أثينا - المغرب اليوم
ميكونوس لقبها «جزيرة الرياح»، أمّا اسمها فوفق الأساطير اليونانية، أطلقه عليها حاكمها الأول ميكونوس ابن أو حفيد البطل الملحمي أبولو. ويقال أيضًا إنها كانت ميدان معركة كبيرة بين البطل الأسطوري زيوس وجبابرة الجزيرة، وهي أيضًا الموقع الذي شهد على إبادة هرقل للعمالقة الذين لا يُقهرون حين جذبهم إلى فخ بعيدًا من حماية جبل أوليمبس، المعروف بجبل الشعر ورديفه في الأساطير العربية «وادي عبقر».
ويقال إن الصخور الكبيرة المنتشرة في أنحاء الجزيرة هي بقايا جثث متحجّرة للعمالقة. وهذا الجزء من الأسطورة هو مصدر مصطلحStones المتداول في اللغات الأوروبية الرئيسية.
ومهما يكن من أساطير نسجت حول ميكونوس، فإنها جزيرة رحبة تمتد على مساحة 85 كيلومترًا مربعًا، وتقع على بعد 150 كيلومترًا شرق أثينا في بحر إيجه. يعيش معظم سكّان الجزيرة في عاصمة الجزيرة تشورا-ميكانوس، كما يسميها السكان لتمييزها عن قرية شورا التابعة لجزيرة إيوس.
إنها بلدة نموذجية لنمط «السيكلاديك» Cycladic المعماري، الذي عرفته جزر اليونان السابحة في بحر إيجه، والمتميز بالبيوت المكعّبة الشديدة البياض، فيما نوافذها وأبواب شرفاتها من الخشب الملون، وجميع هذه البيوت موجّهة إلى الجنوب الشرقي من أجل الاستفادة من الضوء الطبيعي، وتبلغ سماكة جدرانها 60-80 سم بهدف توفير الحماية من الرياح القوية والحرارة الشديدة.
أمّا شوارعها الضيقة المرصوفة بالحجارة، فهي متاهة من الألوان المنكّهة بعطر اليونان وأساطيرها. جولي في قلب المدينة المغلق أمام حركة المرور خلال معظم ساعات النهار، مما يدخلك في متاهة مقبولة، خصوصًا خلال الصباح الباكر عندما تكون المدينة أكثر هدوءًا، فمعظم الناس إمّا على الشواطئ أو لا يزالون نائمين بعد أمسية طويلة من ارتياد النوادي. إذ ليس أجمل من التنزّه في هذه البلدة سيرًا على القدمين، والتنقل بين العديد من المقاهي ومحال بيع التذكارات والمجوهرات ومساومة الباعة وإن بالإشارة.
وحين تلوح لك طواحين الهواء البيضاء الشهيرة من على تلة Little Venice أو البندقية الصغيرة، وهي شبه جزيرة صغيرة، لا تترددي في الصعود إليها، ولكن لا تحاربيها كما فعل «دون كي شوت» وإنما جولي بينها وتعرّفي عن كثب إلى نمط السيكلاديك المعماري، واستمتعي بمشهد رائع. تنزّهي بين أزقة بيوتها ذات الطبقتين، والمكللة بالبياض الناصع، فيما تتلاصق شرفاتها الخشبية الملوّنة، لتشكل بطانة الواجهة البحرية، والتي تبدو كأنها سقطت في البحر وهو يكسّر أمواجه المليئة بالأساطير عند أقدامها الصغيرة.
تخيّلي أنك وسط هذا المشهد الرائع والفريد من نوعه، تشاركين في ألوان لوحته المائية. في هذا الجزء من البلدة تخوضين تجربة لن تنسيها في ارتياد المقاهي وتناول طبق يوناني لذيذ، أو تمضين أمسيتك في نادٍ ليلي تشاركين في الزوربا، ولمَ لا تحطمين بعض الأطباق للتعبير عن سعادتك! في وسط المدينة يمكنك زيارة المتحف البحري ومتحف التراث الشعبي الذي يضم مجموعة من الرموز والأثاث والآلات الموسيقية الشعبية.
أما إذا رغبت في يوم شاطئي هادئ فعليك بشاطئ أورنوس Ornos الذي يبعد 10 دقائق بالحافلة عن بلدة تشورا، حيث تنتظرك الرمال اللؤلؤية، والمياه الفيروزية، فيما شاطئ باراديس الاحتفال فيه يبدأ من لحظة وصولك حتى ساعات الفجر الأولى. وحدك تقرّرين.