تتكيف مدينة ستافانيير الملقبة بعاصمة المحروقات في النرويج، بصعوبة مع انخفاض اسعار المشتقات النفطية وسط ازمة انعكست تجلياتها في سائر القطاعات الاقتصادية خصوصا عبر الازدياد الكبير في نسبة البطالة وتدهور اسعار العقارات.
روجر شورميير رجل في السادسة والثلاثين من عمره عاطل عن العمل منذ حوالى سنة بعدما كان مديرا لقسم المرئي والمسموع في شركة شتات اويل النفطية العملاقة ووقع ضحية خطتها التقشفية.
ويقول شورميير من داخل شقته في ضاحية ستافانيير الخضراء "اعمل منذ السادسة عشرة ولم اعان في السابق من البطالة. الامر غريب"، مضيفا "سمعت أن 300 او 400 شخص يتقدمون بطلبات للحصول على الوظيفة نفسها، الأمر معقد".
وللوهلة الأولى قد يبدو معدل البطالة في هذه المنطقة النفطية الواقعة في جنوب غرب النروج نموذجيا. الا انه يخفي وراءه ازديادا بنسبة 81 % خلال عام واحد، كما أن معدل البطالة في ستافانيير هو الأعلى حاليا في البلاد بعكس الاتجاهات السابقة. حتى أن شركات التوظيف تعمد الى تخفيض عدد موظفيها.
وهذا الوضع مرده الى التدهور الكبير في اسعار النفط، اذ تراجع سعر البرميل من اكثر من مئة دولار مطلع سنة 2014 الى اقل من 40 دولارا حاليا، ما يدفع بالشركات النفطية الى تقليص استثماراتها.
- تبدل الأولويات -
وقد كانت ستافانيير قرية للصيادين قبل أن تتحول مدينة غنية يقطنها 130 الف نسمة اثر اكتشاف بئر ايكوفيسك النفطي العملاق الذي لم ينته استثماره وقد أدخل النروج في زمن الازدهار.
لكن الاوضاع تبدلت، وتشهد على ذلك هذه السفن النفطية الثلاث الراسية حاليا في المرفأ من دون اي وظيفة عند مخرج المدينة، فضلا عن وقف شركة الخطوط الجوية الاسكندينافية "ساس" اخيرا رحلاتها المباشرة مع هيوستن المدينة النفطية الكبرى في الولايات المتحدة.
وتقول كريستين ساغن فيستبو رئيسة بلدية المدينة منذ 2011 "اتابع اسعار النفط على نحو شبه يومي".
وعندما بدأت هذه المسؤولة المحافظة عهدها الاول، تمثلت الصعوبة الاساسية التي واجهتها في جذب عدد كاف من المهندسين لتلبية الطلب. وكانت ستافانيير المنطقة النروجية التي تسجل فيها اعلى مبيعات لسيارات "بورشه" في النروج نسبة الى عدد السكان.
أما في الوقت الراهن، فقد باتت الاولوية تقضي بالحفاظ على الوظائف الحالية وايجاد فرص عمل جديدة عبر تغيير نقاط التركيز في السياسة الاقتصادية للمدينة.
وتبدي ساغن فستبو خشيتها من ان "الوضع سيتدهور اكثر في 2016"، قائلة "يتعين علينا ايجاد فرص عمل اكثر في قطاعات الصحة والطاقة المتجددة. نمتلك التكنولوجيا في قطاع النفط والغاز وعلينا استخدامها في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية والبحرية".
- زمن الرخاء ولى -
في مطعم "كافيه دو فرانس" الراقي، يمكن تلمس اثر تدهور العائدات النفطية في المدينة بوضوح، إذ تسجل هذه المؤسسة تراجعا في نسبة الحجوزات لفترة عيد الميلاد، كما أن نسبة رجال الاعمال الذين يقصدون الموقع تشهد تراجعا ملموسا.
ويوضح اميل هيمدال صاحب المطعم "سيكون هناك دائما صفقات تبرم الا ان الشركات باتت تطبق قواعد اكثر صرامة في ما يتعلق بالاجتماع بالزبائن اذ بتنا نرى عددا متزايدا من الناس الذين يتنقلون ذهابا وايابا في النهار بدل تناول العشاء في المدينة وتمضية الليل".
والوضع نفسه ينطبق على قطاع العقارات. فقد كان سعر المتر المربع في ستافانيير قبل فترة غير بعيدة يتخطى ذلك المسجل في العاصمة اوسلو الا ان الأمر لم يعد كذلك حاليا.
ويكشف يان يورغ بايبرغ رئيس وكالة عقارية في وسط المدينة أن الاسعار تسجل انخفاضا خصوصا منذ نهاية الصيف، كما أن المساكن المعروضة للبيع تبقى مطروحة في السوق لفترات اطول بكثير من السابق.
ويقول "هناك باعة كثيرون وعدد غير كاف من الشراة"، مشيرا الى ان "الجديد في الامر هو أن الناس يبيعون عقاراتهم قبل شراء اخرى. الوضع النفسي تغير اذ بات القلق يسود ازاء السعر الذي يمكن للباعة الحصول عليه".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر