باريس - مارينا منصف
لن تكون المباراة النهائية لبطولة كأس ليبيرتادوريس لكرة القدم بين قطبي الكرة الأرجنتينية، ريفر بليت وبوكا جوينورز، يوم السبت القادم اختبارا لقوة الفريقين فحسب ، بل ستكون اختبارا لانفعالات وشغف الجماهير وصحة قلوبهم من الناحية الطبية أيضا.
وعلى إثر هذا، طالب الأطباء والمتخصصون في أمراض القلب الجماهير التي ستتابع هذا النهائي التاريخي والملقب بـ "نهائي القرن" أن يتوخوا الحذر وألا يفرطوا في انفعالاتهم حتى لا يصيبهم اللقاء المرتقب بأزمات قلبية خطيرة.
وقال أحد الجماهير التي تترقب هذا اللقاء بشغف كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنه أعد غرفة المعيشة لمشاهدة المباراة، واضعا صورة لإحدى غرف العناية المركزة بأحد المستشفيات، على سبيل الدعابة.
ورغم أنها دعابة إلا إنها تعكس بصدق القلق الذي ينتاب البعض من المعاناة بشكل كبير خلال هذه المباراة الذي سيراهن فيها الفريقان على تحقيق مجد عظيم، لأن المقابل سيكون هزيمة ستستغرق أعواما لكي تطوى من صفحات التاريخ.
وقال الطبيب الأرجنتيني، ازيكيل بيرلانتي، أحد المتخصصين في أمراض القلب، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "نحن نعيش كرة القدم بشغف كبير، يجب أن يتحقق الفوز، إنها مباراة حياة أو موت، هذا ما نقوله نحن ويقوله اللاعبون أيضا، وهذا يكون له انعكاساته على الجسد".
وأضاف: "هذا يمكن مقارنته بمواقف ضاغطة أخرى يتعرض لها الأشخاص مثل لحظات الفراق ووفاة أحد الأقارب والألم، التحكم السيئ في الضغوط التي قد تتسبب في مشاكل صحية".
وأشار الطبيب إلى أن الأشخاص لا ينفعلون جميعا بنفس الشكل أمام نفس المثيرات، واستطرد قائلا: "لقد لوحظ أن هناك زيادة واضحة في الأزمات القلبية خلال المواقف التي تشكل ضغطا كبيرا".
وأكمل قائلا: "الضغوط قد ينتج عنها سلوكيات غير منضبطة، ولكن على المريض أن يراعي عوامل الخطورة مثل معاناته من ارتفاع ضغط الدم والسكر أو الكوليسترول، قد يكون لديه مرض قلبي لم يظهر حتى تلك اللحظة، ويتسبب الموقف الضاغط في انكشاف الغطاء عن هذا المرض الذي لم يكن له حتى تلك اللحظة أي أعراض".
وتشير الإحصائيات الأخيرة في الأرجنتين إلى أن واحدا من بين كل ثلاثة متوفين يكون مصابا بداء في القلب.
كما نشرت وزارة الصحة الأرجنتينية مؤخرا إحصائية ذكرات خلالها أن ما بين 40 و50 ألف شخص يتعرضون لأزمات قلبية حادة في العام الواحد، الأمر الذي يسفر عن 17 ألف حالة وفاة سنويا.
وأثبتت كرة القدم أنها ليست مناسبة لمن يعانون من أمراض القلب، وقد ظهر هذا جليا في 30حزيران/يونيو 1998 عندما فازت الأرجنتين على إنجلترا بركلات الترجيح وتأهلت إلى دور الثمانية لمونديال فرنسا.
وخلال تلك الفترة أوضحت دراسة نشرت بمجلة "بي إم جي" الطبيبة أنه خلال ذلك اليوم واليومين التاليين له زاد عدد الأزمات القلبية بنسبة 25 بالمئة داخل المستشفيات الإنجليزية.
وقال القائمون على هذه الدراسة آنذاك: "ربما يجب عدم متابعة ضربات الترجيح التي تحسم من خلالها المباريات لأسباب صحية".
وخلال مونديال ألمانيا 2006 أيضا سجل ارتفاع كبير في الأزمات القلبية بين صفوف الجماهير المولعة بكرة القدم، فقد كانت تتضاعف أعداد حالات الطوارئ القلبية بمدينة ميونخ قبل وبعد كل مباراة لألمانيا، طبقا لدراسة نشرتها جريدة "ذا نيو انجلاند جورنال أوف ميدسين".
يشار إلى أن حالات الطوارئ القلبية زادت بمقدار ثلاثة أضعاف بين صفوف الرجال وبمقدار ضعفين في ألمانيا، وسجلت معظم هذه الحالات خلال الساعتين التاليتين لبداية كل مباراة للمنتخب الألماني.
ويقول بيرلانتي أن تفادي مثل هذه الأزمات الصحية لا يعتمد على العلاج والأدوية الطبية ولكن يعتمد في المقام الأول على فسلفة الحياة التي يعتنقها كل شخص.
وأضاف قائلا: "إنها رياضة، الحياة تسير قدما في اليوم التالي سواء فاز أحدهم أو خسر، يجب الاستمتاع بهذا الحدث الفريد، ولكن لا يجب أن تكون للهزيمة أثر سلبي كبير، لأن الفريقين لا يمكنهما تحقيق الفوز معا".
وامتد القلق من الأثار السلبية لمباراة الكلاسيكو المرتقبة إلى الموسيقى وصناعها في الأرجنتين، وذلك بعدما قررت شركة "سبوتيفاي" للتوزيع الموسيقي بث أغاني تبعث على الهدوء قبل المباراة وخلال توجه المشجعين إلى الملعب.