القاهرة ـ المغرب اليوم
لا تعتبر الفضائح التي تضرب الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ونظيره الألماني للعبة أو نظام مكافحة المنشطات في روسيا بمثابة حالات استثنائية، لأن عالم الرياضة غارق منذ عقود مضت بوجه مظلم في حالة أشبه بمستنقع.
ولا يوجد تقريبا أي اتحاد دولي يمكنه التفاخر بالنزاهة التامة، حيث أن الفساد والانحدار الأخلاقي والاحتفاظ بالمناصب لفترات طويلة شبه أبدية والتهرب من الضرائب وتعاطي المنشطات بشكل منهجي كلها ممارسات اعتيادية ومتكررة منذ زمن.
ولا يختلف عدد واتساع الفضائح في الرياضة عما عليه الأمر في بقية أنشطة المجتمع، حيث يتمسك قياديون تخطوا بشكل واضح سن التقاعد، إلى حد الهوس بالكراسي والمنصب ويشكلون حول أنفسهم نظاما شائكا يسمح لهم بالاستمرار لأطول فترة ممكنة، بينما تتشبث الاتحادات بسلطتها الذاتية وترفض فكرة خضوعها للرقابة من قبل جهة خارجية.
وكانت صحيفة "ذي تليجراف" البريطانية كتبت عن الأمر "في شكلها الحالي، الكيانات العالمية صاحبة القرار في عالم الرياضة فارقت الحياة، لقد خلطوا بين الحكم الرشيد والأعمال والتجارة، هدف وجودها الآن أصبح تحقيق المزيد من الأموال أكثر من إرساء النظام، كل هذه الأمور أفسدت أرواحهم".
وفيما يلي بعض الفضائح الكبرى التي تضرب وضربت بالفعل عالم الرياضة خلال العقود الأخيرة:
1- كرة القدم:
يخضع أقوى ثنائي في عالم كرة القدم حاليا وهما السويسري جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس نظيره الأوروبي للعبة "فيفا" لعقوبة الإيقاف المؤقت نتيجة الاشتباه في تورطهما بالفساد، ولكن قضية كل منهما تعد انعكاسا للحالة المزرية التي وصلت إليها قيادة عالم كرة القدم، أكثر الرياضات شعبية على ظهر الكوكب.
وساهمت هذه القضايا في قطع رأس الفيفا، ماكينة صناعة الأموال التي لا تهدأ، وعدم اتضاح الرؤية بالنسبة لمستقبلها في ظل التحقيق مع عدد كبير من قياداتها من قبل القضاء الأمريكي والسويسري بسبب تهم متنوعة من بينها الرشوة وغسل الأموال والكسب غير المشروع.
يأتي هذا أيضا بجانب الفضيحة الأخيرة التي ظهرت في ألمانيا، التي فازت بكأس العالم 2014 بالبرازيل، وتوجيه إصبع الاتهام للأسطورة فرانز بكنباور في ظل ما يتردد حول شراء البلد الأوروبي لأصوات للفوز بتنظيم مونديال 2006.
2- ألعاب القوى:
تمر أهم الرياضات الأوليمبية بأسوأ أزمة في تاريخها منذ نشر التقرير المدمر الذي أعدته لجنة مستقلة بطلب من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات والذي يتهم روسيا بالسماح لرياضييها بتعاطي المنشطات بشكل منهجي والتغطية على الأمر من قبل سلطاتها.
يقول المسؤول عن التحقيق، الرئيس السابق للوكالة "هذا الأمر أسوأ مما كنا نتخيله"، حيث يقترح إيقاف أنشطة ألعاب القوى في روسيا كعقوبة.
ودفع هذا التقرير القضاء الفرنسي لفتح عملية قضائية ضد رئيس الاتحاد الدولي السابق لألعاب القوى لامين دياك لتلقيه رشاوى لإخفاء نتائج الكشف عن حالات تعاطي المنشطات الإيجابية.
3- الدراجات:
تعد أكبر فضيحة في عالم الدراجات تلك التي كشف فيها عن تعاطي لانس أرمسترونج للمنشطات، حيث أن الهولندي هين فيربروجين الرئيس السابق لاتحاد الدراجات الدولي أخفى النتائج الإيجابية لفحوص المنشطات الخاصة بالدراج الأمريكي، وفقا للتحقيقات المستقلة التي أجريت حول الأمر.
وتبرع أرمسترونج بعد ذلك بـ125 ألف دولار للاتحاد الدولي للدراجات لمكافحة المنشطات.
يأتي هذا بخلاف النتائج الايجابية لفحوص المنشطات الخاصة بالإسباني ألبرتو كونتادور، وإن كانت قضيته ظلت سرا داخل أروقة الاتحاد الذي كان يقوده حينها بات ماك كويد ولكن تسريب الخبر اضطره للإعلان عنه.
بخلاف هذا فإن فريق "أستانا" الكازاخي، تحت قيادة الرئيس الجديد للاتحاد بريان كوكسن، ظل محتفظا برخصته العالمية على الرغم من الكشف عن خمس حالات إيجابية لتعاطي المنشطات بين صفوفه في فترة زمنية قليلة للغاية.
4- فورمولا1:
من المعروف أن نموذج العمل الخاص بالأسكتلندي برني إيكلستون، صاحب الحقوق التجارية لبطولة العالم لسيارات الفئة الأولى (فورمولا1) لا يتسم بالشفافية، حيث شهدت المنافسات خلال السنوات الماضية وجود نزاع قضائي أمام المحاكم الألمانية.
وأدين في البداية المدير السابق لمصرف (بايرن إل بي) جيرهارد جريبكوفسكي بالسجن بعد ثبوت تورطه في قضية رشوة وتهرب الضريبي لقبوله أموالا داخل إطار عملية بيع (فورمولا1). وانتهت قضية ايكلستون واتهام الرشوة بفرض غرامة عليه قيمتها 100 مليون دولار.
5- التزلج الفني على الجليد:
بعد مجموعة من الحوادث الصغيرة تحول نظام منح النقاط لفضيحة في دورة "سولت ليك سيتي" عام 2002، حيث اعترفت محكمة فرنسية باكية بأنها أجبرت من قبل رئيس اتحادها، ديدييه جالياجي على التصويت للثنائي الروسي الفائز في فئة التزلج الفني على الجليد بتلك الدورة، مقابل حصول الفرنسيين على الذهب في فئة الرقص.
وكانت نتيجة هذا منع الثنائي الكندي الذي اعترض على الذهاب وإيقاف المحكمة ورئيس الاتحاد ومراجعة نظام النقاط، ولكن الاتفاقات من تحت الطاولة لا تزال ممكنة فيما أن جالياجي يرغب في ترأس الاتحاد الدولي عام 2016.
6- كرة اليد:
الأمر هنا يتعلق برئيس الاتحاد الدولي للعبة حسن مصطفى الملقب بـ"الفرعون"، فالمصري صاحب الـ70 عاما والذي يقود المنظمة بقبضة من حديد ثبت سلطته بطرق قانونية ومثيرة للشبهات مثل المحسوبية.
يأتي هذا بخلاف أن مصطفى كان هدفا لتحقيقات قضائية ، مثل تلك التي تتعلق بمصير مليون و600 ألف فرانك سويسري لمونديال 1999 للرجال بمصر، والذي كان يترأس لجنته المنظمة، علاوة على اتهامه بالتلاعب بالتصنيف الآسيوي في دورة 2008 عن طريق التحكيم ودفع مبلغ بقيمة 600 ألف يورو في عقد مثير للشبهات مع شركة "سبورتفايف" للتسويق الرياضي.
7- الملاكمة:
وقعت واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ الألعاب الأوليمبية بدور سيول عام 1988 حينما وصل صاحب الأرض بارك سي هون للنهائي في الملاكمة بقرارات تحكيمية مثيرة للجدل حيث فاز على الأمريكي روي جونز. وتوجد شكوك حول حصول الحكام على رشوة بقيمة 10 آلاف دولار.
وبعد رحيل الباكستاني أنور شودري رئيس اتحاد الملاكمة الفاسد في 2006 هدأت الأمور كثيرا، ولكن هذا لم يحل دون اختفاء حالات التحكيم المثيرة للجدل.
8- رفع الأثقال:
ولا يخلو عالم رفع الاثقال من فضائح المنشطات، بل إنه يتم اكتشاف فرق يتعاطى كامل أفرادها موادا ممنوعة، حيث كشفت الفحوصات الأخيرة عن 11 حالة إيجابية في بلغاريا و21 بالهند و18 في أذربيجان و13 بكازاخستان وسبعة في أوزبكستان ومثلها في أرمينيا.
وكان البلغاريون حاولوا في البداية الخداع بتقديم عينات بول لا تخصهم ولكن الأمر لم ينطل على الجهات المعنية، وعامة فان حالات الإيقاف مدى الحياة في هذه اللعبة ليست بالقليلة.