الدار البيضاء : جميلة عمر
استرجع محمد أوزين المعروف بالقيادي المدلل لحزب "الحركة الشعبية" أنفاسه، بعد حصوله على مقعد في دائرة إفران، فرغم كل الاتهامات التي وجهت له على خلفية ما بات يعرف بفضيحة "الكراطة" ورغم التسجيل الصوتي الذي خلق جدلًا كبيًرا وسط الصفحات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية، تمكن وزير الرياضة السابق محمد أوزين من حجز مقعدًا داخل البرلمان.
من أعالي جبال إفران وبين القمم الباردة، رزقت عائلة أوزين سنة 1969 بطفل أعطي له اسم محمد، تربى وترعرع بين أشتال الزعتر وأشجار الأرز، لكن بعد إتمامه سنته الثالثة أصيب أوزين بالحمى، فأخذه والديه إلى مدينة الرباط حيث تقيم خالته من أجل العلاج، وتطلب علاجه عدة أسابيع وهذا ما جعل والديه يتركونه عند خالته التي تكلفت بتطبيبه.
وتعلق بخالته وحين رغبت عائلته من أجل إعادته لمسقط رأسه، رفض لأنه تمسك بخالته التي صارت والدته الثانية فيما بعد، والتي عاش في كنفها، والدي اوزين تقبلا الأمر خاصة بعدما هاجرا إلى الديار الفرنسية. وكان مدللًا وكل متطلبات مستجابة، وكان هاجسه الوحيد هو الدراسة. وتربى أوزين في حي اليوسفية الشعبي في الرباط. كان "فتوة" الحي، ويتعارك ويتشاجر، والكثيرون يهابونه إلى درجة أن بعض العائلات كانت تحذّر أبناءها من مرافقته لكثرة أنه مدلل ولديه قوة ابن الجبل.
وعندما حصل على الباكالوريا، كان أمامه خياران، إما أن يلتحق بوالديه ويكمل تعليمه في فرنسا مثلما فعل أشقاؤه، أو أن يسافر إلى أميركا حيث كان يدرس عمه، والذي اقترح عليه الأمر. والغريب في الأمر أنه لم يختر أيًا من التوجهين، وفضل أن يكمل دراسته في المغرب. وسيصير خيار البقاء في المغرب ملزمًا أكثر بعد السنة الأولى في الجامعة، حيث تعرف على زوجته، فايزة أمهروق، وجمعتهما علاقة حب كبيرة.
وكانت فايزة رفيقته بالجامعة، لكنها قررت فجأة الاتحاق بجامعة الأخوين، فيما بقي هو في الرباط يتابع دراسته بجماعة محمد الخامس، بعدها التحق للعمل كمدرس للإنجليزية بعدد من المدارس الحرة، وكان أول أجر تقاضاه هو 8000 درهم. وخلال مرحلة الدراسة، كان يستفيد، على غرار باقي أبناء الشعب، من المنحة، لكنه لم يعش يومًا في الحي الجامعي بحكم أن عائلته كانت تقطن في الرباط.
ولم يكن لمحمد أوزين سابق عهد في الحياة السياسية، لكن القصة ستبدأ، كما يقول عندما طلب منه أحد أصدقائه الأمازيغ حضور لقاء خاص ببيت المحجوبي أحرضان، مؤسس الحركة الشعبية. كان ذلك سنة 1986، ومن هنا بدأت قصة السياسة. وبحكم أنه أمازيغي تجاوب مع هذا الحزب، ومن ثم شارك في مؤتمره العاشر.
وبعدها تزوج بفايزة حبيبة عمره التي كانت والدته قيادية بحزب الحركة الشعبية، زواجه لم يجعله يقف أمام طموحه، وإتمام دراسته الجامعية بحث حصل على الإجازة في اللغات من جامعة محمد الخامس في الرباط (1993) ودبلوم الدراسات العليا بشعبة اللغات والثقافات بنفس الجامعة (1995)، وشهادة الماستر في استراتيجيات التنمية المستدامة بجامعة الشرق الأوسط في بوسطن (2000)، ودكتوراه في سوسيولوجا اللغات من جامعة محمد الخامس سنة 2004.
وتخرج أوزين من الأكاديمية الدولية للريادة بغومرباش في ألمانيا (2006) والمعهد الدولي لبرامج الريادة في الولايات المتحدة الأميركية 2008. ومؤهلاته الجامعية جعلته يشغل منصب مستشار تقني في وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري (2002 - 2007 ) ، حيث تكلف بإعداد عدة ملفات وأبحاث ودراسات وأشرف على العديد من البرامج.
وعمل أستاذًا في جامعة محمد الخامس وبعدة معاهد أخرى. وشغل منصب مساعد رئيس جامعة الشرق الأوسط في بوسطن ومستشارًا بها ثم مستشارًا ثقافيًا في مؤسسة "بيس كورب"، علاوة على مهمة التأطير التي أشرف عليها في العديد من المؤسسات والمعاهد الدولية. وفي يوليو/تموز 2009 عيّن أوزين كاتبًا للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون. وخلال أول حكومة مغربية يترأسها حزب إسلامي لعبد الإله بنكيران عيّن باسم الحركة الشعبية، وزيرًا للشباب والرياضة ليتم إعفائه بسبب فضيحة "الكراطة". ولم يستسلم أوزين ركب الأمواج الصعبة، ليدخل عمار الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عقدت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، أي الجمعة الماضي، حيث فاز على 8371 صوتًا من أصل 35 ألفًا و505 من الأصوات.