قد يكون انهيار شركة "هانجين شيبينغ"، اكبر الشركات الكورية الجنوبية العاملة في النقل البحري، مؤشرا للوضع الخطير في هذا القطاع الذي يتكبد اعباء تفوق طاقته بسبب التدهور الاقتصادي العالمي المطرد على ما يحذر خبراء.
وتسجيل مستويات ضعيفة في النمو في هذا القطاع في ظل ضعف الطلب ووجود كميات من السفن لدى الشركات العاملة في القطاع تفوق الحاجة اذ ان ربع مساحة التحميل عليها لا تزال فارغة.
وقد افضى هذا الوضع الى منافسة محمومة وانهيار في اسعار الشحن البحري ما يهدد بعض الشركات العملاقة العاملة في القطاع.
وقد ارغمت شركة "هانجين" الاسبوع الماضي على طلب تصفيتها قضائيا بعد رفض دائنيها مساعدتها في تسديد ديونها الهائلة المقدرة بستة الاف مليار وون (5,35 مليار دولار).
ومذاك، بات اكثر من نصف اسطول الشركة من السفن عالقا في البحر او على المرافئ في بلدان مختلفة بينها الولايات المتحدة والصين واسبانيا في ظل مخاوف لدى سلطات ادارة الموانئ في هذه البلدان من عدم تسديد مستحقات الشركة.
ويعتبر المحللون ان "هانجين" اساءت ادارة ماليتها العامة، غير أنهم يؤكدون ان كل شركات النقل البحري مهددة بالدرجة عينها بسبب الاشغال المفرط وضعف مستويات التبادل التجاري.
ويستحوذ قطاع النقل البحري على حوالى 80 % من عمليات التبادل التجاري للبضائع والمواد الاولية في العالم.
وقد شهد النقل البحري فترات ازدهار كبير بفضل الطفرة في القطاع الصناعي الصيني المعتمد بدرجة كبيرة على التصدير. وفي سنة 2008، سجل مستوى قياسي قدره 9,6 مليارات طن من المواد المنقولة عبر خدمات الشحن البحري، وفق ريتشارد كلايتن المحلل المتخصص في مجموعة "اي اتش اس".
- ازمة -
غير ان القطاع بدأ يترنح مع الازمة المالية العالمية سنة 2008.
ومع ان شركات النقل البحري معتادة على حالات الانكماش الاقتصادي، غير أن هذه الازمة لها طابع مختلف بسبب طول مدتها وخطورتها وفق كلايتن.
ويوضح كلايتن أن الشركات العاملة في القطاع توسع نشاطاتها عبر تقديم طلبياتها "مع استباق حصول ارتفاع في الطلب"، لافتا الى ان الفترة الفاصلة بين طلبيات السفن وتسليمها قد تصل الى خمس سنوات.
ويشير الى تسجيل "ازدياد في الطلبيات بين 2010 و2012 لكن لم يحصل تحول" في الوضع.
ويقول "الاقتصاد الصيني يترنح وتم تسليم سفن كثيرة. وأدى هذا الامر الى منافسة في هذه الصناعة مع اتجاه نحو تراجع الاسعار".
وكانت لمحاولات بكين تغيير النموذج الاقتصادي لمصلحة الاستهلاك الداخلي وعلى حساب الصادرات، تبعات لا يستهان بها على هذا النشاط الاقتصادي، اذ ان المحلل يلفت الى ان ما يقرب من 25 % من قدرات التحميل العالمية ليست مستخدمة.
وقد ادى الضغط الممارس على شركات النقل البحري المرغمة على تغطية جزء من نفقاتها الى انهيار الاسعار اذ ان سعر استئجار سفينة شحن تراجع من مئتي الف دولار يوميا سنة 2008 الى اقل من خمسة الاف دولار، على ما أظهر تقرير اصدرته شركة "جي ال تي سبيشالتي" للوساطة في تموز/يوليو.
- تدعيم القطاع -
وينذر هذا الوضع بتدهور خطير في مجال النقل البحري. ففي نيسان/ابريل، اظهرت تقديرات مجموعة "دروري ماريتيم ايكويتي ريسرتش" للبحوث أن القطاع سيخسر ما لا يقل عن ستة مليارات دولار هذه السنة.
واعلنت مجموعة "سي ام ايه سي جي ام" الفرنسية، ثالث كبرى المجموعات المتخصصة في النقل البحري، اخيرا عن خسائر قدرها 128 مليون دولار في الربع الثاني وحده.
ويوضح نائب رئيس المجموعة رودولف سعادة "نلاحظ استمرار الوضع الصعب في السوق مع مستوى غير كاف لاسعار الشحن ما يؤثر على ايراداتنا والاحتياطي الموجود لدينا".
وأدت مثل هذه النتائج الى تقارب مجموعات عدة من الشركات وفق راهول كابور مدير شركة "دروري فايننشل ريسرتش سرفيسز" في سنغافورة.
ويقول كابور لوكالة فرانس برس "نشهد ظاهرة تدعيم لأسس القطاع" من خلال عقود شراكة ناجحة نجمت عنها شركات "اكبر بكثير واكثر صلابة من الناحية المالية".
ومن بين العمليات الاخيرة على هذا الصعيد، شراء شركة "سي ام ايه سي جي ام" التي تتخذ في مدينة مرسيليا الفرنسية مقرا لها لشركة "نبتون اورينت لاينز" (ان او ال) المعروفة في سنغافورة، اضافة الى الاندماج في حزيران/يونيو بين "هاباغ - لويد" وشركة الملاحة العربية المتحدة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر