بغداد ـ جعفر النصراوي
غيب الموت المطربة العراقية عفيفة إسكندر عن عمر ناهز 91 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. وتوفت إسكندر أجلها في العاصمة بغداد الاثنين الساعة الثانية عشر والنصف صباحًا، بعد صراع طويل مع المرض والعزلة. وأكد مقربون من الفنانة عفيفة أنها طلبت قبل وفاتها أن تدفن بالقرب من والدتها في مقبرة الأرمن وسط العاصمة بغداد. وعفيفة إسكندر ولدت في سورية في العام 1921 من أب عراقي مسيحي وأم يونانية وهم عائلة مثقفة فنية، كانت والدتها تعزف على أربع آلات موسيقية وتدعى ماريكا دمتري وتعمل مطربة في ملهى هلال الذي كان يعرف في حينها "ماجستيك" ويقع في منطقة الميدان في باب المعظم، وكانت والدتها المشجع الأول وكانت تنصحها دومًا بأن الغرور هو مقبرة الفنان. وعاشت عفيفة في بغداد، وغنت في عمر خمس سنوات وكانت أول حفلة أحيتها بعمر ثمان سنوات في أربيل حيث أدت أول أغنية لها وهي "زنوبة"، كما لقبت عفيفة بـ"مونلوجست" من المجمع العربي الموسيقي كونها تجيد ألوان الغناء والمقامات العراقية، وفاتنة بغداد. تزوجت عفيفة وهي في سن الـ(12) من رجل عراقي أرمني يدعى إسكندر اصطفيان وهو عازف وفنان قدير وكان عمره يتجاوز الـ50 عامًا عندما تزوجا، ومنه أخذت لقب إسكندر. بدأت مشوارها الفني في العام 1935 في الغناء في ملاهي ونوادي بغداد وغنت في أرقى ملاهي العاصمة بغداد حينها مثل ملهى الجواهري والهلال وكباريه عبد الله وبراديز. واستطاعت عفيفة بنباهة تحسد عليها أن تتعلم وتتأقلم مع أجواء الفن، وتحولت إلى نجمة من نجوم الفن بسرعة كبيرة، والتف حولها شخصيات مهمة وذات مكانة اجتماعية، وغنت لهم المونولوج لمدة خمس او ست دقائق باللغة التركية والفرنسية والألمانية والإنكليزية. وسافرت عفيفة إسكندر إلى القاهرة خلال العام 1938وغنت هناك وعملت لمدة طويلة مع فرقة بديعة مصابني في مصر وهي أشهر راقصة وممثلة مصرية في الأربعينيات، وعملت أيضًا مع فرقة تحية كاريوكا وأبرز مشاركاتها العربية هي التمثيل في فيلم يوم سعيد مع الفنان الراحل الكبير محمد عبد الوهاب وفاتن حمامة وغنت فيه، لكن الأغنية لم تظهر عند عرض الفيلم بسبب المخرج الذي حذفها لطول مدة العرض التي تجاوزت الساعتين ومثلت في أفلام أخرى في لبنان وسورية ومصر منها "القاهرة ـ بغداد" إخراج احمد بدرخان وإنتاج شركة إسماعيل شريف بالتعاون مع شركة اتحاد الفنانين المصريين ومثَّل فيه حقي الشبلي وإبراهيم جلال وفخري الزبيدي، ومديحة يسري وبشارة واكيم، وكذلك فيلم (ليلى في العراق) إنتاج ستوديو بغداد وإخراج أحمد كامل مرسي ومثل فيه الفنانون جعفر السعدي والراحل محمد سلمان والفنانة نورهان وعبدالله العزاوي وعرض الفيلم في سينما روكسي عام 1949 ثم تعرفت إلى الأديب المازني والشاعر إبراهيم ناجي وهناك بدأ مشوارها الأدبي. ثم عادت إلى العراق واستقرت في بغداد. وكانت لعفيفة تقاليد خاصة في الفن والحياة، حيث كانت تملك صالونًا أنيقًا وفاخرًا، في منزلها الواقع في منطقة المسبح في الكرادة وسط العاصمة العراقية بغداد وضم مجلسها في ذلك الوقت أبرز رجالات السياسة والأدب والفن والثقافة في البلاد منهم الرجالات الذين كانوا يحرصون على حضور النقاشات من رجال الدولة في الحكم الملكي ومنهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري سعيد وفائق السامرائي عضو حزب الاستقلال وعضو مجلس الأمة، والنائب حطاب الخضيري وأكرم أحمد وحسين مردان وجعفر الخليلي وإبراهيم علي والمحامي عباس البغدادي والعلامة الدكتور مصطفى جواد الذي كان مولعا بفنها وجمالها ومستشارها اللغوي وتقرأ له الشعر قبل أن تغنيه، والفنانين حقي الشبلي وعبدالله العزاوي ومحمود شوكة وصادق الازدي والمصور آمري سليم والمصور الراحل حازم باك. ومن أكثر الملحنين الذين تعاملت معهم أحمد الخليل والملحن خزعل مهدي والملحن ياسين الشيخلي، ومن الأغاني التي قدمتها هي يا عاقد الحاجبين، ويا سكري يا عسلي، وأريد الله يبين حوبتي بيهم و قلب.. قلب وغبت عني فما الخبر، وجاني الحلو لابس حلو صبحية العيد، ونم وسادك صدري، ومن أغانيها أيضاً يايمة انطيني الدربين، انظر حبي وأشوفه، واغنية مسافرين، وأغنية قسمًا، وأغنية حركت الروح وغيرها من الأغاني الكثيرة بلغت أكثر من 1500 أغنية.