أكد هاريس جورجياديس وزير المالية القبرصي أن محاربة التطرف والإرهاب لا يمكن أن تتم عن طريق التدخل الخارجي وأن الحل الفعال للتغلب على انتشار الظاهرة يكمن بشكل رئيسي في تحقيق الأهداف الاقتصادية والأبعاد التنموية للدول، وخير ضمان للاستقرار هو تحسين الاقتصاد بالتوازي مع محاربة الأفكار المتطرفة والإرهابية.
وقال الوزير - خلال لقاء مع وفد من ممثلي الصحف المصرية ووكالة أنباء الشرق الأوسط والذي يزور قبرص حاليا - إنه من الضروري لمصر وقبرص أن تقوما بإنشاء شبكة إقليمية معنية بتأسيس الروابط الاقتصادية والتجارية بين دول شرق المتوسط وتفعل آلية لتوطيد الثقة والتعاون.
وتوقع جورجياديس المزيد من آفاق التعاون بين القاهرة ونيقوسيا على جميع المستويات خاصة وأن منطقة شرق المتوسط ستتحول قريبا إلى نموذج للتعاون بين دولها وذلك بفضل الثقة المتبادلة بين مصر وقبرص واليونان، وذلك بعد أن مرت على تلك المنطقة فترات عصيبة كانت بؤرة للمشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وأضاف أن قبرص على علم بأن الاقتصاد المصري يخضع الآن لمرحلة تحول على الرغم من أنه أحد أكبر وأهم الاقتصاديات في إقليم شرق المتوسط.. مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري يشهد الآن مرحلة لإعادة التطوير والاكتشاف للمشروعات الكبرى ومنها مشروعات البنية التحتية.
وأوضح أنه وخلال مشاركته في اجتماعات البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية عامي 2014 و2015 كان داعما بشكل كبير لانضمام مصر لهذا البنك بحيث تصبح دولة عمليات كاملة من أجل أن يقوم البنك الأوروبي بدعم مشروعات البنية التحتية الكبيرة بها ومشروعات التنمية التي يعتبرها الجانب القبرصي مهمة أيضا للتنمية ورفاهية المنطقة وليس مصر وحدها من خلال توفير فرص التعاون والمشاركة.
وأشار إلى أن الاقتصاد القبرصي يعتبر اقتصادا صغيرا مقارنة بالاقتصاد المصري، إلا أن قبرص لديها مميزات تنافسية إضافة إلى عدد كبير من الخبراء في مجال الخدمات التي تخدم القطاعات الأخرى وهو ما دفع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين لدعم الاقتصاد القبرصي للتغلب على بعض الصعوبات الحالية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
وأوضح جورجياديس أن الاقتصاد القبرصي ينمو ويطور نفسه بنفسه وهو ما يعطي فرصة وميزة إضافية لبلاده للبناء على العلاقات السياسية المميزة مع مصر للانتشار والتوسع في التجارة، مضيفا أن نيقوسيا تشجع بشكل كبير الاستثمارات المصرية في قبرص.
ولفت إلى أن وجود فرع ل"البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية" في مصر يعد فرصة جيدة للاقتصاد المصري خاصة وأن البنك يعتبر مصر منطقة عمليات كاملة .. مشيرا إلى أن هذه فرصة جيدة لربط الاقتصاد المصري بالاقتصاديات الأوروبية، ومذكرا بأن نيقوسيا لعبت دورا أمينا في جعل مصر دولة عمليات للبنك.
وأضاف الوزير القبرصي أن هذا الانضمام يؤكد حرص قبرص على أن تفيد مصر من علاقتها الاستراتيجية معها .. مشيرا إلى أن هذه الفائدة كان من بينها اعتبار مصر دولة عمليات للبنك الأوروبي لإعادة التنمية والبناء.
وحول رؤيته للتعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان وخاصة على ضوء القمة الثلاثية الثالثة التي ستعقد الشهر المقبل بأثينا، قال الوزير القبرصي إن شبكة العلاقات التي تجمع مصر وقبرص سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي قد تشمل دولا أخرى في المنطقة لخلق المزيد من الفرص وتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة سلام وتعاون ورفاهية.
وأضاف أننا ندرك وجود تحديات هامة في هذه المنطقة، ولذلك يجب ألا تسمح أي من دولها لهذه التحديات أن تمنعنا من استثمار الفرص والتطلع إلى آفاق أكثر رحابة لتحقيق رفاهية الشعوب.
وعن انضمام اليونان لهذه الشبكة، قال الوزير القبرصي إن وجود أثينا سوف يسهم في خلق ووجود جسور أكثر تواصلا بين مصر وأوروبا خاصة وأن مصر من دول الجوار الأوروبي الهامة.
وردا على سؤال حول اكتشافات الغاز الجديدة بالبحر المتوسط في المنطقة الاقتصادية البحرية المصرية، أوضح الوزير القبرصي أن هذه الاكتشافات تزيد بعدا جديدا وفرصة أخرى لشبكة التعاون بين مصر وقبرص وأفقا جديدا ممتازا للاقتصاديات في كلا الدولتين وفرصا للتصدير عن طريق مصر وخاصة أن قبرص لا تزال في المرحلة الأولى في مجال اكتشافات الغاز.
وآضاف "وليس سرا أن قبرص تعتزم التعاون مع مصر في مجال تسييل الغاز، كما أنها ستعتمد على مصر لتصدير هذا الغاز".
وأشاد الوزير بالعلاقات الجيدة مع مصر التي وصفها بأنها الحليف الأكبر بالنسبة لقبرص في المنطقة، متوقعا أن يلمس الشعبان المصري والقبرصي قريبا نتائج ملموسة لهذه الاكتشافات.
وردا على سؤال حول إمكانية تشكيل منظومة مصرفية ثلاثية بين مصر وقبرص واليونان لمواجهة المخاطر الاقتصادية المحتملة والقائمة، قال الوزير القبرصي إن فكرة إنشاء هذا النظام المصرفي لم تتم مناقشتها مع الجانب المصري ولا توجد نية لتدشينها بين قبرص ومصر حيث أن البنوك في قبرص غالبيتها قطاع خاص ولا توجد بنوك حكومية كثيرة .. مؤكدا أنه إذا تم مناقشة استراتيجية جديدة لمواجهة المخاطر الاقتصادية التي تتعرض لها مصر وقبرص فإنه لن يدخر جهدا في الموافقة عليها وتشجيعها حين تتم مناقشتها.
وحول أكبر القطاعات التي تسهم في موازنة الدولة بقبرص، قال إن اقتصاد قبرص هو اقتصاد خدمات في الأساس، والتي تشكل ثلاثة أرباع الموازنة تأتي من هذه الخدمات بما فيها السياحة صاحبة النصيب الأكبر وتقديم خدمات رجال الأعمال والمشروعات المالية وصناعة النقل والشحن البحري والعقارات.. مشيرا إلى أن هذه هى المحركات الرئيسية للاقتصاد القبرصي والمزود الأساسي لعائدات الضرائب التي تصب بالنهاية في الاقتصاد القبرصي.
وأكد أن هناك توازنا في فرض الضرائب في قبرص وهو الأمر الذي يجذب المستثمرين بشكل كبير، كما أن هناك إعفاءات كثيرة من الضرائب على المشروعات الجديدة .. لافتا إلى أن الجانب الأكبر من الميزانية القبرصية يذهب على الخدمات المقدمة للمواطنين مثل التعليم والرعاية الصحية والرفاهية وزيادة الدخل.
وقال إنه لا يوجد إنفاقات ضخمة في مجال البنية التحتية مثل ما يحدث في مصر والجانب الأكبر من هذه المشروعات يقوم به القطاع الخاص.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر