لها عواقب وخيمة قد تؤدي إلى الموت المحتوم لمستخدمي الطريق سواء من المارة أو السيارات المسرعة. إحصائيات الوفيات وبحسب آخر الإحصائيات التي تم نشرها عبر موقع وزارة الداخلية، إدارة المرور، فقد أوضحت الدراسة أن هناك ارتفاعا في نسبة الوفيات بالنسبة للمشاة بمعدل متوسط يبلغ 31 % وهو يزيد بنسبة 82.4 % عن المعدل العالمي وهو 17 %، وتُبّين الدراسة التي نشرتها إدارة المرور عبر صفحتها أن هناك ارتفاعا وانخفاضا خلال السنوات الأخيرة في عدد الوفيات في إشارة إلى خطورة الوضع حيث أعلنت اللجنة الوطنية للسلامة المرورية البدء في دراسة أسباب زيادة وفيات المشاة. تحديد المسؤوليات كل ما ذكر وغيره يتطلب اهتمام الجهات المعنية الممثلة في" إدارة المرور" وغيرها من الجهات المختصة والتنسيق فيما بينها لدراسة هذا الموضوع وتحديد مسؤوليات كل طرف ووضع خطة لحفظ حقوق المشاة هدفها العمل على إيجاد بيئة لضمان سلامة المشاة وتعريفهم بحقوقهم ونشر الوعي في هذا المجال ووضع الضوابط اللازمة لإلزام السائقين وغيرهم وليكون شعار الجميع أن المشاة لهم الأولوية في الطريق.