القاهرة - محمد عبد الحميد
يجدد المنتخب الأميركي الموعد مع نظيره الصربي عندما يتواجهان غدًا الأحد في اليوم الأخير من أولمبياد ريو 2016، في المباراة النهائية لمسابقة كرة السلة للرجال، حيث يسعى الأول إلى تكريس هيمنته والثاني إلى تحقيق ثأر عمره 24 عامًا.
ويعود المنتخبان بالذاكرة إلى أولمبياد أتلانتا 1996 وأيام منتحب الأحلام بنسخته الثانية والذي ضم في صفوفه لاعبين عظماء مثل تشارلز باركلي وشاكيل اونيل وكارل مالون وجون ستاكتن وسكوتي بيبن وحكيم اولادجوان، ويوغوسلافيا، او الجمهورية الفدرالية اليوغوسلافية التي ضمت عمالقة ايضا على غرار فلادي ديفاتش وديان بوديروغا، والمدرب الحالي ألكسندر دجوردجيفيتش.
وتمكن المنتخب الأميركي حينها وبفريق غاب عنه بعض نجوم منتخب الأحلام الأول وعلى رأسهم مايكل جوردن وماجيك جونسون ولاري بيرد وكلايد دراكسلر، من الخروج فائزا بالذهبية بعدما حسم المباراة 95-69، متوجا بلقبه الأولمبي الحادي عشر قبل أن يضيف ثلاثة ألقاب أخرى أعوام 2000 و2008 و2012.
ولا يبدو أن أحدا باستطاعته الوقوف بوجه المنتخب الأميركي رغم افتقاده لعدة لاعبين وعلى رأسهم بطل الدوري ووصيفه "ملك" كليفلاند كافالييرز ليبرون جيمس ونجم غولدن ستايت ووريرز ستيفن كوري.
لكن يمكن القول أن رجال المدرب مايك كرشيشفسكي لم يفرضوا همينتهم في أرضية الملعب بالقدر الذي كانت عليه التشكيلات السابقة وقد عانوا في بعض المباريات وبينها مباراة الدور نصف النهائي ضد أسبانيا إلا أنهم أظهروا إرادة ولم يسمحوا للمنافسين بإسقاطهم ولو لمرة واحدة ومن بينهم صربيا بالذات لأنها زاحمتهم في الدور الأول دون أن تخرج فائزة (خسرت 91-94).
ومن المؤكد أن لاعبي المنتخب وعلى رأسهم كارميلو انتوني الذي أصبح في ريو أفضل مسجل في تاريخ المنتخب والساعي لكي يكون أول لاعب يتوج بذهبية كرة السلة مع الولايات المتحدة 3 مرات، يريد توديع كرشيشفسكي بأفضل طريقة من خلال منحه الذهبية الثالثة.
ويعتزم المدرب "كاي" الرحيل بعد الأولمبياد لصالح مدرب سان انتونيو سبيرز غريغ بوبوفيتش، تاركا خلفه إرثا سلويًا كبيرًا جدًا بعدما حصد نجاحًا ملفتا خلال الأعوام العشرة التي تولى فيها الإشراف على المنتخب، وهو أعاد للأميركيين هيبتهم في بكين 2008 بعد أن فقدوها في الأعوام السبعة السابقة، حيث فشلوا في الظفر بأي لقب في ثلاث مشاركات كبرى ما جعل الجميع يتحدث عن أنهم يدفعون ثمن العولمة السلوية
وكان المنتخب الأميركي فرض نفسه نجما مطلقا في المناسبات الرسمية وخصوصا في الألعاب الأولمبية التي حصد جميع ألقابها منذ إدراج لعبة كرة السلة عام 1936، وهو لم يخفق الا عام 1972 في ميونيخ عندما خسر في النهائي التاريخي أمام الاتحاد السوفياتي في مباراة مثيرة للجدل، وعام 1988 في سيول عندما خرج في الدور نصف النهائي امام المنتخب نفسه، علما بانه لم يشارك في موسكو 1980 بسبب مقاطعة بلاده لهذا الحدث على خلفية الاحتلال السوفياتي لأفغانستان.
لكن الواقع الجديد بدأ يثقل كاهل الأميركيين الذين فشلوا في تحقيق أفضل من المركز السادس في كأس العالم التي استضافوها في انديانابوليس عام 2002 حيث كان اللقب لصربيا بالذات، واكتفوا بالمركز الثالث في أولمبياد اثينا 2004 فيما كان اللقب ارجنتينيا، ثم حصلوا على المركز ذاته في بطولة العالم في اليابان عام 2006 حيث توج الأسبان باللقب.
وبدأ القيمون على المنتخب يأخذون منافسيهم على محمل الجد إذ وضعوا برنامجًا تدريبيًا مكثفًا انطلق قبل مونديال اليابان وكان تحضيرا لهذا الحدث الذي اكتفوا خلاله بالمركز الثالث تحت اشراف كرشيشفسكي، ولأولمبياد بكين الذي شكل نقطة العودة إلى واقع الهيمنة الأميركية على لعبة العمالقة، اذ توجوا بعدها بلقب كأس العالم عام 2010 في تركيا ثم اضافوا ذهبية لندن 2012، ثم بطولة العالم عام 2014 حين تغلبوا في النهائي على صربيا بالذات.
ويقف الآن مدرب جامعة ديوك أمام اختباره الأخير مع المنتخب الوطني ولا يريد التفريط بفرصة الوداع "الذهبي" المثالي مع "شبان جيدين لا يوجد بينهم لاعبون انانيون وهم منسجمون مع بعضهم البعض خارج الملعب ايضا"، بحسب ما اكد بعد الفوز على أسبانيا للأولمبياد الثالث على التوالي (فازوا عليها في نهائي 2008 و2012 أيضًا).
وواصل: "لقد أصبحوا كالأشقاء خارج الملعب والتأقلم مع بعضهم يحتاج إلى وقت ونحن لا نملك الكثير منه طالما انهم مقربون من بعضهم، وهم كذلك، سيستمتعون كثيرا بصحبة بعضهم. احب الطريقة التي مثلوا بها بلدنا في ارضية الملعب وخارجها".
ويأمل أنتوني وكيفن دورانت وكلاي طومسون ورفاقهم أن يعطي هذا التأقلم ثمره لأربعين دقيقة اضافية لكن المهمة لن تكون سهلة امام منتخب صربي مكافح وشرس كما اظهر في نصف النهائي امام استراليا التي اكتسحها بفارق 26 نقطة رغم انها كانت افضل منتخب في المسابقة بعد الولايات المتحدة وهي فازت على رجال دجورجيفيتش بالذات بفارق 15 نقطة خلال الدور الأول.
وتحدث المدرب، المعروف أكثر باسم ساشا دجوردجيفيتش، عن مباراة أستراليا قائلا: "أنا فخور جدًا لوجود مجموعة مماثلة من الشبان ولكوننا لعبنا مباراة من هذا النوع في نصف نهائي ألعاب أولمبية".
وتطرق المدرب الصربي إلى الفوز الكبير الذي حققته يوغوسلافيا السابقة على الولايات المتحدة 100-85 في بطولة العالم للجامعات عام 1987 بقيادة اللاعب الراحل درازن بتروفيتش (35 نقطة) الذي توفي بحادث سير في المانيا عام 1993 حين كان لاعبًا في صفوف نيوجيرزي نتس.
وقال دجوردجيفيتش: "كان فوزًا هائلًا ليوغوسلافيا. كان ضد نجوم المستقبل في الدوري الأميركي للمحترفين. لقد أعطانا مصداقية كلاعبي كرة سلة ومنحنا دفعة لكي نؤمن بأنفسنا، وهذه هي الرسالة التي أحاول إيصالها كمدرب كرة سلة.
لكن إنه الماضي، والآن هو وقت إعادة كتابة التاريخ من أجل كرة السلة الصربية".
وواصل: "أنا أعرف طريقتين وحسب: إما تلعب كرة السلة أو تلعب كرة السلة من أجل الفوز. وجوابي هو الخيار الثاني"، متحدثا عن الطريقة التي سيحضر بها لاعبيه من اجل مواجهة الولايات المتحدة، قائلا: "وظيفتي هي عدم السماح لهم بالشعور بالرضى في الوقت الحالي.
ما أن نصل إلى القرية الأولمبية سأعلمهم بأن عليهم الخلود للراحة، والتمرن بجهد والاستعداد للمباراة".
وأردف دجوردجيفيتش، البالغ من العمر 48 عامًا والذي يشرف على المنتخب منذ 2013 دون أن يترك مهمته كمدرب لباناثيثايكوس اليوناني او بايرن ميونيخ الالماني مؤخرا، قائلا: "هدفي كان أن أواجه الولايات المتحدة كل عامين"، أي في بطولة العالم ثم الألعاب الأولمبية.
وأكد بلهجة تهديدية "سيكون شرف لنا أن نواجههم لكن صدقوني لن يكون من دواعي سرورنا".
وفي الواقع يملك دجوردجيفيتش الذي خاض 8 مباريات فقط في الدوري الأميركي مع بورتلاند ترايل بلايزرز بين أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر 1996، الأسلحة اللازمة من أجل خلق المفاجأة يوم الأحد على ملعب "كاريوكا ارينا 1" في ظل وجود لاعبين رائعين مثل صانع الألعاب ميلوش تيودوزيتش والجناح بوغدان بوغدانوفيتش ولاعب ارتكاز دنفر ناغتس نيكولا يوكيتش.