يعمل محمد اقبال في البحث بين الوحل عن بقايا الذهب في ازقة سوق المجوهرات في كالكوتا، ويشرق وجهه بالأمل مع بدء ايام الاعياد الهندوسية التي تشهد ازدهارا في عمله.
فمنذ عهود طويلة، يعيش المنقبون عن غبار الذهب في كالكوتا من عملهم في التقاط جزيئات الذهب التي قد تفلت من المتاجر البالغ عددها حوالى الفين في سوق المجوهرات.
ومع حلول الاعياد الهندوسية، ومنها عيد ديوالي الخميس الماضي، يزدهر عمل الباحثين عن جزيئات الذهب جراء الحركة النشطة في متاجر المجوهرات هذه، وقد يضاعفون خلالها مدخولهم الشهري.
ويقول محمد اقبال لمراسل وكالة فرانس برس "العمل كثير هذه الايام خلال اعياد دورغا بوجا (الذي يحتفي بالالهة الهندوسية دورغا) وديوالي"، وهي مناسبة لنكسب المزيد من المال".
ويضيف "لم أتلق أي تعليم في حياتي، وقد ورثت هذه المهنة عن أبي وجدي، وأورثتها أيضا لأولادي..فنحن لا نتقن سوى هذا العمل".
وتشهد اعياد ديوالي، او عيد الانوار الهندوسي، اقبالا كبيرا على شراء الذهب، اذ يعتبر الهندوس ان هذه المناسبة مؤاتية لتقديم هدايا من هذا المعدن النفيس.
وتتزامن هذه الاعياد ايضا مع موسم الزواج في الهند، الذي يمتد من تشرين الاول/اكتوبر حتى شهر شباط/فبراير، ومن المعلوم ان الذهب يحتل مكانة كبيرة في هدايا الزواج.
وتستعد متاجر المجوهرات لهذه الفترة، وتضاعف المشاغل انتاجها، ويعكف الحرفيون على تصميم العقود المزخرفة وحلقات الاذن.
وفي خضم كل ذلك، تتساقط جزيئات الذهب من هنا وهناك، وتحملها مياه الصرف الصحي فتتجمع مع المياه الآسنة والوحل القذر. ومن هنا يعمل محمد اقبال وزملاؤه على استخراجها مجددا وبيعها.
ويتوقع تجار المجوهرات سوقا مزدهرة لهذا العام، ويقول باشهراج بامالوا مدير اتحاد اصحاب متاجر المجوهرات في الهند لوكالة فرانس برس "نتوقع فترة اعياد مزدهرة هذا العام مقارنة مع ما كان عليه الحال في السنوات السابقة".
ويقول "الحالة الاقتصادية جيدة والطلب على المجوهرات يرتفع".
وتعد الهند اكبر مستورد للذهب هي والصين، ويشتعل سوق الاستيراد فيها خلال الاعياد الهندوسية، الامر الذي يفاقم عجزها التجاري.
ويأمل مستوردو الذهب وبائعوه ان تلغي الحكومة الضريبة المفروضة بنسبة 10 % على واردات الذهاب منذ عام.
من جهة أخرى، سهل المصرف المركزي قيوده على استيراد الذهب، سامحا لعدد اكبر من التجار القيام بذلك، وهو اجراء ادى الى خفض اسعار هذا المعدن النفيس وزيادة الاقبال عليه.
ويشعر صناع المجوهرات في كالكوتا بشيء من الامتنان للعاملين في التنقيب عن الذهب بين الوحول والمياه القذرة، اذ يساهمون في الحفاظ على كلفة انتاج متدنية نسبيا، في قطاع يشغل 20 الف شخص.
ويقول نابين كومار شنبر من متجره الذي يعود الى العام 1883 "لولا هؤلاء الرجال لكنا مضطرين الى استيراد كل الذهب" المستخدم في المشاغل، من الدول الغربية.
ويضيف "انهم مفيدون جدا"، اذ انهم يتيحون ان تعود جزيئات الذهب من بين النفايات والمياه القذرة الى الدورة الاقتصادية.
مع ساعات الفجر الاولى، ينهمك عمال البحث عن الذهب، محمد اشو وشقيقاه، في البحث عن ضالتهم بين بقايا اغلفة من البوليستيرين ملقاة امام مشغل.
ويبدو اصغرهم سنا، محمد امير الذي لا يعرف كم عمره ولم يدرس حرفا واحدا في حياته، واثقا من انه عثر على جزيئات ذهب في هذه البقايا.
وان صح ذلك فسيكون خبرا سارا جدا لمحمد اشو الذي وضعت زوجته طفلا قبل عشرة ايام..
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر