أكدت مصادر في الديوانة التونسية، أنها مرت إلى اعتماد أقصى المجهودات والأساليب والتجهيزات، لمقاومة ظاهرة تهريب السجائر التي انتشرت بعد الثورة، لتصل إلى مداها خلال الفترة الأخيرة.
و1300 مليار من الملّيمات هو رقم المعاملات، الذي تم تسجيله العام الماضي لفائدة السجائر المهربة مقابل 1500 مليار لمبيعات الوكالة الوطنية للتبغ والوقود، أي 43 ٪ للموازي المهرب و57 ٪ للمنظم.
وأكدت المصادر نفسها أن الديوانة شرعت في استغلال جملة من أجهزة الكشف المتطور التي تتلاءم أكثر مع حيل المهربين، والتي وصلت حدّ إدخال تحويرات على الهيكل الحديدي للشاحنات.
والسوق السوداء للسجائر هي أكبر مما يمكن توقعه، فهي ليست مجرد كراتين تدخل عبر الحدود، تحت إشراف مهربين عاديين يبحثون عن كسب قوتهم، أو ما شابه، وإنما وراءها شبكات موازية تقوم بتوزيع السجائر، بما في ذلك منتجات الوكالة، ليقفز هامش الربح إلى نحو 30 ٪ مقابل 6 ٪ فحسب على الورق.
وأعلنت المصادر أن المهرّبين محترفين إلى درجة لا تخطر على بال، فهم يلجؤون إلى حيل غريبة لمغالطة عون الديوانة، مثل إنجاز صندوق خفيّ صلب الهيكل الحديدي للشّاحنة، أو إخفاء التبغ في أكوام التبن أو مع قطيع الماشية حتى لا يتشجع العون على تفتيش الشاحنة.
وفيما يتعلق بمصادر السجائر المهربة، فإن مسلك التهريب حسب المعطيات التي تحصلنا عليها يقوم أساسًا على عدد من "البارونات"، الذين يستوطنون في دولتي الجوار إلى جانب التشاد والنيجر، وهؤلاء يتولون إيصال البضاعة إلى الحدود التونسية، ليتسلمها منهم كبار المهربين في تونس، والذين يتولون تخزين المنتجات المهربة في المناطق الحدودية، قبل أن تنطلق إلى مختلف جهات البلاد.
وعلى إثر عمليات التخزين في المناطق الحدودية يتم توزيع المنتجات المهربة، في كامل أنحاء البلاد عن طريق سيارات يقودها أشخاص يحصلون على عمولة لقاء مهمّة النقل، وتتلقى تلك السيارات القادمة من المناطق الحدودية تعليمات من كبار المهربين، بعدم التوقف تحت أي طائل وهو ما يجعل مطاردتها لا تخلو من مخاطر.
وأن كل سيارة أو شاحنة صغيرة تنقل منتجات مهرّبة عادة ما تسبقها سيارات أخرى تسمى "كشّافة"، وتتمثل مهمتها في رصد انتشار أعوان المراقبة لتحديد المسلك الآمن.
وعادة ما يستعمل المهربون سيارات كراء أو سيارات تم اقتناؤها عبر شركات الإيجار المالي. ويتم ترويج المنتجات المهرّبة حتى صلب المسالك المنظمة.
وتم توقيف عدد من أصحاب رخص توزيع التبغ بصدد ترويج منتجات مهربة سواء أجنبية أو تونسية مقلدة، وقد تم اتخاذ إجراءات وعقوبات ضدهم وصلت إلى سحب رخص التوزيع.
وكانت الديوانة أحبطت أربع عمليات تهريب في مينائي رادس وحلق الوادي، وتورطت فيها شبكة دولية لتهريب السجائر تنشط في دول الجوار. وعمليات التهريب تلك اعتمدت على دس السجائر بين المنتجات الفلاحيّة، حتى لا يتم التفطّن لها لجهة أن المنتج الذي يحتوي على مادة عضوية لا يظهر بوضوح على شاشة السكانار، وتبعًا لذلك فإن الكشف عن العمليات المذكورة تم عن طريق ما يسمى "الحدس" الديواني للأعوان.
ولعل ظاهرة تهريب السجائر تراجعت ومن المنتظر أن تتقلص أكثر باعتبار أن الديوانة تقوم بمجهودات كبرى من أجل تجفيف منابع التهريب بما في ذلك السجائر، عبر تكثيف الرقابة في مناطق التخزين على الشريط الحدودي ولاسيما جنوب البلاد. وقالت مصادرنا الخاصة إنه تم خلال العام الماضي حجز أكثر من 300 ألف صندوق سجائر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر