أكد التحليل الاقتصادي لمجموعة بنك قطر الوطني "كيو ان بي" أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتباطؤ النمو في الصين في عام 2016 قد يستمران في خلق تحديات للأسواق الناشئة، الأمر الذي قد يؤدي إلى استمرار تقلبات الأسواق المالية. ورجح التحليل الأسبوعي الصادر اليوم، أن يتم تطبيع السياسة النقدية في الولايات المتحدة بخطوات تدريجية، وأن تستغرق إعادة التوازن للاقتصاد الصيني وقتا طويلا، وهو ما يعني أن هذه التحديات الكبرى ستعيق تعافي النمو في الأسواق الناشئة خلال المديين القصير أو المتوسط.
ولفت إلى أن الأسواق الناشئة شهدت زيادة قوية في رؤوس الأموال في شهر مارس، وفقا لمعهد التمويل الدولي، وهي أقوى تدفقات مالية خلال 21 شهرا. وجاءت هذه التدفقات واسعة النطاق وشملت جميع المناطق الرئيسية الأربع.
وأضاف أن أسواق الأسهم في الأسواق الناشئة انتعشت أيضا بقوة منذ منتصف فبراير، وارتفعت بنسبة 14.3 في المائة من مستوياتها المتدنية لهذا العام، وتساءل عما إذا كان ذلك يعني أن الأسواق الناشئة قد بدأت تتعافى من مشكلات تباطؤ النمو وهروب رؤوس الأموال التي واجهتها في السنوات الأخيرة.
وأجاب بأن أزمة الأسواق الناشئة لم تنته بعد، حيث من المرجح أن تستمر التحديات الهيكلية التي تواجه الأسواق الناشئة، وأفضل تفسير لتدفقات رؤوس الأموال الأخيرة إلى هذه الأسواق هو أنها مجرد ارتداد من مستويات الضعف السابقة.
وقال إن رؤوس أموال قدرها 70 مليار دولار أمريكي خرجت خلال الشهور السبعة منذ يوليو 2015، من الأسواق الناشئة بسبب المخاوف من ضعف النمو، وتزامن ذلك مع التحديات الهيكلية الناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتباطؤ النمو في الصين.
وذكر التحليل الاقتصادي ل "كيو أن بي" أن خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة بلغ ذروته في شهر يناير 2016 حيث وصل 16 مليار دولار أمريكي مع تعاظم الرغبة في تفادي المخاطر في أسواق المال العالمية.
كما بدأت رؤوس الأموال في العودة للأسواق الناشئة مع تحسن مزاج المستثمرين تجاه تحمل المخاطر منذ أواسط فبراير، وبلغت التدفقات المالية الداخلة لهذه الأسواق 5 مليارات دولار أمريكي في فبراير 2016، ثم 37 مليار دولار أمريكي في مارس.
وهبطت أسعار الأسهم بقوة في الأسواق الناشئة في الأسابيع القليلة الأولى من العام، وانتعشت لاحقا محققة زيادة بنسبة 2.4 في المائة فقط في أسعار الأسهم لهذا العام حتى الآن. وتواجه الأسواق الناشئة تحديين هيكليين رئيسيين يؤثران سلبا على النمو ومن المرجح أن يستمرا، وهما تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة وتباطؤ النمو في الصين.
وأوضح التحليل أن الإعلان عن تخفيض برنامج التيسير الكمي في مايو 2013 أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وظروف مالية مشددة في الأسواق الناشئة حيث واجهت الاقتصادات الناشئة بعد ذلك موجات من هروب رؤوس الأموال، وتراجع قيمة عملاتها، وارتفاع أسعار الفائدة بها.
وتعاني العديد من الأسواق الناشئة من مستويات مرتفعة من الديون المقومة بالدولار الأمريكي، وأدى ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتراجع قيمة عملات الأسواق الناشئة إلى زيادة تكلفة تسديد وخدمة هذه الديون، مما أجبر الاقتصادات الناشئة على التوجه نحو التقليل من الاستدانة. وساهمت جميع هذه العوامل في التأثير سلبا على النمو.
ورجح أن تستمر الظروف المالية المشددة في الأسواق الناشئة، إذ من المتوقع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تطبيع السياسة النقدية وقد يقوم برفع أسعار الفائدة اكثر مما تتوقع الأسواق فعلا، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى مزيد من موجات هروب رؤوس الاموال وإضعاف عملات الأسواق الناشئة وارتفاع أسعار الفائدة فيها، وهو ما سيعوق تعافي النمو.
أما التحدي الثاني الذي يواجه الأسواق الناشئة فهو عملية إعادة التوازن للاقتصاد الصيني على المدى البعيد، التي تؤدي إلى تباطؤ النمو في الصين وتؤثر أيضا على التجارة العالمية، فقد تباطأ النمو في الصين من 10.6 في المائة في 2010 إلى 6.9 في المائة في 2015.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر