عمان - بترا
لم توظف الدراما التلفزيونية العربية دورها الهام في تشكيل وعي الناس تجاه قضايا مختلفة بالشكل المطلوب ولم تقدم رسالتها بالصورة المأمولة منها , وهي صناعة تخضع لمعادلة تجارية وفقا لمعنيين . واكدوا لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الدراما التلفزيونية تملك التأثير الاكبر على الناس من وسائل الاعلام المختلفة , وهي الاقدر على تغيير مفاهيمهم وقناعاتهم . " عجزت الدراما العربية عن تقديم قضايانا في اطار فني شيق وعميق ، والاعمال الدرامية التلفزيونية حاليا يغلب عليها الطابع التجاري" وفقا للناقد المصري طارق الشناوي مضيفا انه لا يوجد عمل فني حتى الان قدم الربيع العربي في فترة ما بعد الثورات التي حدثت في بعض البلدان العربية مثل تونس ومصر وليبيا واستطاع الوصول الى عمق الحدث . واوضح اننا كعرب مقصرون ان لم نكن مذنبين في حق تاريخنا كله مشيرا الى انه على المستوى الدرامي والسينمائي لم يقدم عمل فني يترجم الارادة العربية العظيمة ويليق بالانتصار الذي تحقق في حرب اكتوبر 1973 . ونوه الى ان المضامين الاجتماعية ايضا بدأ فيها استخدام الفاظ ومشاهد تخدش الحياء العام بصورة كبيرة في السنوات الاخيرة مبينا انها انتقلت من السينما الى التلفزيون . ولفت الشناوي الى انه اصبح هناك استثمار تجاري لمثل هذه الالفاظ التي فيها من الاباحية الكثير ، وان هناك تعمدا مسبقا لاستخدامها بهدف اجتذاب قطاع اكبر من الجمهور ,مؤكدا ان الاستخدام المفرط لهذه الالفاظ في الاعمال الدرامية قد ينفر الناس ويؤدي الى نتائج عكسية , فالبيت العربي محافظ بشكل عام . وبين ان الدراما التلفزيونية اكثر تأثيرا على الناس من وسائل الاعلام , وهي اكثر قدرة على تغيير مفاهيمهم وقناعاتهم وبالتالي فان مسؤولية صناع الدراما تجاه مجتمعهم اكبر من مسؤولية القائمين على وسائل الاعلام المختلفة . وقال الشناوي ان نسبة الامية في الوطن العربية مرتفعة وانها وصلت في جمهورية مصر العربية الى حوالي 30 بالمئة موضحا في الوقت ذاته انه ليس كل من يجيد القراءة والكتابة قارئا جيدا للصحف , وان قراءة الصحف تراجعت في السنوات الاخيرة . واشار الى ان مسؤولية المخرج في ايصال الرسالة الصحيحة في اي عمل فني اكبر من مسؤولية الكاتب والمنتج وان البداية قد تكون عند الكاتب , لكن من حق المخرج ان يعترض ويضيف وهو المسؤول عن كل تفاصيل العمل الفني . وقال "ان مسؤولية العمل الفني اكاديميا وقانونيا تقع على المخرج وان النسبة الاكبر من المخرجين يتعاملون مع العمل الدرامي على انه مصدر رزق بغض النظر عن الرسالة التي يقدمها للمجتمع" . الباحث والكاتب الاردني محمود الزيودي نوه الى ان الدراما العربية بشكل عام عبارة عن تجارة مبينا ان الانتاج الاردني في مجال الدراما التلفزيونية تحول بعد توقف القطاع العام عن الانتاج في بداية تسعينيات القرن الماضي الى عملية تجارية تخضع لميزان العرض والطلب . واصبح المنتج الاردني وفقا لقوله اما ان يعرض عملا دراميا على قناة معينة بهدف تمويله او ان تطلب احدى القنوات منه تنفيذ عمل تقوم هي بالانفاق عليه مؤكدا ان العمل الدرامي في الحالتين سيعكس توجه القناة ورأيها ولا يحمل رأي الكاتب او مخرج العمل . ولفت الى ان الاحداث السياسية هيمنت في كثير من الاحيان على مشهد الدراما العربية بما فيها الدراما الاردنية موضحا ان هناك اعمالا تلفزيونية واذاعية اردنية تحدثت عن مشاركة الاردني لاخيه الفلسطيني في همه ونضاله وأرّخت للعلاقة بين الشعبين والتي تمتد الى عدة عقود . ولفت الكاتب التلفزيوني والمسرحي الزيودي الى احدى صور مؤازرة الاردنيين للفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الصهيوني مبينا ان سرايا تم تشكيلها من مدينة معان وعمان واربد وغيرها من المدن الاردنية للقتال الى جانب الفلسطينيين في الضفة الغربية . وقال ان مسلسلات ( تل العناب) 1978 و( هبوب الريح) 1980 و (وجه الزمان ) 1988 وغيرها، هي دراما اردنية توثق للنضال الفلسطيني الاردني الذي لم يتم تسليط الضوء عليه في الدراما العربية . ونوه الى جهود الملك المؤسس المغفور له جلالة الملك عبدالله الاول لحماية مدينة القدس والانتصارات التي سجلها الجيش العربي الاردني على أسوار المدينة المقدسة , وفي معركتي اللطرون وباب الواد عام 1948 بالرغم من قلة عدده مبينا خسائر الاسرائيليين الكبيرة في معركة اللطرون الى جانب اسر عدد كبير منهم . وقال ان مسلسلا اذاعيا بعنوان ( معركة الكرامة .. ذلك الفجر الدافىء) تم الانتهاء من تسجيله وستتم اذاعته الشهر المقبل بالتزامن مع ذكرى معركة الكرامة الخالدة والتي توافق للحادي والعشرين من آذار. وزاد ان المسلسل يحكي عن الانتصارات التي سطرها الجيش العربي الاردني في معركة الكرامة العام 1968 اذ انها تعتبر نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي خاصة انها جاءت مباشرة بعد نكسة حزيران العام 1967 . المخرج الاردني بسام المصري اكد ان الدراما التلفزيونية اقدر على التاثير في المجتمع من وسائل الاعلام مشيرا الى انها تحاكي مشاعر المشاهد وتخاطب وجدانه وذهنيته بعيدا عن المباشرة التي تعتمدها وسائل الاعلام في عملها . وقال ان في العمل الدرامي هامش خيال كبيرا وان مخرج العمل قد يلجأ الى المبالغة لتكريس مفهوم معين لافتا الى مسلسلي( عطر النار) و( نمر بن عدوان) وغيرهما . واوضح ان تأثير الدراما التلفزيونية يعيش فترة اطول مع المشاهد من اي تقرير صحفي وان هناك العديد من المسلسلات التي استمر تأثيرها مطبوعا في أذهان الناس لسنوات عديدة . وقال ان الدراما الاردنية , وليدة الاحداث السياسية التي مر بها الاردن والمنطقة العربية منذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين مضيفا ان اول مسلسل اردني كان بعنوان ( باب العمود) الذي يحاكي القضية الفلسطينية والهم الفلسطيني . وبين ان الدراما الاردنية ساهمت في بناء الوعي المجتمعي على الصعيدين السياسي والاجتماعي منوها الى انها لعبت الدور الرئيس في تشكيل العلاقة بين الشعبين الشقيقين الاردني والفلسطيني خاصة مع نزوح الفلسطينيين الى الاردن ومشاركتهم الحياة الاجتماعية والسياسية .