اختتمت اليوم فعاليات مؤتمر "توجهات كبرى- عمليات الاندماج والاستحواذ" والتي عقدت تحت رعاية سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد ونظمه "بي دبليو سي" و"لايثم آند واتكنز" و"مجلس دبي الاقتصادي" في قاعة المؤتمرات بمركز دبي المالي العالمي وبمشاركة واسعة من قادة الأعمال وقطاع عام وشركات أسهم خاصة وتمويل وقطاعات قانونية لمناقشة الاتجاهات الحالية في مجال "الأندماج و الاستحواذ".
وناقش المؤتمر آخر التوجهات العالمية في عمليات الاندماج والاستحواذ الداخلية والخارجية لدى الشركات العالمية ..وتناول أهم الممارسات العالمية في هذا المجال والدروس المستفادة لجهة تعزيز السياسات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الامارات ودول المنطقة.
وفي كلمته الافتتاحية اشار هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي الى أن عمليات الاندماج والاستحواذ تشكل احدى الممارسات في عالم الأعمال اليوم ..وعلى اختلاف أنواع هاتين العمليتين ومكوناتها وأبعادها واستحقاقاتها المالية والقانونية فإنها باتت من أهم عناصر استراتيجية الشركات في إطار سعيها للنمو والتوسع وتنويع منتجاتها.
وذكر أن التقارير العالمية تفيد بان هذه العمليات على الصعيد العالمي قد شهدت نموا كبيرا خلال السنوات الماضية رغم التفاوت الحاصل من إقليم جغرافي إلى آخر ووصلت أحجامها وقيمها الى مستويات غير مسبوقة تجاوزت ترليونات الدولارات.
وأوضح ان أهم العوامل التي ساعدت على توجه الشركات نحو هذه العمليات هو تنامي وتائر العولمة عبر الحدود والتنافس المحتدم بين المؤسسات المالية ما أدى الى انخفاض تكلفة التمويل وبالتالي مقدرة سوق الديون على تمويل هذه العمليات.
ونوه الهاملي الى أهم المنعطفات التي شهدتها حركة الاندماجات والاستحواذات على المستوى العالمي حيث ذكر أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في سبتمبر 2008 قد شكلت نقطة تحول في حركة الاندماجات والاستحواذات العالمية ..فقد أحدثت الأزمة المذكورة تصدعا في البيئة الاستثمارية وحالات من عدم التؤكد لمعظم دول العالم لاسيما في ظل انخفاض أسعار الأصول والأسهم نتيجة انخفاض الطلب عليها وشح السيولة وبالتالي تضرر العديد من القطاعات ما جعل الكثير من الشركات العاملة فيها تلجأ إلى عمليات اندماج واستحواذ من قبل شركات أخرى.
وأضاف أنه قد ساد النظر الى هذه العمليات على أنها أحد الحلول التي تلجأ اليها الشركات والحكومات في ظل أوضاع معينة قد يمر بها الاقتصاد العالمي أو الاقليمي أو المحلي بيد أنه ومن جانب آخر فإن من أهم مسوغات لجوء الشركات الى هذه العمليات هي الاستفادة من مزايا الحجم الكبير وزيادة إيرادات الشركة وحصتها ونفاذها في السوق اضافة الى تنويع الأنشطة.
وافاد الهاملي بأن دول مجلس التعاون الخليجي قد أخذت حصتها من عمليات الاندماج والاستحواذ وباتت سوقا لأنشطة واسعة لها سواء من قبل شركات محلية أو خليجية أو عالمية ..ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في هذا الاتجاه هي الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها دول المنطقة خاصة لجهة تحرير الاستثمار الأجنبي ووجود الأذرع الاستثمارية للحكومات ووفرة السيولة لاسيما في فترات ارتفاع أسعار النفط وسيادة نمط الاستثمار الذكي لدى الشركات العاملة في المنطقة والذي يبحث عن الفرص الجيدة مع استعداد المستثمرين لتحمل مخاطر عالية لتحقيق عوائد أعلى.
وأشار الهاملي الى أن دولة الامارات تأتي في مقدمة دول مجلس التعاون الخليجي استئثارا بحصص الاندماجات والاستحواذات فقد شهد تصنيف الإمارات تحسنا ملموسا حيث نجحت في الصعود مرتين خلال السنوات الخمس الأخيرة بفضل التقدم الواضح الذي أحرزته في قطاع تكنولوجيا المعلومات فضلا عن البيئة التنظيمية المستقرة وإمكاناتها القوية كسوق نمو مستقبلي واعد لعمليات الدمج والاستحواذ.
وأضاف انه رغم تزايد الاهتمام بعمليات الاندماج والاستحواذ تفيد التجارب العالمية بأن هذه العمليات لم تفض جميعها الى نتائج إيجابية لأسباب عدة لعل أهمها هو "التعقيد" الذي تنطوي عليه هذه العمليات خاصة عندما يتعلق الأمر بعمل الوساطة الخارجية وتشمل حوكمة الشركات وأنظمتها وكفاءة الأفراد اضافة الى العوامل التشريعية والسياسية وثقافة الأعمال في الدول التي تحصل فيها تلك العمليات الى جانب ارتفاع تكلفة هذه العمليات.
وأعرب الهاملي عن سروره في الشراكة القائمة بين مجلس دبي الاقتصادي مع شركتي "لايثم آند واتكنز" و"بي دبليو سي" في تنظيم هذا المؤتمر وتمازج الرؤى حول سبل الاستفادة من التطورات الحاصلة في ظاهرة الاندماج والاستحواذات لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية في دبي ودولة الامارات.
وتحدث في المؤتمر نخبة مختارة من قيادات الأعمال لكبريات الشركات الوطنية والدولية اضافة الى خبراء دوليين منهم حسين هاشم الرئيس التنفيذي لشركة أرامكس وفادي غندور المؤسس لشركة أرامكس والدكتور أحمد بن حسن الشيخ نائب رئيس مجلس إدارة شركة "دوكاب" والدكتور علي الصادق خبير اقتصادي أول في مجلس دبي الاقتصادي والدكتورة ايلينا آينشفيجانا خبير اقتصادي عن منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي.
كما تضمنت أجندة المؤتمر العديد من الجلسات والكلمات الرئيسة وتركزت المناقشات على قضايا مهمة في موضوع الاندماج والاستحواذ من قبيل ما مدى توافق عمليات الاندماج والاستحواذ مع استراتيجية التنمية لدولة الامارات ودبي؟ وما هي أهم الاتجاهات والممارسات العالمية الحالية في عمليات الاندماج والاستحواذ في مختلف القطاعات ومنها الطاقة والصحة والتعليم؟ ما هي المنافع المتوقعة من قرارات الاندماج والاستحواذ وما هي تداعياتها على الاقتصاد الوطني خاصة لجهة جذب الإستثمارات الأجنبية؟ وما هي أهم الشروط المسبقة والعوامل المساعدة الواجب توافرها لإنجاح عمليات الاندماج والاستحواذ؟ ما هي الدروس المستقاة من هذه التجارب لترشيد القرارات الاستراتيجية للشركات الوطنية العاملة في دولة الامارات وسائر دول المنطقة؟ وما مدى جاهزية الاطار التشريعي والقانوني في دولة الامارات للاقبال على عمليات اندماج واستحواذ في إطار الأهداف التنموية؟.
كما استعرض حسين هاشم تجربة شركة "أرامكس" في مجال الاندماج والاستحواذ حيث تحدث عن مسيرة نمو الشركة واستراتيجية الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا.
فيما تحدث سعادة الدكتور أحمد بن حسن الشيخ في جلسة حوار جاءت تحت عنوان "مرئيات القطاع الخاص بشأن عمليات الاندماج والاستحواذ والسياسات المثلى لتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي" أدارها عرفان الحسني رئيس التحرير بمجلس دبي الاقتصادي ..مشيرا الى أن حركة الاندماجات والاستحواذات قد بدأت تاخذ رواجا في عدد من دول المنطقة بيد انها لاتزال بحاجة الى الكثير من الممارسات والوقت لتنمو.
وسلط ابن الشيخ الضوء على ثلاثة عوامل محددة لحركة الاندماج والاستحواذ في المنطقة وهي الثقافة المحلية والحوكمة الرشيدة اضافة الى دور المؤسسة الاعلامية لنشر الوعي بين صفوف مجتمع الأعمال بمزايا العمليات المذكورة واستحقاقاتها المالية والقانونية.
وفي جلسة نقاش تحت عنوان "آفاق عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية" أدارها اندرو ماكلين شريك لايثم أند واتكنز استعرض الدكتور علي توفيق الصادق خبير اقتصادي من مجلس دبي الاقتصادي الاتجاهات الحالية في صفقات الاندماج والاستحواذ وتحديد القطاعات التي تشهد نموا فيها.
وذكر أن ثمة تقلبات شهدتها حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال فترات مختلفة وان معظم هذه التدفقات تتجه نحو قطاع الخدمات اضافة الى العقارات.
وتحدث توم ايميت المدير الاقليمي للشرق الأوسط وشمال فريقيا في بنك ستاندرد تشارترد عن عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط حيث ذكر ان هناك اهتماما واضحا في هذه العمليات في العام الحالي مقارنة بالعامين الماضيين خاصة في بعض القطاعات مثل الاتصالات والبنوك وبعض القطاعات ذات وفورات الحجم الكبير واصفا اياها بانها قطاعات واعدة في هذا المجال ..وذكر ان هناك عاملين مهمان في حركة الاندماج والاستحواذ وهما اسعار النفط والبنوك.
من جهته ذكر ريتشارد رولنشاو الشريك في "بي دبليو سي الشرق الأوسط" ناقش عمليات الأستحواذ والأندماج العالمية ..مؤكدا أن العديد من الصفقات التي أعلنت هي استراتجية وعبر الحدود.
وأضاف أنه من حيث الحجم سجلت كل منطقة نمو اذ شهدت الولايات المتحدة نموا قويا جدا وكذلك الصين في حين دفعت ألمانيا النمو في أوروبا وأما بالنسبة لبريطانيا وهولندا وفرنسا فهي قد سجلت أيضا نموا جيدا ..اما افريقيا فنشاطها آخذ في الارتفاع.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر