يرخي التاريخ بثقله على سوق العقارات في المانيا، ويتجلى هذا الوضع خصوصا مع فيلا واقعة على ضفاف بحيرة مترامية الاطراف استخدمها في الماضي وزير الدعاية للنظام النازي جوزف غوبلز للاختلاء بعشيقاته.
وتحاول برلين منذ خمسة عشر عاما بيع هذه الدارة التي تمثل نظريا احدى اهم ركائز القطاع العقاري في شمال العاصمة الالمانية.
وفي نهاية المطاف تراجعت شركة "برلين ايموبيلينمانجمنت" العقارية عن مشروعها لبيع الفيلا معربة عن مخاوف ازاء امكان انتقال ملكيتها الى "الايدي الخطأ".
وقالت المديرة التنفيذية للشركة بيرغيت مورينغ "اخشى حقا ان يتحول الموقع الى مزار للنازيين ولا اعتقد بضرورة القيام بهذه المجازفة".
في المقابل تسعى الشركة الى تأجير الدارة التي تتميز بموقع مميز في قلب منطقة حرجية على ضفاف بحيرة بوغن الصغيرة.
واستخدمت هذه الفيلا من جانب الوزير النازي البارز كـ"ملاذ ريفي" مثالي للقاءاته الغرامية مع ميل خاص لمواعدة ممثلات وخليلات.
وأوضح المتحدث باسم شركة "برلين ايموبيلينمانجمنت" كريستيان برايتكرويتز لوكالة فرانس برس ان الدارة كانت تستخدم "ملاذا للهروب من ضجيج المدينة" الواقعة على بعد 40 كيلومترا الى الجنوب.
وقد اشترت السلطات الالمانية قطعة الارض مع مقصورة صغيرة سنة 1936 لحساب غوبلز المسؤول عن الدعاية السياسية لنظام ادولف هتلر لمناسبة عيد ميلاده التاسع والثلاثين.
ويبدو أن غوبلز اعجب بالطابع المعزول لهذه الدارة لكنه كان يملك ايضا فيلا اكبر بكثير بنيت في موقع تموله شركة "يو اف ايه" للانتاج السينمائي التي ادارها بقبضة من حديد.
وشملت التجهيزات الفاخرة في الفيلا قاعة سينما خاصة ومسكنا فسيحا مطلا على البحيرة.
- رطوبة وبرد قارس -
وقال روبرتو مولر الذي يعمل حارسا في الموقع منذ العام 1984 إن الفيلا بوضعها الحالي لا تزال تضم النوافذ الأصلية الرحبة والألواح الخشبية المنتشرة في سائر انحاء الدارة وتجهيزات الرخام.
غير أن الدارة التي تضررت بفعل الرطوبة والبرد القارس في الموقع المعزول والمهجور، بدأت تنهار بسرعة.
وقالت مورينغ ان سلطات المدينة حاولت مرارا وتكرارا بيع الفيلا في السنوات الأخيرة. وكانت المحاولة الاخيرة صلت عن طريق مناقصة عامة في كانون الاول/ديسمبر من دون نتيجة، مؤكدا أن شركة "برلين ايموبيلينمانجمنت" تخلت عن الفكرة في نهاية المطاف.
وقد أقدم غوبلز وزوجته ماغدا على الانتحار في قبو هتلر بعد سيطرة القوات السوفياتية على برلين في ايار/مايو 1945 وذلك بعدما قتلت الزوجة أطفالهما الستة.
واتسم التعامل مع فيلا غوبلز بتعقيد اكبر لوجودها على قطعة الأرض عينها مع شاهد آخر على الماضي المضطرب في البلاد.
ففي سنوات ما بعد الحرب، بنت ألمانيا الشرقية مجمعا ضخما على الأرض وفق النمط الستاليني لمطلع خمسينات القرن الماضي لايواء مركز تدريب لمنظمة الشباب الشيوعي الألماني الرامية الى تلقين الشباب مبادئ الحزب الشيوعي.
كذلك استخدم النظام الموقع لاستقبال كوادر الحزب من "دول شقيقة" مثل فيتنام وكوبا وأنغولا.
في المجموع، تغطي المباني الأربعة العائدة لفترة ما بعد الحرب مساحة 1400 متر مربع من غرف للنوم وقاعات للمؤتمرات وبهو استقبال ومساحات للولائم. لكن هذه المواقع تتهاوى يوما بعد يوم.
وأضافت مورينغ "في الوقت الحاضر لا يوجد تدفئة ولا مياه جارية، وهناك أضرار جسيمة في الواجهات والأسطح تتهاوى وثمة عمل كثير يتعين القيام به في الداخل، مقرة بأن تكاليف التجديد ستكون "كبيرة".
حاليا يبقى الاستخدام الوحيد القابل للحياة لهذه القرية الافتراضية كموقع فريد لتصوير افلام كان اخرها عمل مقتبس من قصة "الون ان برلين" من بطولة ايما تومسون وبرندان غليسون.
وتابعت مورينغ "يهمنا جدا أن يقام مشروع ذكي هنا. فهذا المكان زاخر بالتاريخ، وليس فقط بالجانب السلبي منه. وموقعه كذلك مميز، فهو مكان معزول".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر